في خضم أزمة كنيسة مريناب بأسوان, خرج علينا المحافظ بتصريح يفيد بأن داعية دينيا قام باستثارة الشباب, الذين وصفهم, بـالمتحمسين والغيورين لهدم الكنيسة, التي يصر علي تسميتها بالمضيفة, وكان يقول في التليفزيون الرسمي أنه للأسف, وكرر كلمة للأسف مرتين بأن داعية دينيا فعل ذلك. هل لنا أن نتساءل بعد مرور أكثر من أسبوعين علي تصريحات المحافظ الهمام: ماذا فعلت أجهزة الدولة الرسمية إزاء هذا الداعية الديني؟ هل قدم لجهات التحقيق بناء علي شهادة المحافظ نفسه وليس المسيحيين. لا أعرف, ولكن لم أسمع ما يفيد بأن ذلك حدث.
هذه هي أحد أبعاد المأساة التي نعيشها. هناك من يحرض صراحة علي استهداف الأقباط وممتلكاتهم, ونشر روح البغضاء والكراهية في المجتمع, ويدفع في اتجاه حرمان الأقباط من حقوق المواطنة كاملة. لا تعتبر السلطات الرسمية أن ذلك جريمة, ولا تخضع الشخص الذي يفعل ذلك للتحقيق. يخرج داعية ديني علي الهواء ليقول أن الأقباط كفرة, لا يراجعه أحد. تنشر كتابات تنال من العقيدة المسيحية لا أحد يراجعها, يعج الإنترنت بكلام يسفه من المسيحية والمسيحيين ولا يخضع أحد للمساءلة, في حين أنه يخضع للتحقيق لو اقترب من الإدارة السياسية للبلاد الآن مثلما حدث مع الذين تطاولوا علي المجلس العسكري.
لا أحد يريد انتشار لغة التطاول والطعن والتحريض, وإذا كانت هناك منابر مسيحية قليلة- لا تصدر من قلب مصر ذاتها- بدافع من الغضب والانفعال تخوض في العقيدة الإسلامية, فإن ذلك يحدث بسبب المناخ المحتقن, وسنوات طويلة مرت ظلت العقيدة المسيحية محل طعن دون أن توقف مؤسسات الدولة ذلك.
نشر الكراهية ليس تعبيرا عن الرأي, ولا يمكن في أي مجتمع يحترم نفسه أن يسمع بأن تسوق الكراهية علي هذا النحو ثم نتساءل لماذا الأقباط محتقنون, ولماذا كرس التليفزيون المصري خدمته ليلة الأحد السوداء لتدوير مشاعر الكراهية؟