مساحة التسامح تتضاءل في المجتمع المصري, الذي صار محتقنا, غير قابل لاختلاف أو تنوع. في نقابة الصحفيين رفض غالبية أعضاء مجلس النقابة (باستثناء جمال فهمي) الموافقة علي استضافة مؤتمر لجماعة مصريين ضد التمييز حول التمييز في التعليم,وسبق لأحد أعضاء المجلس برفقة صحفيين آخرين أن منعوا مؤتمرا مماثلا للجماعة بإغلاق أبواب النقابة في وجه الحضور, ونقيب الصحفيين نفسه. ومنذ أيام استضافت إحدي قاعات النقابة مطربا من جنوب السودان, ثم ثارت ثائرة بعض الصحفيين. وحتي يزداد الأمر سخونة, قيل إن بعض الحاضرين كانوا يحتسون البيرة مما يتعارض مع قيم النقابة. ونشبت مناقشات من قبيل هل هي ##بيرة## أم ##بيريل##؟.
يحدث هذا في نقابة يفترض أنها ##نقابة رأي## في المقام الأول. لم يعد أحد يطيق استضافة نشاط مختلف في إحدي قاعات النقابة ##بأجر##؟ إلي هذا الحد ضاقت حرية التعبير في إحدي ساحات الفكر؟. نقابة الصحفيين التي كانت واحة للفكر, وحرية الرأي,والمسجالات الثقافية العميقة.تحولت الآن إلي مجمع استهلاكي في الدور الأول, يجاوره معرض ملابس جاهزة,في مشهد أشبه بسوق غزة أو حمام الثلاثاء.هل نحن في نقابة أم في جمعية أهلية؟.فقد تراجع مستوي التسامح الفكري, وسادت مظاهر الشعبوية الاستهلاكية إن صح التعبير,ولا نستغرب وكثير من الصحفيين يقولون ذلك إن يؤجر مبني النقابة إلي شركات تجارية, ويصبح مجرد مكاتب إدارية تخدم الصحفيين, لا أكثر ولا أقل,مما ينزع عن النقابة أهم أدوارها وهو بناء الوجدان وتكوين الرأي,ورفع مستويات التسامح في المجتمع.
المشكلة أكبر من صلاحيات نقيب الصحفيين بمفرده, لكن مما يلفت الانتباه أنه لم يجد من يسانده في دعم دور النقابة في إرساء حرية الفكر,انشغل بأمر الخدمات واستسلم لتضييق حكومي منتظم في مجال صرف بدل التكنولوجيا للصحفيين, إلي حد تكرر الأزمات شهريا, ويجد من يهتف علي سلالم النقابة مطالبا بإسقاط عضويته. جاء يعد بالخدمات والدعم المادي للصحفيين, في وجه صيحات السياسة التي تنطلق من نوافذ النقابة, فأغلق النوافذ ولم يأت بالخدمات, وأصبحت يداه ممدودة للحكومة كل شهر.