تغرق هيئة السكة الحديد, التابعة لوزارة المواصلات, التليفزيون طيلة شهر رمضان بإعلانات تتحدث عن الإنجازات التي تقوم بها, في الوقت الذي تردد فيه الحكومة أن الهيئة تعاني من خسائر متوالية. ما مناسبة هذا الكم المتوالي من الإعلانات, وما يترتب عليه من زيادة في التكاليف, وإرهاق للميزانية المختلة؟
الواقع يشير إلي أن الإنجازات التي تتحدث عنها هيئة السكة الحديد مجرد ##دعاية##.
بالفعل اشترت الهيئة ##جرارات## جديدة تتحدث عنها, وتقوم في الوقت الحاضر بتحديث عربات القطارات, ولكن مستوي الخدمة لا يزال علي رداءته. قطارات الصعيد يندر أن تصل إلي المحطات في موعدها, ويصل التأخير في بعض الأحيان إلي عدة ساعات. وعلي خط القاهرة الإسكندرية, المفترض فيه الانضباط, تغادر أحيانا القطارات متأخرة عن موعدها, ولا يعرف موعد وصولها إلي محطتها النهائية.
في كل دول العالم المتقدم القطار هو رمز الانضباط والالتزام, يصل إلي المحطة بالدقيقة والثانية, ويغادرها بالدقيقة والثانية, يسير مثل عقارب الساعة, لا تأخير ولا اختلال. وكالعادة فإن مصر متأخرة عن بقية دول العالم. تاريخيا يوجد في مصر ثاني أقدم سكة حديد, ورغم ذلك تسير الأوضاع من سئ لأسوأ ولم يبق أمامنا سوي الإعلان عن الإنجازات, والتمهيد لرفع أسعار تذاكر القطار.
السكة الحديد في مصر تحولت إلي لغز. الحكومة تقول إنها هيئة خاسرة, مدعومة, مثل بقية وسائل المواصلات. ولا أعرف كيف لمثل هذه الهيئة أن تخسر في ضوء الإقبال المتزايد علي القطارات إلي الحد الذي يصعب عليك أن تجد مقعدا خاليا في قطارات مثل الصعيد قبل أيام من موعد السفر. القضية ليست في الأسعار. في المغرب تقارب أسعار تذاكر القطارات أسعار التذاكر في القطارات المصرية, ولكن هناك فارقا في النوعية والكفاءة والنظافة. أتحدث عن دولة عربية, ربما ظروفها الاقتصادية ليست أفضل مما نحن عليه. القضية تعني في المقام الأول بالانضباط, والنظافة, وغياب ثقافة الفساد والفهلوة, والإعلانات مدفوعة الأجر.
في الأمثال الشعبية الدارجة نستنكر أن تتحدث العروسة عن نفسها, تاركة الحكم للآخرين. هيئة السكة الحديد تعرف الحكم مبكرا, ولذلك تتحدث عن نفسها.