العناوين الكبري في الأسابيع الماضية هي الإخوان المسلمون, الذين بين يوم وليلة تحولوا من جماعة محظورة إلي طرف رئيسي في المعادلة السياسية, تسعي إلي إنشاء حزب سياسي. تكالبت علي قيادات الإخوان كل وسائل الإعلام القومية, التي كانت مخصصة للهجوم عليهم في السنوات الماضية, لإجراء الحوارات, واستضافتهم في لقاءات تليفزيونية علي الهواء, بعد أن ظل التليفزيون المصري يرفض حتي ذكر اسمهم علي مدار سنوات.
جيد أن يستوعب المجتمع السياسي كل الأطراف, ولكن لا ينفي ذلك أن هناك مخاوف عديدة من الإخوان المسلمين. مطالبة القوي السياسية والأحزاب بتأجيل الانتخابات البرلمانية حتي تسترد عافيتها تعكس خوفا من الإخوان المسلمين. وكثير من الأقباط يرددون مخاوف مشابهة. كلام الإخوان المسلمين بأنهم يريدون المشاركة لا الهيمنة أمر جيد يهدئ بعضا من الهواجس, ولكن بعض التصرفات الأخري تعمق المخاوف. في تجربة مهندسون ضد الحراسة, بعد أن ظلت التيارات السياسية تعمل معا لرفع الحراسة عن نقابة المهندسين, في اليوم التالي لرحيل حسني مبارك سعي الإخوان المسلمون بمفردهم, دون التشاور مع غيرهم إلي الانفراد مرة أخري بالنقابة العامة, وعدد من النقابات الفرعية بدعوي أنهم يمثلون آخر مجلس لنقابة المهندسين قبل فرض الحراسة عليها, في حين أن الإخوان وغيرهم من قوي سياسية شاركوا في دعوي قضائية قضت بانقضاء المجلس المشار إليه.
بالطبع ليس مطلوبا أو معقولا في مجتمع سياسي أن يطالب حزب أو تيار بالانكفاء والانزواء حتي يطمئن غيره, ولكن ليس مقبولا أيضا ألا يتفق المجتمع علي أسس ثابتة, بحيث يمكن العصف بها في أي وقت إذا تمكن تيار سياسي بعينه من الوصول إلي السلطة.
حل هذه المشكلة لن يكون إلا بمشاركة قطاعات عريضة من المجتمع, الكل يعبر عن تصوراته, ليس بدافع الخوف, ولكن تعبيرا عن الحضور والتأثير.