لا يعرف سيناء إلا من ناضل من أجل تحريرها واقترب منها واقتسم مع رملها الخبز والدم والقذيفة, أحد هؤلاء الفرسان المقاتل والمناضل والخبير الاستراتيجي اللواء الدكتور عادل سليمان مدير المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية, وحينما تنطلق القذائف يتوقف التحليل وتتناثر الأسئلة كالشظايا وعندما تسيل الدماء ينفعل القلب إلا أن محدثنا يتمتع بقلب مقاتل وعقل رجل مخابرات وحكمة جنرال… طرحنا عليه كل أسئلتنا وتخوفاتنا فكان دليلنا في حقل إلغاء المنطقة (جـ) في سيناء حيث العدو الإسرائيلي أمامنا والسلفية الجهادية أو القاعدة أو التكفيريين أو جيش الإسلام أو البلطجية السيناويين الخارجين عن القانون خلفنا, لا يهمنا من هؤلاء, ولا لأي جهة يتبعون ولكنهم في كل الأحوال طابور خامس يخدم مصالح غير مصرية, ويسئ لقضية سيناء وقضية الوطن… طرحنا علي عادل سليمان كل هذه الهموم فكان هذا الحوار…
** ماذا يحدث في سيناء؟!
* ما يحدث الآن أن هناك عناصر متطرفة, وعناصر أخري مأجورة خاصة المتسللين عبر الأنفاق, وهؤلاء جميعا لا يستهدفون سوي محاولة وقف مسيرة ثورة 25 يناير عبر إثارة اضطرت وقلاقل في سيناء, لجر مصر للصدام مع إسرائيل وبالطبع هذا الصدام المستهدف من قبل تلك العناصر يصب في مصلحة إسرائيل وليس في صالح مصر, ويفرض علينا تحويل سيناء لمنطقة أمنية فقط وهذا أمر مدمر لمستقبل سيناء ومستقبل مصر ككل, وسيعرقل مسيرة الديموقراطية المصرية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في مصر وسيناء علي السواء.
في انتظار تحقيق رسمي ومهني
** ………………………………؟
* ليست لدي معلومات مؤكدة من وراء هذه المجموعات, ولكن هناك ضرورة لأن تفرض مصر سيادتها علي حدودها مع قطاع غزة… لأنه لا يعقل أن تقبل وجود أكثر من 1000 نفق في مساحة لا تتجاوز 10كم2!
** ………………………………؟
* من غير المعقول هذا التعتيم الرسمي المصري علي حقيقة ما جري في سيناء, الشعب المصري يجب أن يعرف أبعاد الحادث, وما إذا كان هناك تعمد من قبل إسرائيل في قتل أبنائنا الضباط والجنود وتجاوز الحدود المصرية وانتهاك السيادة, أم أن الأمر كان متعلقا بمطاردة الإسرائيليين للمجموعات الفلسطينية التي قامت بالعملية؟ الإجابة علي ذلك السؤال سوف تحكم رد الفعل الذي يمكن أن يصل إليه التحقيق الدولي, واللجوء للأمم المتحدة ومجلس الأمن في حالة إذا كان هناك تعمد إسرائيلي بالفعل.
** ………………………………؟
* نحن لا نعرف بالضبط ماذا حدث, ولا أستطيع الحكم علي رد الفعل المناسب في تلك الحالة, ولكن المؤكد وفي جميع الأحوال, وبغض النظر عن الملابسات أن قتل أبنائنا الضباط والجنود من قبل إسرائيل أمر مرفوض ولابد من التصدي لذلك بحسم وجدية.
** ………………………………؟
* الأمور لم تتضح بنسبة 100%, وهناك وقائع حدثت وهي واضحة, مجموعة فلسطينية, أو فلسطينية مصرية, قامت بعملية علي الطريق المؤدي لإيلات, في منطقة لا تبعد عن خط الحدود المصرية الإسرائيلية سوي 200م, والعملية ليست عشوائية أو انتحارية ولكنها مخططة ومدروسة, عبر 3 كمائن وثمت بطريقة استراتيجية وبشكل دقيق, وفيها جانب حترافي عال, لا يهمنا من أتوا, المهم أنهم اشتبكوا مع إسرائيل, ناس ماتت منهم ومن الإسرائيليين, آخرين أنسحبوا كما يقال في اتجاه الحدود المصرية, وأثناء انسحابهم من الطبيعي أن تطاردهم إسرائيل, وبالطبع هذه المطاردة أخذت وقتا واستخدمت فيها إسرائيل أسلحة مختلفة منها الطيران, لأن المجموعة التي قامت بالعملية كانت كبيرة ومسلحة بشكل جيد, وأثناء عملية المطاردة حدث الاشتباك في منطقة الحدود المصرية, وأصيب واستشهد من جراء ذلك عدد من أبنائنا الضباط والجنود.
وهنا تبرز الملابسات والتساؤلات, شهداؤنا المصريون أين كانوا يقفون وعلي أي مسافة؟ وعلي أي نقطة بالضبط؟ وهل كانوا في حالة اشتباك للدفاع عن النفس مع الطرف الإسرائيلي أم لا؟ لذلك كله يتحتم انتظار نتائج التحقيق الرسمي قبل أن نتخذ إجراءات متعجلة قد لا تصب في مصلحتنا لو تم تصعيد الأمر دون التحقق من كافة التفاصيل بدقة.
