كثيرون طالبوا باستقالته, وفعلها في النهاية وزير النقل والمواصلات محمد منصور. بالطبع ما حدث في العياط كارثة بكل المقاييس, ولاسيما بعد أن قررت هيئة السكك الحديدية الضحك علي الجمهور ببث إعلانات متوالية تتحدث عن الإنجازات والتقدم, وتتهم المواطن بأنه يسيء إلي هذا المرفق الحيوي. ولكن كشفت شكاوي الجمهور عن أن أول من يسئ إلي هيئة السكك الحديدية هم القائمون عليها. وكانت البدايات واضحة خلال الأسابيع الماضية. قطارات الصعيد تتأخر بالساعات, وضرب الإهمال القطارات المتجهة من القاهرة إلي الإسكندرية, والعكس في صورة تأخير بالساعات عن مواعيد الإقلاع والوصول, فضلا عن تردي المستوي الداخلي للقطارات. الكل اشتكي, وكثيرون كتبوا, ولكن- كالعادة- لا يستيقظ المجتمع إلا عند حدوث الكارثة. وقد حدثت واستقال الوزير, وسبقه وزير آخر للنقل والمواصلات هو إبراهيم الدميري في أعقاب كارثة حريق قطار الصعيد عام 2002م التي أودت بحياة ثلاثمائة وخمسة وسبعين مواطنا.
محمد منصور هو كبش فداء, مثلما كان إبراهيم الدميري كبش فداء لتهدئة الرأي العام, ولاسيما أن حادثة العياط وقعت قبل أيام من انعقاد المؤتمر السنوي للحزب الوطني, وقبل شهور من الانتخابات البرلمانية. ولكن القضية أعمق من هذا. في السنوات الماضية أنفقت مليارات علي إصلاح هيئة السكك الحديدية, واستقدمت الهيئة جراراتا من الولايات المتحدة, قيل بشأنها الكثير, وشكك كثيرون في كفاءتها, والآن نراها تتعطل في الطريق رغم مرور شهور علي استيرادها. وتشير تقارير للجهاز المركزي للمحاسبات إلي حدوث تجاوزات في هيئة السكك الحديدية, ورغم ذلك العاملون فيها يشكون, وترتفع حناجرهم مطالبة بالتغيير, وتحسين الأوضاع, ورفع شروط الآمان علي الطريق.
باختصار المشكلة ليست في الوزير رغم أنه يظل مسئولا سياسيا.المشكلة الحقيقية في احتياج هيئة السكك الحديدية إلي رئيس محترف من أبنائها, يعرف خباياها, ومثالبها, وفرص تقدمها. وهو أمر لم تنعم به بعد هيئة السكك الحديدية حسبما يشكو أبناؤها.