[email protected]
دائرة الساحل علي صفيح ساخن.. وذلك بعد أن قررت اللجنة العليا للانتخابات إعادة الانتخابات في دائرة شمال القاهرة ومقرها قسم الساحل وتضم الزاوية والشرابية وحدائق القبة وروض الفرج وشبرا.. ودعت اللجنة العليا الناخبين للنزول للتصويت من جديد في يومي 10 و11 يناير المقبل, علي أن تكون الإعادة علي يومي 17 و18 يناير المقبل. امتثالا لحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بشأن تأييد الحكم ببطلان الانتخابات بالدائرة المذكورة بعد تقدم العديد من المرشحين بطعون علي نتائج الانتخابات التي شابت مرحلة الفرز فيها فوضي وصلت إلي حد إبطال الانتخابات في الدائرة من قبل المستشار معتز خفاجة ثم عادت اللجنة العليا وقررت استئناف الفرز في اليوم التالي.
أن يصدر هذا الحكم فهو أمر طبيعي لكن أن يتم تنفيذه فهو أمر مبشر بمرحلة جديدة من عمر مصر.. إننا نبني دولتنا كما نبتغي بالفعل دولة يسود فيها القانون ولا يكون لجهة مهما علت سلطتها أن تكون سيدة قرارها.. شعرت بعد تنفيذ الحكم وقرار اللجنة العليا للانتخابات أن وجه مصر الجديدة يطل علينا بإشراقة أمل كنا قد فقدناها بعد سيطرة التيارات الدينية علي العملية الانتخابية في المرحلة الأولي.. فبعد أن تابعت عملية الفرز الأسبوع الماضي كدت أفقد إيماني بنجاح الثورة لصالح كل المصريين وشككت أن من امتطاها هم الإسلاميون فقط.. أصابني الإحباط لكن سرعان مازال.. واعتدلت كفة الميزان عندما راجعت حيثيات حكم المحكمة الإدارية العليا.. إذ استندت المحكمة في حكمها إلي أن الحكم المطعون فيه متفقا مع صحيح القانون وثبت أن النتائج لا يمكن أن تعكس إرادة الناخبين الحقيقة.. فالطاعنون أكدوا بالأدلة أن هناك فراغا حدث من قبل القضاة في إشرافهم علي الصناديق وصل إلي 15 ساعة, كما أن رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار عبدالمعز إبراهيم أكد أن هناك فقدانا لعدد 15 صندوقا انتخابيا, وأن هناك تلفا لـ75 صندوقا, وبالتالي فإن قرار إعلان النتيجة يكون غير مجسد لإرادة الناخبين وإهدارلتصويتهم.
ولأن الأمر مبشر بالخير خاصة بعدما صدرت أحكام مماثلة في عدة دوائر بالإسكندرية وأسيوط وغيرها.. علينا أن ننظر إلي الأمام.. ونعاود المشاركة مرة أخري يومي 10 و11 يناير.. فدائرة الساحل تحديدا تشهد تواجدا قبطيا في المرشحين يصل إلي ربع المرشحين الأقباط في التسع محافظات الأولي إذ وصل عددهم إلي 99 مرشحا منهم 22 في دائرة الساحل.. باعتبار أنها منطقة كثافة سكانية للمسيحيين.. ومن حقهم اختيار من يمثلهم في المجلس تمثيلا حقيقيا.
التقيت أثناء فرز دائرة قصر النيل في جولة الإعادة الثلاثاء الماضي مع النائب الإخواني جمال حنفي.. الذي كان متفهما للأمر ولطبيعة دائرة شمال.. وسألته: ما الخسارة التي يمكن أن يخسرها الإخوان إذا ما تركوا الدائرة لتمثل تمثيلا صحيحا بدلا من إهدار الأصوات هنا وهناك.. هذا بالنسبة للمقاعد الفردية؟ فأجاب: هل يمكن أن يفيد سحب الإخوان لمرشحهم الفردي في ذلك؟ قلت له: بالتأكيد.. قال نحن لا نريد سوي الحرية والتمثيل الحقيقي فلنطرح الأمر.
شعرت بالراحة بعد هذا الحوار الذي كان للدولة المدنية نصيبا منه.. ورأيت الصورة أكثر إشراقا.. بل إن هناك أرضية يمكن أن نلتقي فوقها حتي وإن اختلفنا.. رحلت عنه وأنا أحمل بعض الأمل للدائرة التي أنتمي إليها وأود لها تمثيلا يعكس الإرادة الحقيقية للناخبين أيا كانت النتائج.. وذهني لا يخلو من الهواجس ومن المخاوف التي دائما ما تعمل في داخلنا عما يظهره البعض وقد يكون عكس ما يبطن.. لكنني عدت وتذكرت حكم الإدراية العليا الذي أعاد الأمل في مصر لكل المصريين.
في اليوم التالي تناقل الأصدقاء التهاني لفوز محمد أبوحامد مرشح المصريين الأحرار عن دائرة قصر النيل وضمن التهاني جاءتني مكالمة تليفونية من زميل صحفي سلفي قال لي مبروك. ثم سألني: لماذا لا تريدون عبدالمنعم شحات ولماذا فرحتوا بسقوطه؟.. فأجبته استمع إلي تصريحاته وضع نفسك مكان أي إنسان مؤمن بالدولة المدنية.. فقاطعني قائلا: شفتي الكنيسة بتحشد النصاري في أتوبيسات علشان يصوتوا للإخوان في إسكندرية, وأطلق ضحكة عالية وطويلة.. فأجبته ضاحكة: قضا أخف من قضا.. ويا ليتك تفهم المغزي, وانتبهت إلي أن الصراع الإسلامي – الإسلامي في حقل السياسة لن يفرز إلا دولة مدنية.. فلتطمئن القلوب.. وتهدأ النفوس.. وتعتدل القامات من جديد.. ولنكمل المسيرة شركاء في وطن يتسع للجميع دون إقصاء أو سيطرة لأي فصيل.