دخل مصطلح ##دول الممانعة## في القاموس السياسي للعدوان الإسرائيلي علي غزة, وهو يشير إلي الدول التي تقف موقف الرفض من الجهود المصرية-السعودية لتسوية الأزمة من خلال التفاوض, وهي إيران وسورية وقطر, وحلفائهما حزب الله وحركة حماس, وإلي جانبهم دول مثل السودان, وموريتانيا. لا أعرف موقفا واضحا لهؤلاء الممانعين باستثناء تشجيع المقاومة الفلسطينية علي إطلاق الصواريخ, بالإضافة إلي رفض مبادرة السلام العربية التي وافق عليها الجميع مرتين في قمتين عربيتين متتاليتين في بيروت والرياض, ورغم ذلك لم يستجب إليها المجتمع الدولي أو إسرائيل, أي أنها مجرد ورقة تدل علي حسن النوايا العربية لا أكثر. فما ينفع إلغاؤها, وقد يكون في بقائها معني.
الممانعون هم دول تبحث عن أوراق مساومة تستطيع أن تحصل عليها من خلال النضال ##المفتعل## في القضية الفلسطينية. قطر دولة ترانزيت بامتياز, تريد أن تكون معبرا لكل شيء, لإسرائيل وإيران, وللإسلاميين ودعاة حقوق الإنسان. دولة صغيرة, تريد أن تلعب دورا كبيرا باستغلال المال والاتصالات. أما السودان, فإن الرئيس عمر البشير يواجه محاكمة دولية, ويريد أن يجد من يقف إلي جواره, محور جديد من الدول العربية, ربما تشفع له قطر, أو تسنده أمام مطالبات المجتمع الدولي بالقصاص لما حدث في دارفور. وأخيرا فإن رئيس موريتانيا الذي اقتنص الحكم بالسلاح في بلاده من حكومة منتخبة ديموقراطيا, يبحث عن أي شرعية, يريد أن يكون في مجلس يعترف به, ومحور يسوقه للعالمين العربي والغربي. وفي دمشق, فإن الإخوة السوريين يريدون أي شيء في أيديهم, فهم يتفاوضون عبر الوسيط التركي مع إسرائيل, علنا وصراحة, ولا يطلقون طلقة واحدة في الجولان, لكنهم في النهاية يقودون جبهة الصمود العربية.. كيف؟. وإيران -كما هو واضح- تريد ربط مشروعها النووي بالصراع العربي-الإسرائيلي, من باب الحصول علي أوراق تفاوض إضافية.
المسألة باختصار, أن كل طرف يريد مصالحه الخاصة, والثمن هو القضية الفلسطينية. الكل في انتظار الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما, الكل يستعد بالأوراق, والمساومات, والرغبة هي اللحاق بالعالم, وعلاقات أوثق بالدول الغربية الكبري, أي بالاسم ممانعون, ولكنهم في الحقيقة أكثر العناصر رغبة, وشوقا, وسعيا وراء التطبيع, وسوف يكشف التاريخ ذلك.