لماذا يستخدم الماء في المعمودية؟
وفي اللقان,وغسل الأرجل؟
ولماذا يرش الماء للبركة
وما معني الماء والدم واللذين خرجا من جنب المسيح علي الصليب؟وهل ماء الدموع يدخل في الرمز أيضا؟كذلك هل هناك رمز للماء في بعض المعجزات ,مثل شفاء مريض بيت حسدا؟وما معنيفصل بين مياه ومياهفي قصة الخليقة تك1:6؟
هذا وغيره,هو مانود أن نعرض له في هذا المقال بمشيئة الرب.
000
0 قصة الماء في الكتاب تبدأ من أول إصحاح فيه,من بدء قصة الخليقة,من قول الوحي الإلهيوروح الله يرف علي وجه المياهتك1:2.ومن هنا ارتبط الماء بالحياة
الماء والحياة
يرتبط الماء بالحياة,سواء بالحياة الأرضية أو الحياة الروحية أيضا.
الحياة الجسدية ترتبط بالماء:
سواء كانت حياة إنسان أو حيوان أونبات وقد قيل في قصة الخليقة في سفر التكوين إن الله أخرج من الماء ذوات الأنفس الحية تك1:20 ر21.
والحياة الروحية ترتبط أيضا بالماء:
منذ الخطوة الأولي,من ميلاد الإنسان من الماء والروح يو3:5.
السيد المسيح يدعونا إلي مائه ويقولإن عطش أحد,فليقبل إلي ويشربيو7:37وقد دعا المرأة السامرية إلي مائه الحي,وقال لهامن يشرب من الماء الذي أعطيه أنا,فلن يعطش إلي الأبد ,بل الماء الذي أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلي حياة أبديةيو4:14يو4:10.
وما أكثر الإشارات في الكتاب إلي الماء الحي,أو ماء الحياة:
فالقديس يوحنا الرائي يذكر أنه رأي في أورشليم السمائية نهرا صافيا من ماء حياةرؤ22:1زك14:8وسمع الرب يقولأنا هو الألف والياء…أنا أعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانارؤ21:6رؤ22:17رؤ7:17.
الماء والروح القدس
واضح رمز الماء إلي الروح من قول الربمن آمن بي-كما قال الكتاب-تجري من بطنه أنهار ماء حي.قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوهيو7:39,38.
وفي العهد القديم شبه الله نفسه بهذه المياه الحية حينما قالتركوني أنا ينبوع المياه الحية,لينقروا لأنفسهم آبارا آبارا مشققة لاتضبط ماءأر2:13.
وهكذا أصبح الإنسان الروحي ,الذي يحيا مرتويا من الروح القدس,يشبه بشجرة مغروسة علي مجار المياهمز1:3.يحيا بهذا الماء,وبه تنمو وبدونه تموت.
وأصبح الأشخاص الممتلئون بالروح يشبهون بالأنهار:
أتري الأنهار الأربعة التي كانت تروي جنة عدن,تك2:10كان ترمز إلي الإنجيليين الأربعة أيضا؟الأنهار التي تعطي الماء العذب,وتروي ,وتعطي الحياة.وبها شبه الرسل الأطهار فقال المزمور عن صلواتهم حينما ضغطت عليهم الاضطهادات رفعت الأنهار يارب,رفعت الأنهار صوتها.ترفع الأنهار صوتها من أصوات مياه كثيرةمز93:4.3
وقال الكتاب أيضا عن عمل هذه الأنهار المقدسة التي تحوي الماء الحيمجاري الأنهار تفرح مدينة اللهمز46:4تفرحها بوسائط النعمة التي تمنحها لها,وبحمل بشري الخلاص إليها.
وهذا الماء الحي يلقبه داود-في مزمور الراعي-بماء الراحة.
فيقول إلي ماء الراحة أوردنيمز23:2وما نتيجة هذه الراحة؟يقوليرد نفسي,يهديني إلي سبل البر…هذا هو عمل الروح القدس فيه, الذي يرمز إليه بالماء.
