تثبت المعارضة كل يوم أنها في مأزق قد لا تستطيع الخروج منه في الأمد المنظور.
العام المقبل سوف تجري انتخابات مجلس الشعب, وفي العام الذي يليه سوف تجري انتخابات الرئاسة حسب القانون. أحزاب المعارضة استبقت الحدثين بجهود تنسيقية, وبيانات, واحتجاجات, وجدل عام, في الوقت الذي أعلن فيه الحزب الوطني أن الأمر لا يعنيه, وأنه مستمر في نشاطه, ولا يشغله أمر الانتخابات الرئاسية. يثبت كل يوم يمضي أن استباق الأحداث لم يسفر سوي عن أمر أساسي هو الكشف عن ضعف المعارضة, بل وانكشافها علي الساحة السياسية.
فمن ناحية أولي أعلن البعض عما اسماه تحالف من أجل ##الرقابة الدولية علي الانتخابات##, وهي في ذاتها ليست مشروعا سياسيا, بل مجرد إجراء لضمان سلامة الانتخابات. هناك أحزاب قبلت, وأخري رفضت. كشف ذلك عن عدم قدرة الأحزاب علي تكوين جبهة معارضة كما كانت التصريحات تشير.
مرة أخري, يحاول بعض المعارضين التجمع حول شعار ##لا للتوريث##, وهو شعار بات أقرب إلي التابوهات في الحياة المصرية, الكل يتحدث عنه دون أن نفهم مردود له في الواقع العملي. القضية اليوم هي برامج, وتنافس, وحوار, وديموقراطية. بدلا من شخصنة المسائل, وتحويل الشخصي إلي عام, ما المانع في أن يتحول الجدل العام إلي نقاش مفتوح حول البرامج؟,من يريد أن يترشح لأي منصب, فهو أمر مكفول له قانونا, ولكن أين هي البرامج السياسية التي يجري علي أساسها التقييم؟,وما الضمانات لحرية التنافس السياسي؟.
أسئلة تحتاج إلي بحث وحوار, بدلا من التعبئة السياسية الدعائية.
الأحزاب والقوي السياسية المعارضة تحتاج اليوم إلي الاستعداد لحدثين سياسيين مهمين: الانتخابات البرلمانية, والانتخابات الرئاسية. الاستعداد بتهيئة مرشحين, العمل علي مستوي الشارع, تطوير الخطابات, إعداد البرامج, بناء التحالفات… كل ذلك عمل جاد, تراكمي, لا ينجز بين يوم وليلة, ولعله أصعب من المساجلات والمناكفات الإعلامية الدائرة حاليا.