السطور القادمة هي شهادة زميلتنا ميرفت أيوب الصحفية بجريدة وطني والتي قضت الليلة السوداء بإمبابة… إذا أنها أحد قاطني شارع الأقصر ,قبل انتهاء نهار السبت المشئوم كان القدر يقف بالمرصاد ليعصف بأمن واستقرار جمهورية إمبابة كما يحلو لنا نحن سكان إمبابة أن نسميها بسبب ضيق الحال من تردي الخدمات وازدحام الطرق وانتشار كثيف للقمامة… هذا الاسم الذي أطلقه المدعو الشيخ جابر في بداية تسعينيات القرن الماضي ولاقي رواجا إعلاميا وقتها إلا أنه ينطبق علي إمبابة فهي تضم مستويات من البشر غير متجانسة علي الإطلاق فهناك التاجر الكبير والذي يصنف كرجل أعمال لحجم تجارته ومشروعاته يجاور المواطن الفقير… تلك المنطقة التي لم يستطع الإرهاب الدموي أن ينتصر عليها في الماضي ويعيش سكانها مطمئنين كانت علي موعد آخر من إرهاب جديد ظهر علينا بعد الثورة, هؤلاء الذين لم نكن نسمع عنهم, الذين باتو حديثنا ليلا ونهارا ماذا فعلوا اليوم وما المنتظر غدا؟
فجأة وبدون مقدمات جاءوا… انقبضت روحي داخل جسدي فهم نذير شؤم رؤيتهم تقبض النفس ماذا يفعلون أمام كنيستي الهدف المعلن جاهز دائما نريد أختنا كاميليا..عبير..الأسماء لاتفيد طالما الهدف معروف والهدف سراديب تحت الأرض تختفي فيها زهرات يانعة فتيات اختطفن جاءوا جحافلهم لإنقاذ من يظنون أنها بالداخل أو هكذا يصرحون… خرج الشباب من الكنيسة وتجمهروا أمامها وانضم إليهم من عرف الخبر… وقفنا مترقبين ثم هتفنا, طالت هتافاتنا أسماع الجميع وصلت إلي عنان السماءبالروح بالدم نفديك يا صليبوفجأة صمت الهتاف وبدأ إطلاق النار, فجأة لم يجد الشباب في أيديهم ما يصدون به الرصاص سوي الحجارة والطوب حملنا في أيدينا الحجارة والزجاجات الفارغة لندافع عن كنيستنا, عن منازلنا, أخرجنا الدكك التي يجلس عليهم المصلون في محاولة لمنع وصول الطوفان القادم علينا من الاتجاه الآخر وتحصنا بالسيارات التي كانت موجودة واستطعنا تحريكها لمنتصف الشارع في محاولة لعمل كردون يحمينا من أحد جوانب الشارع لنتفرغ للجانب الآخر فقد كنا محاطين من ثلاثة شوارع بالآلاف من السلفيين ومن انضم إليهم من البلطجية الذين في محاولة لتحقيق النصر بأي شكل اتجهوا إلي كنيسة العذراء ليحرقوها بالكامل ليعودوا يستكملون حصار كنيسة مارمينا.
وفي محاولات مستميتة للدفاع عن الكنيسة وللاتصال بمن يستطيع إنقاذنا انقضت خمس ساعات سوداء مرة والشباب يقع بين قتيل وجريح دون إسعاف, دون سيارات إطفاء للمنازل التي أشعل فيها المعتدون النيران دون شرطة, دون جيش, دون أي شيء وأصبحوا علي بعد أمتار وامتدت أيديهم بالنيران لتطال كل شيء السيارات والمنازل ونحن السيدات في معركة البقاء نحاول من الشرفات إنقاذ ما قد نستطيع إنقاذه بالمياه والشباب صامد وقادر علي مواصلة الدفاع بالرغم من رائحة الموت التي ملأت الشارع ودخان المنازل المحترقة قد خنق الجميع ونصرخ أين الجيش أين الشرطة ويخبرنا من يقول هي علي بعد أمتار…ظلت علي بعد أمتار من الخامسة إلي الحادية عشرة علي بعد أمتار, ثم جاءت وأطلقت آلاف الأعيرة النارية في محاولة لفض الاشتباكات… صمت الشباب ولكن الشر لم يصمت وحاولوا الاقتراب أكثر فأعدادهم بالآلاف ولكن طلقات الرصاص استطاعت بعد أكثر من ساعتين أن تجعلهم يستمعون لصوت أحد شيوخهم الكبار الذي استمر يخاطبهم من خلال ميكروفون إحدي سيارات الإسعاف بالهدوء والتعقل والأخوة والمحبة وكل شيء لايطبق علي أرض الواقع… ولمدة ساعة من الرابعة إلي الخامسة صباحا ساد الهدوء النسبي… وفجأة ضاعت كل نصائح الشيخ الموقر وتعالت الحناجر إسلامية إسلامية وبالروح بالدم نفديك يا إسلام وبدأ العمل حرقا وقتلا… منازل تحرق وأثاث يرمي من الشرفات وقتل لمن يقاوم..قوات مدججة بالسلاح تقوم بدور المراقب 14 قتيلا و240 جريحا كانت حصيلة الليلة السوداء وصباحها الذي لم يحمل خيرا ليترك كنيسة مارمينا مع شهدائها وجرحاها..صباح ترك منازلنا خالية ومتاجرنا مغلقة وأبناء غابوا لايعرف مصيرهم؟
هل سيتم عقابهم لأنهم يدافعون عن دار عبادتهم؟… هل نحاسبهم لأنهم كانوا في حالة دفاع شرعي عن أنفسهم؟… هل نطلب منهم أن يقفوا مكتوفي الأيدي ويسلموا الكنيسة للسلفيين ومن معهم من بلطجية حتي يكونوا مسالمين؟… هل نطلب الخنوع أم أننا نطلب العدل والحق والخير؟