النقابات المهنية تحولت في العقدين الأخيرين إلي ساحة نزاع بين الإسلاميين ونظام مبارك, تجري أحيانا بالمواجهة, وأحيانا أخري بالصفقات, والكل يعرف كيف سارت الأمور في هذا الملف مما أدي إلي احتكار العمل النقابي, وتجفيف منابعه, وتحول النقابات إلي مؤسسات سياسية موازية لا تؤدي خدمات نقابية, ولا تساعد علي الارتقاء بأداء المهنة. نقابة الأطباء خير مثال علي ذلك, ونقابة الصحفيين ليست بعيدة عن ذلك.
قبل سقوط نظام مبارك صدر حكم المحكمة الدستورية ببطلان القانون الموحد للنقابات المهنية, مما يعني أن تعود كل نقابة إلي القانون الخاص بها قبل صدور القانون المشار إليه, وفي غضون أيام اشتعلت ثورة 25 يناير 2011, وسقط النظام, وتاه المجتمع في السياسة, ونسي الناس شأن النقابات.
اليوم الموضوع يعود مشتعلا بعد الحكم بحل مجلس نقابة المحامين, ووجود انتخابات في نقابة الصيادلة, ثم الإعداد لانتخابات نقابة المهندسين بعد فك الحراسة عنها, ونقابة الصحفيين قبل نهاية العام الجاري. في السابق كان الإسلاميون, وهم محاصرون سياسيا, يلجأون إلي النقابات بوصفها مؤسسات سياسية موازية, يشتغلون فيها بالسياسة, وتعطيهم الغطاء في مواجهة النظام, وآخر ما كان يلتفت إليه هو العمل النقابي. اضطراب في المجتمع, مؤسسات تعمل عمل مؤسسات أخري, نقابات تحل محل الأحزاب. الآن أصبحت هناك أحزاب تمثل كل أطياف المجتمع بما فيهم الإسلاميين, وبالتالي فإن العمل النقابي يحتاج إلي أولوية. نريد أن نري برامج نقابية, وتفعيل لنقابات نائمة, أو علي أحسن تقدير نصف نائمة, ويجري تنشئة أجيال من المهنيين علي قواعد العمل المهني الحقيقية.
هل سيحدث هذا؟ أتمني, ولكني أخشي من المناخ السياسي الذي يسوده استقطاب بين إسلاميين وعلمانيين, بحيث تتحول الانتخابات النقابية إلي معارك سياسية لاستعراض العضلات, واختبار القوة قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية, وإرسال رسائل للمجتمع بمقدار القوة المتوفرة لكل فصيل, تماما مثل يجري الحال في مظاهرات ميدان التحرير.
متي يفك أسر النقابات من السياسة؟