في أحيان كثيرة يشكو المسيحيون, صراحة أو ضمنا من ##عدم الاعتراف##, ويعني ذلك أن المجتمع لا يعترف بهم بأسمهم, ومعتقدهم, يعرفون دائما بالنفي ##غير المسلمين##, وكأن أصل الأشياء أن المجتمع يعيش فيه المسلمون, وما عداهم هو ##غير المسلمين##. هناك أحوال شخصية للمسلمين, وأحوال شخصية لغير المسلمين, والآن يجري إعداد قانون لبناء دور العبادة لـ##غير المسلمين##.
قد يكون من دواعي الترتيب القانوني التمييز بين مسلم وغير مسلم, ولكن من متطلبات اللياقة المجتمعية, والحديث المستمر عن المواطنة, ومراعاة النصوص الدستورية المستقرة الخاصة بالمساواة وحرية أداء الشعائر الدينية أن يكون هناك ##مسلم## و##مسيحي## و##يهودي## مصري, طالما أن التفسيرات التي صدرت عن المحكمة الدستورية العليا تفيد أن الأعتراف يكون بهذه الديانات الثلاثة, وليس غيرها من المعتقدات.
إذن ما المشكلة في أن يكون هناك قانون أو قرار أو لائحة لتنظيم بناء ##المساجد## لأن هكذا تسمي دور العبادة عن المسلمين, وقانون أو قرار أو لائحة أخري لتنظيم بناء ##الكنائس والمعابد##, لأن هكذا تسمي دور العبادة عند المسيحيين واليهود. ما الداعي لتعريف المسيحي أو اليهودي, وكذا دور العبادة الخاصة بهما بالنفي عما هو مسلم أو إسلامي؟
قد يري البعض في ذلك نظرة شكلية, تقف عند المسمي دون الدخول في عمق الأشياء, لكني أراها أساسية تتعلق بفلسفة النظر إلي المواطن المصري المسيحي أو اليهودي (وهم يعدون علي أصابع اليد أو كما يقال مجرد مائة شخص), لأن المواطنة تقتضي ليس فقط قبول حريته الدينية, وممارسته لشعائره الدينية, ولكن أيضا الاعتراف به, وبكينونته الدينية, فهو ليس أقلية بالمعني العرقي, ولا يعبر عن وجود عابر أو طارئ في المجتمع, بل وجود أصيل, وعميق الجذور في التربة المصرية.
المسائل الشكلية قد تعني نظرة فلسفية أعمق, دعونا ننقي الديباجات والمسميات والتعبيرات المستخدمة من وصف ##الأغيار## للمسيحيين واليهود المصريين, ونسميهم بأسمائهم, ونعرف معتقدهم الديني, لأن في ذلك ليس فقط اعتراف بقبول الاختلاف, ولكن أيضا تربية أجيال علي أن مصر وطن لكل المصريين.