الثورة خروج علي النظام السائد. ولكن بناء نظام جديد هو تدشين لنظام يقوم علي حكم القانون. نحن الآن في مرحلة وسط بين نظامين, أحدهما يمضي, والآخر آت في الطريق. لا يصح أن تكون بداية النظام الجديد بشكوك حول تطبيق العدالة.
لم يعد همسا ما يتحدث عنه كثيرون من ضغوط الرأي العام علي المؤسسة القضائية التي تتولي محاكمة عناصر النظام السابق, بدءا من رئيسه المخلوع وأنتهاء بزبانية حزبه القابعين في سجن طره. نقول دائما نحن نثق في عدالة القضاء, ولكن المهم أن ندرك أن العدالة في مجتمعنا ليست سريعة مثلما يتوقع البعض, بل تحتاج وقتا, وقد يطول إلي شهور وربما سنة أو أكثر. والقاعدة الذهبية في ذلك المتهم برئ إلي أن تثبت إدانته. لا يصح أن نفرط في هذا المبدأ, لأنه قاعدة قانونية في شتي دول العالم, والحكم الذي يمارسه الرأي العام علي أشخاص بعينهم, قد لا يكون في النهاية حكم المحاكم. ينبغي أن ندرك ذلك.
وليس صحيحا أن كل من يطالب بتطبيق قواعد العدالة, أو عدم التسرع في إصدار الأحكام من فلول النظام السابق, لأننا لن نستبدل نظاما يفرض المحاذير بآخر عشنا فيه عقودا نتحسس الخطوط الحمراء حتي لا نعبرها, وهناك ممن لم يدركوها وجدوا أنفسهم في السجن وسط ذهول من المجتمع لماذا هؤلاء؟ وما الذنب الذي فعلوه؟ وكثيرا ما بحث الناس في أخطاء القابعين في السجن غير تلك التي حوكم هؤلاء بسببها.
تجربة ولت, ولا نريدها أن تعود. جيد أن يترك الناس للقضاء شأنه, طالبين بالعدالة للمتهمين, وهو أمر نحرص عليه من أجل مصر المستقبل التي تقوم علي العدالة.