ما يشغلنا دائما هو حال الأسرة المصرية.ومن خلال اهتمامنا بالأسرة نهتم بالمرأة باعتبارها الميزان الذي يزن الأمور ويدبرها.ولقد أزعجني وأقلقني صورة الأسرة في الواقع الحالي.كثرت المشكلات,وتعددت وأفسدت السلام المنشود بين أفرادها,سادت حالة من التذمر أفسدت الكثير من العلاقات,اختفي الرضي والقبول,وسادت حالة من التذمر بداية بالوالدين ونهاية بالأولاد.لا أحد راض عن حاله ووضعه…فالأب يري أنه يسعي ويعمل ويكد ويفني صحته وقوته من أجل زوجة لا تقدر ما يفعله,وأبناء يتذمرون علي والديهم ولا يرضون عن أسلوب حياتهم.هو يري أنه يستحق التقدير والثناء,والمساندة ليستطيع أن يستمر في دوره ويكمله ولكنه لا يجد هذه المساندة,وبدلا منها يري التذمر والضيق الذي يصل إلي حد اللوم المقنع.والأولاد يرون من حولهم زملاء ومعارف وأصدقاء أكثر منهم ثراء وحظا وافرا,وإمكانات متوفرة,يدرسون في مدارس توفر لهم التعليم الحقيقي ويرتدون الملابس الأنيقة والغالية,ويرتادون النوادي وأماكن الترفيه ولديهم مساكن وشاليهات علي شواطئ البحار,ويذهبون إلي جامعاتهم بسياراتهم الخاصة…أما هم فمحرومون من كل هذا.هناك آباء يوفرون لأولادهم كل شئ,بينما آباؤهم عاجزون عن فعل ذلك.لماذا يكون نصيبهم العجز وعدم القدرة وعدم الوفرة والحرمان.زملاء لهم بمجرد الانتهاء من دراستهم يلتحقون بأعمال جاهزة ومعدة ومحجوزة لهم مسبقا,بينما يحرمون هم من الحصول علي وظيفة مناسبة,ويتلطمون أياما وشهورا وسنوات عاطون بلا قدر من الكرامة,ويلجأ بعضهم إلي الهجرة غير الشرعية وغير الآمنة هربا من ظروفهم وعجزهم وعجز آبائهم عن مساعدتهم.لماذا يكون نصيبهم هذا الوضع العاجز!!حتي الأب يري أن تعبه وسعيه جاء بلا نتيجة وذهب هباء.إنه لم يستطع أن يوفر لأبنائه ما يستحقونه من الحياة.وإنه لم يستطع أن يوفر لبناته ما تحتجنه لإتمام زواجهن.
حياة التذمر الدائمة تفسد حياة الأسرة.الزوجة في معظم الأحيان عاملة,تقضي يومها بين البيت والعمل,لا وقت لديها يمكن أن تخصصه لحياتها الخاصة,مسئولياتها المتعددة تأكل حياتها في البيت وخارجه,بالكاد تلتقط أنفاسها وتحصل علي قدر يسير من الوقت تنام لتريح جسدها المنهك من عناء كل يوم,لا وقت لديها لترتاد النادي أو ترفه عن نفسها أو تسترخي علي فراشها أو تنفرد بذاتها,هي أيضا متذمرة علي أوضاعها,وغير راضية عن حياتها,وتشعر بعدم تقدير لما تقدمه لأسرتها وزوجها وأولادها.
سادت مشاعر التذمر بشكل يدعو إلي القلق علي حال الأسرة وأوضاعها الصعبة,ومشكلاتها التي لا تنتهي,والتي لن تتحسن بالتذمر وعدم الرضي. الأمر يحتاج إلي وقفة مع النفس ومع الأوضاع المتردية.البداية تكمن في محاولة التصالح مع النفس وتقبل الأوضاع وبذل الجهد لتغيير الواقع المعاش وعدم الاستسلام للإحباط والشعور باليأس.كثيرون بالفعل تمردوا علي ظروفهم وحطموا المستحيل وغيروا من أوضاعهم واستطاعوا أن يحققوا نجاحا ومكانة وثروة,ونبذوا التذمر والشكوي والاستسلام ولم يتركوا حياتهم وأيامهم تتبدد بلا نتيجة,لنرفض التذمر ونثور عليه وليبدأ أفراد الأسرة من الكبير إلي الصغير بتقبل أنفسهم والتصالح معها وبدء مشوار الكفاح للوصول إلي أوضاع أفضل وحياة أفضل.