في شهر رمضان, الذي من المفترض فيه أن يكون مناسبة لارتفاع مستوي الأخلاق, شهد المجتمع المصري أحداث عنف مروعة, تمثلت في حوادث قتل ومشاجرات استخدمت فيها أسلحة نارية, وبيضاء ومواد حارقة. هناك تقرير أمني تناولته الصحف رصد مثل هذه الحالة, وأشار إلي أن القاهرة والجيزة شهدتا أكثر أحداث العنف, ربما لأنهما الأكثر ازدحاما.
ماذا حدث في المجتمع المصري؟
هناك أسباب يمكن أن تفسر لنا تنامي ظاهرة العنف في المجتمع.
أول هذه الأسباب هي الحالة الاقتصادية المتمثلة في تزايد الأعباء, وارتفاع الأسعار, وكثرة وتنوع السلع الاستهلاكية, مما جعل الشخص العادي في حالة عجز, وغضب مستمر, ينفثه في وجه من يختلف معه, وهو ما يفسر لنا أن الكثير من أحداث العنف اشتعلت من أحداث بسيطة, وبعضها شديد التفاهة.
ثاني الأسباب الشعور بأن المجتمع يسير بلا بوصلة, ولا أحد يعرف مستقبله السياسي. الهامش الديموقراطي يضيق ولا يتسع, والديموقراطية القائمة هي للمناكفات والمكايدات الصحفية لا أكثر, دون أن يكون لها دور في ارتفاع حالة التعددية والنقاش في المجتمع.
ثالث الأسباب تردي نوعية الحياة التي يعيشها المواطن حتي في أكثر الأماكن رقيا علي المستوي الحضري. قمامة تحاصر المواطن أينما وجد, ومشاهد القبح في حالة تناسخ مستمر, وفاكهة تروي بمياه المجاري, وأرض تهبط, ما الحكاية؟. ما يحدث في القاهرة لا مثيل له في أي عاصمة عربية أخري, وليست أوربية, لماذا التدهور مستمر في نوعية الحياة, وأذواق الناس, وأساليب التعبير عن الهموم؟.
يمكن أن نجد أسبابا أخري تستقر في اللا وعي الجمعي, تدفع المواطن إلي التحرك بوحي من غضبه, وسخطه, دون أن يكون رشيدا بما يفعله.
هذا عن العنف البدني والسلوكي, فما بالك بالعنف اللفظي والذي بلغ مستويات متدنية غير مسبوقة.
هذا هو حال المجتمعات التي تواجه مشكلات متنامية دون أن تكون لديها مساحة من الحوار الجاد, وقدرة علي إدماج المهمشين, والساخطين, والغاضبين.
إذا لم ننتبه, فالمقبل قد يكون أكثر سوءا.