السحابة كانت تظلل الشعب في البرية.
خر13:22,21..والسحابة ماء…أتراها كانت ترمز إلي الروح القدس من فوق واجتازوا في ماء البحر من تحت وهنا اجتمع الماء والروح ولعله بهذا المعني قال بولس الرسولإن آباءنا جميعا كانوا تحت السحابة,وجميعهم اجتازوا في البحر,وجميعهم اعتمدوا لموسي في السحابة وفي البحر1كو10:2,1سنعود إلي هذا الموضوع حينما نتحدث عن العلاقة بين الماء والمعمودية.
علاقة الماء بالغسيل والتطهير
هذا الأمر في غسل السيد لأرجل التلاميذ,وقوله لهم بعدهاها أنتم طاهرون..يو13:10
لقد غسل أرجلهم قبل منحهم سر الإفخارستيا المقدس إشارة إلي وجوب الطهار قبل تناول الأسرار المقدسة. هذه الطهارة التي تذكرنا بأن الأب الكاهن قبل أن يبدأ القداس يغسل يديه بالماء ثلاث مرات,ويقول أثناءها:
أغسل يدي بالنقاوة وأطوف بمذبحك ياربمز25.
لايقول أغسل يدي بالماءوإنمابالنقاوةلأن الماء هنا ترمز إلي النقاوة كما نرمز إليها أيضا الملابس البيضاء التي يلبسها الكاهن وقت الخدمة.
وبنفس الوضع والرمز كان هرون وبنوه يغتسلون بالماء عند دخولهم خيمة الاجتماع,وقبل اقترابهم إلي المذبح لئلا يموتواخر30:17-21رمزا للطهارة …
وعلاقة الماء بالتطهير تظهر واضحة في قصة تطهير نعمان السرياني:
كان هذا الرجل أبرص,والبرص كان نجاسة,وكان يرمز إلي الخطية ويحتاج إلي تطهير فكيف تم تطهير نعمان من برصه؟لقد أمره أليشع النبي أن يغطس في نهر الأردن ليبرأ2مل 5:10ونهر الأردن يذكرنا بمعمودية يوحنا حيث كان اليهود يأتون إليه ويغطسون في الأردن ,وينالون مغفرة خطاياهم فيطهرون روحيا…
أنخرج من هذا أيضا,بأن ماء الطهارة يرمز أحيانا إلي المعمودية؟
ويرمز إلي الشفاء من مرض الخطية.
علاقة الماء بالطهارة يشير إليها أيضا قول الرب في نبوءة حزقيال.
وأرش عليكم ماء طاهرا فتطهرون من كل نجاساتكمحز36:25
والكاهن يرش علي الشعب بعد القداس ماء طاهرا لعله للبركة,بعد أن تطهروا بالأسرار المقدسة وما أجمل قول داود النبي-في مزمور التوبة-عن التطهير من الخطية.
اغسلني فأبيض أكثر من الثلج؟مز50في قصة إبراء مريض بيت حسدا نجد أن الشفاء كان مرتبطا كذلك بالماء وما أجمل قول الكتاب في تلك القصة أن ملاكا ينزل إلي البركة ويحرك الماءيو5:4
ويتم الشفاء لمن ينزل إلي البركة بعد تحريك الملاك للماء.
فالملاك إذن,كان بتحريكه للماء يعطي الماء فاعلية وقوة يذكرني هذا بالأب الكاهن ,حينما يمسك صليبه ,يحرك به الماء في جرن المعمودية أو في اللقان وهو يرشم الماء ويتلو عليه صلوات فيعطيه قوة وفاعلية بعمل الروح القدس.
