من حق الناس أن تتساءل, وربما تستغرب الحضور السلفي الملفت للنظر في كل أرجاء مصر, والذي قد يسبب أحيانا بعض التضييق علي الأقباط, لكنه في كل الأحوال يشكل تحديا للإسلام الوسطي المصري, الذي عرف عنه التسامح, والرحابة في النظر علي مدار التاريخ, تشهد بذلك كتابات الشيخ شلتوت, والدكتور عبد المتعال الصعيدي, والشيخ محمد عبده, والشيخ محمد الغزالي, وآخرين.
الشيخ محمد حسان المرجع السلفي, أصبح متصديا للمشهد من أزمة كنيسة صول بالجيزة إلي موقعة المحافظ في قنا, ليس بصفته الشخصية, ولكنه مبعوث حكومي. إلي هذا الحد تبدو الحكومة ضعيفة, هزيلة, تتكأ علي عكاز السلفيين. إنني أقدر المبادرات الشخصية, وقد يكون لدي الشيخ محمد حسان ما يفعله لتدعيم التسامح والتعايش, ولكن الحكومة ينبغي أن يكون لديها هي الأخري ما تفعله, وألا تكون في هذا الموقف الذي تبدو فيه غير قادرة علي الدفاع عن مواقفها.
لم أفهم لماذا لم تطلب الحكومة من شيخ الأزهر أن يكون سندها في أي من الأزمتين صول وقنا؟ هل لإحساس دفين بتراجع دور الأزهر, وهو أمر لا ينبغي قبوله ولاسيما أن الأزهر هو المؤسسة التي تحتضن الوسطية الإسلامية, وغيابه أو ضعفه يؤدي إلي نشر ثقافة دينية متشددة, ومتراجعة, تعبر عن فقه ديني مستورد من دول أخري لا يحمل البصمة المصرية الرحبة, والهادئة.
لا أفهم وكثيرون غيري يشاركونني الرأي بالمناسبة, ليس من باب الهلع, ولكن علي سبيل التساؤل والاستغراب إلي هذا الحد يجري النظر إلي الأمور. هل التسامح مع السلفيين يعني قبول سطوتهم؟ ما جري في مسجد النور من إنزال لخطيب من علي المنبر لأسابيع متوالية, وإصعاد شيخ سلفي محله, وقطع أذن مواطن مصري, والتحرش بكنائس أو بكهنة, وهدم الأضرحة في المساجد… هل هكذا تدار الأمور؟
المسألة ليست مشاركة, لأن من حق الكل المشاركة بما فيهم السلفيين لأنهم مواطنون, ولكن لا يصح أن يكون ذلك مدعاة لفرض ثقافة مغايرة لما يرتضيه المصريون. فما موقف الحكومة؟