أن يغضب ويثور الشعب المصري علي الشهداء الذين لقوا حتفهم بسلاح إسرائيلي أثناء تأدية واجبهم في حماية الحدود فهذا تعبير عن حيوية الشعب وانطلاقه ورغبته في الحفاظ علي كرامة أبنائه. أما أن يستغل البعض ما جري علي الحدود المصرية- الإسرائيلية لتحقيق مكاسب سياسية مباشرة فهذا أمر يحتاج إلي وقفة, لأن المجتمع ليس بحاجة إلي مهاترات إضافية. فيه ما يكفيه كما يقال.
من الطبيعي أن يشعر المصريون بالمهانة من جراء ما حدث, وهناك تحليلات جادة تشير إلي أن ما حدث كان متعمدا من جانب إسرائيل لجس نبض مصر الثورة.. هل سوف تسير علي نهج مصر مبارك أم سيكون لها موقفها الحازم تجاه أي انتهاك من جانب إسرائيل؟. هذا جيد ويرتبط بمعركة الشعب الحقيقية لإثبات ذاته.
المرشحون المحتملون للرئاسة عبروا عن مواقفهم الرافضة بشدة ما حدث للجنود المصريين الأبرياء, بقدر لا يستهان به من البلاغة اللفظية, فقط بهدف بناء قاعدة شعبية لهم, والحديث الحماسي عادة في مواجهة إسرائيل هو في النهاية حديث مجاني, يستفيد من سخط المشاعر لدي الناس دون أن يترجم ذلك في عمل إيجابي.
الغضب يحتاج ترشيد, ونحن من المجتمعات التي عانت من الخطابات الحماسية الدعائية التي تدغدغ عواطف الجماهير, والكل يعلم ماذا فعلت بنا؟ هزيمة , أو ما سمي لاحقا نكسة 1967 خير دليل, والتي تعاني المنطقة العربية من آثارها حتي يومنا هذا.
نريد لعب سياسة تحقق المكاسب, تتشدد حين يكون للتشدد مكان, وتتحاور حين يكون للحوار أهمية. غرائز الجماهير الغاضبة, وأحلام السياسيين الطامحة تؤدي إلي كوارث. ليست معاهدة كامب دافيد مقدسة, يمكن إعادة النظر فيها بهدف تحقيق الصالح الوطني, وليست مصر ضعيفة, بيدها الكثير من أوراق اللعبة التي يمكن أن تؤتي بنتائج مهمة إذا أحسنت استغلالها.
المطلوب أن نعرف ماذا نريد, ونسير في المسار الذي نرغبه بعيدا عن انفعالات الصوت غير المحسوبة.