ويرمز الماء إلي الطهارة والتطهير ,كان معروفا حتي بين الأمم:
فبيلاطس البنطي,لكي يريح نفسه الآثمة من توبيخ ضميره لها غسل يديه بالماء وهو يقولأنا بريء من دم هذا البارمت27:24طبعا لم يصر بغسل يديه بريئا لكننا نذكر مجرد اعتقاده بأن الغسل بالماء يرمز إلي الطهارة
نطرح تأملا بسيطا خاصا بالطوفان:
لاننكر أن مياه الطوفان كانت عقوبة من الله,ولكن هل يقف الأمر عند مجرد العقوبة؟أم كانت تلك المياه أيضا غسلا وتطهيرا للأرض من الخطية والخطاة؟تطهيرا للأرض من الفساد الذي نجسها,فغسلها الله من خطايا الإنسان بالماء,ليطهرها ويجددها لكي تحيا مرة أخري في نقاوة..
هذا اللون من التطهير ذكرنا بالدموع:
فيها ألم وعقوبة ,وغسيل وتطهير الدموع ماء,يحدث به تطهير للنفس وشفاء للروح,أن كانت دموع توبة .ففي قصة المرأة الخاطئة التي علمت أن السيد متكيء في بيت سمعان الفريسي فأخذت قارورة طيب كثير الثمن ووقفت عند قدمي المسيح باكية وكانت تبل قدميه بدموعها وتدهنهما بالطيبلو7:38.
صدقوني لست أعلم,أيهما كان أطيب رائحة:الطيب أم دموع تلك التائبة ؟بلا شك كانت الدموع هي صاحبة الفاعلية .كانت طيبا من نوع غالي الثمن جدا والسيد الرب طوب ذلك الطيب الجديد الذي تبللت به قدماه…إذن الماء مرتبط بالتطهير حتي ماء العيون حينما يحركه ملاك ترسله النعمة.
الماء يرمز إلي التطهير سواء في التوبة أو في المعمودية:
علاقة الماء بالمعمودية
المعمودية أيضا عملية غسل وتطهير سواء من الخطية الجسدية أو الخطايا الفعلية السابقة للمعمودية ليست غسلا للجسد وإنما هي غسل للروح.
وعن هذا الغسل,قال القديس حنانيا الدمشقي لشاول الطرسوسي بعد اهتدائه:أيها الأخ شاول لماذا تتواني؟
قم اعتمد,واغسل خطاياكأع22:16إذن شاول الطرسوسي علي الرغم من لقائه مع السيد المسيح,وعلي الرغم من إ يمانه واختياره رسولا يكرز للأمم لم يكن قد اغتسل من خطاياه بعد,وكان محتاجا إلي المعمودية ليغتسل من خطاياه.
وعن هذا الغسيل ,قال القديس بولس في رسالة إلي تلميذه تيطس عن الخلاصلا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضي رحمته خلصنا.وكيف؟
…خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدستي3:5.
هنا إذن غسل وتجديد ,وميلاد ثان وخلاص ليس بالماء فقط,وإنما بالروح القدس أيضا. ولهذا قال السيد الرب لنيقوديموس:إن كان أحد لايولد من الماء والروح لايقدر أن يدخل ملكوت اللهيو3:5.
ونلاحظ هنا أنه لم يقل من الماءفقط,وإنما من الماء والروحلذلك قال أيضا يولد من فوقيو3:3.وهذا كله يرينا عمل الروح القدس من خلال الماء,ولكن أي ماء؟
ليس مجرد ماء عادي وإنما هو ماء مقدس بالروح القدس,له قوة وفاعلية:
ولعل البعض يعترض بأننا قد غسلنا من خطايانا بدم المسيح,حسب قول الكتاب في سفر الرؤياالذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمهرؤ1:5وحسبما ورد أيضا فيرؤ7:14
ونحن لاننكر أننا قد اغتسلنا من خطايانا بدم المسيح ولكن الوسيلة لذلك هي المعمودية التي فيها يموت إنساننا العتيق ويقوم المعمد مع الرب في جدة الحياةرو6:4.6
إننا في المعمودية نغتسل من خطايانا بدم المسيح:
وفي التوبة أيضا نغتسل بدمه.
الدم إذن هو الأساس أما المعمودية والتوبة فهما الوسيلتان اللتان عينهما الرب نفسه لننال بهما استحقاق الدم.وفي المعمودية نغتسل بالدم عن طريق الماء وعن هذا قال الرسول أيضا عن علاقة المسيح بالكنيسة.