تخبط وتناقض ضار
** ………………………………؟
* هناك معلومات تقول إن التقرير الطبي الخاص بمعاينة نيابة شمال سيناء يؤكد استهداف المصابين والشهداء برصاص محرم دوليا وأن معلومات المستشفي العام بالعريش تشير إلي أن الطلقات التي أودت بحياة من استشهدوا كانت عبارة عن 5 طلقات في جسد كل شهيد, ولكن هناك معلومات أخري تقول إن شهداءنا استشهدوا من جراء قذائف من طائرة هليكوبتر ولذلك لابد من التريث لحين صدور تقرير رسمي بناء علي التحقيقات الجارية حتي تتضح الأمور بدقة, علما بأن إسرائيل لم تنكر قتلها لأبنائنا واعتذرت رسميا وفي كل الأحوال لابد من اتخاذ موقف جاد وحاسم, وضرورة توفر الشفافية والوضوح, كذلك هناك شهيد استشهد في النقطة (79), ولم نعرف حتي الآن من قتله؟ هل إسرائيل أم آخرون؟ لابد من انتظار التحقيق الرسمي لأن هناك ترويجا إسرائيليا مؤداه أن المجموعة الفلسطينية كانت ترتدي ملابس القوات المسلحة المصرية, وآخرون يرددون أن قواتنا اشتبكت مع الإسرائيليين, إذن لابد من انتظار التحقيق الرسمي حتي يتسني لنا اتخاذ الإجراء المناسب بعقلاية وبدون تسرع.
لا للإلغاء… نعم للتعديل
** ………………………………؟
* هناك ضرورة ملحة لمراجعة اتفاقية كامب ديفيد لتعديل الملحق المتعلق بالجانب العسكري والذي يقيد انتشار القوات المصرية في سيناء, وذلك لأنه حينما أقر الملحق العسكري للمعاهدة عام 1979, لم تكن الضفة الغربية قد انفصلت عن غزة ولم تكن هناك ثغرة التهريب من خلال الأنفاق.
والتعديل ممكن لأن الاتفاقية تنظم آلية تعديلها, لذلك لابد أن نتقدم بطلب رسمي للتفاوض من أجل تعديل الملحق العسكري, وبناء عليه يجتمع الطرفان المصري والإسرائيلي للتفاوض, وإن لم نصل لحل يمكننا اللجوء للتحكيم , علما بأنه حدثت بالفعل تعديلات علي المعاهدة عام 2005 حينما تم وضع قوات حرس الحدود مع قطاع غزة, هذا بالإضافة إلي القوات التي دخلت للعريش والشيخ زويد في المنطقة (جـ) مؤخرا.
ليس بالرأي العام وحده تصنع القرارات
** ………………………………؟
* الوقت غير مناسب لقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل, فالمطالب الشعبية الغاضبة والانفعالية شئ مفهوم إلا أن حسابات الدولة شئ آخر, ولا يوجد مبرر لذلك في الوقت الحالي, لأن التوترات علي الحدود تحدث في العالم كله, وإلا لماذا لم ندخل حربا مع حماس حينما قتلت جنودا مصريين منذ سنوات, الحرب لها مبررات قانونية واستعددات مختلفة, بالطبع الاحتجاج الشعبي مشروع, واحترام الرأي العام الذي يطالب بطرد السفير الإسرائيلي مطلوب, لكن في ذات الوقت يجب أن ننتظر ونتريث حتي نعرف بدقة ماذا حدث لكي نستطيع تقييم الأمور بشكل صحيح وغير انفعالي.
تبادل الأراضي بين مصر وإسرائيل
** ………………………………؟
* إسرائيل لن تغامر ولن تضحي بعلاقتها مع مصر وهي تعرف أن مصر لن تفرط في أي شبر من أراضيها ولن تقدم أي تنازلات ومن ثم فهي لن تفرط في اتفاقيات السلام معنا, ولذلك هذه فرصتنا لكي نمارس الضغوط من أجل تحسين شروط الاتفاقية.
مواطنون وليسوا سكان منطقة في حالة حرب
** ………………………………؟
* هناك تفاعلات داخلية في البيئة السيناوية المختلفة مثلما توجد تفاعلات في كل المجتمع المصري بعد 25 يناير, ومن قتلوا في جرجا مثلا أكثر ممن قتلوا في سيناء حتي الآن, ولكن هناك ظروف خاصة بسيناء أهلها حيث لم تكن الحكومة تتعامل معهم علي قدم المساواة كمواطنين شأنهم شأن المواطنين المصريين في سائر محافظات مصر لذلك مشأ عن ذلك الواقع استثارة عناصر خارجية مثل جيش الإسلام وحركات إسلامية أخري فلسطينية.
كذلك الطبيعة القبلية لأهل سيناء والكراهية التي بداخلهم تجاه الدولة ومؤسساتها تجعلهم في عزلة ويساهم في تنمية هذا الشعور اختيار محافظ له خلفية عسكرية, فمنصب المحافظ يحتاج لمن يملك القدرة علي التأثير علي أرض الواقع ويضبط العلاقات بين المواطنين ويسعي لحل مشكلاتهم المدنية, وبالتالي لابد من التأكيد علي أن استمرار سياسة تعيين المحافظ العسكري لابد أن ينتهي ولابد أن نعترف أن السياسات التي كانت تتعامل بها الأجهزة الأمنية مع أهالي سيناء, وتجاهل مشكلاتهم طوال هذه السنوات, ساهم في توتر الأوضاع لكن هذه التطورات ليست مخيفة وبحاجة فقط إلي تغيير طريقة التعامل مع أهالي سيناء وهو الأمر الذي تلوح بوادره حاليا بشكل جدي ومشجع لخلق أجواء جديدة نحو إدماج أهل سيناء في خطط التنمية.