…لكي يقدسها مطهرا إياها بغسل الماء بالكلمةأف5:26
وعملية التقديس والتطهير لاتعني مجرد غسل الجسد بالماء,بل تعني غسل الروح كما قال القديس بطرس الرسول عن الخلاص في المعمودية لا لإزالة وسخ الجسد,بل سؤال ضمير صالح عن الله1بط3:21
وإن كانت المعمودية لمجرد غسل الجسد ما كان السيد المسيح يجعلها شرطا للخلاص بقوله من آمن واعتمد خلصمر16:16….وما كان بطرس الرسول يطلب من اليهود أن يعتمدوا لمغفرة خطاياهمأع2:38ولو كانت غسلا للجسد ما كان حنانيا الدمشقي يقول لشاول الطرسوسي:
قم اعتمد وأغسل خطاياكأع22:16
وعن غسل الخطايا هذا قال الرب في نبوءة حزقيال للخاطئة أورشليم دخلت معك في عهد يقول السيد الرب فحممتك بالماء وغسلت عنك دماءك ومسحتك بالزيت حز16:9,8إن مجرد غسل الجسد لايدخلنا في عهد مع الرب حميم الماء هنا يرمز إلي المعمودية…والزيت يرمز إلي المسحة المقدسة1يو2:20
فلننتقل إلي نقطة أخري هي الدم والماء.
الماء والدم
عندما طعن المسيح بالحربة خرج من جنبه دم وماءيو19:34ولست أريد هنا أن أدخل في عظمة هذه المعجزة ودلالاتها اللاهوتية إنما أريد أن أعرض لتأمل بسيط خاص بموضوعنا الحاضر وهو الماء ورموزه والمعمودية
شهد القديس يوحنا الحبيب بمعجزة خروج الدم. والماء من جنب المسيح وقال والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة:الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد 1يو4:8حقا ما أعجب هذه الأية في موضوع خلاصنا وبماذا يشهد الروح والماء والدم؟
سر هذه الأية العجيبة وتفسيرها هو:ا
لخلاص الذي قدمه المسيح علي الصليب بالدم نناله نحن بالماء والروح,في المعمودية :
ويشهد هؤلاء الثلاثة الماء والروح والدم علي خلاصنا وكيف؟بدون الدم لاحياة ولاخلاص لأنه بدون سفك دم لاتحدث مغفرة عب9:22 أي بدون الفداء المقدم بدم الفادي ولكن كيف ننال استحقاق هذا الدم؟نناله في المعمودية حينما نولد من الماء.
والروح الماء والدم,نلاحظهما أيضا في سر الافخارستيا:
وهكذا يقول الأب الكاهن وكذا الكأس بعد العشاء مزجها من خمر وماء
فننال الدم ممزوجا بالماء ومعهما الخلاص ومغفرة الخطايا والحياة الأبدية المرتبطة بالماء…بقيت نقطة في هذا الموضوع وهي:
الفصل بين ماء وماء
هكذا فعل الرب منذ بدء الخليقة بين المياه التي من فوق والمياه التي هي تحت تك1:7,6وهكذا فرق الكتاب بين المياه العذبة مياه الأنهار والسحب التي تروي وتمنح الحياة وبين المياه الكثيرة التي تحاول أن تطفيء المحبة نش 8:7
وكذلك مياه البحر المالحة والتي تطغي وتهلك والتي عنها قال المزمور عجيبة هي أهوال البحر مز95 ولكنه قال معزيا بعد ذلك الساكن في الأعالي هو أقدر.
وفي نفس هذا المعني يغني المرتل قائلا أيها الرب إله الجنود من مثلك؟أنت متسلط علي كبرياء البحر.عند ارتفاع لججه أنت تسكتها مز89:9.8
هذا البحر يرمز بأمواجه إلي الكبرياء لكن حسنا قد انتهره الرب مر4:29
يخيل إلي أنه عندي كلام آخر لاقوله عن الماء…