* غزو ثقافي دعمه البترول وراء تشدد المصريين !
* الزوايا الصغيرة صداع في رأس وزارة الأوقاف
* الدعاة الذين يهاجمون الأقباط قلة ولا يتبعون منهج الوزارة
* القبطي الذي يسمع هجوما علي عقيدته فليتقدم بشكوي إلينا
* هذا هو المانع الحقيقي لمنع تنفيذ الآذان الموحد
* سلمنا كل الأوقاف القبطية للكنيسة
يحتل الدكتور سالم عبدالجليل مكانة متميزة بين دعاة الإسلام المعاصرين, لكونه صاحب فكر مستنير وآراء تتحدي طيور الظلام, وإرادة لا تعرف المهادنة, لذلك أضاف لموقعه وكيلا لوزارة الأوقاف في شئون الدعوة الكثير. في هذا الحوار نقترب من أفكاره ونتعرف علي آرائه حول العديد من القضايا الشائكة التي تشغل بال كل المصريين أقباطا ومسلمين:
* في البداية هل هناك خطة في وزارة الأوقاف لتعضيد الوحدة الوطنية؟
* * بسم الله الرحمن الرحيم.. يبدأ دور وزارة الأوقاف في تعضيد الوحدة الوطنية باختيار أكفأ العناصر من خريجي جامعة الأزهر الشريف للعمل أئمة وخطباء وبالتالي تضمن بذلك خطابا معتدلا يرسخ مبدأ المواطنة وقبول كل إنسان بلا استثناء سواء اختلف معي في النوع ذكرا أم أنثي أو في اللون أبيض أو أسود أو في العقيدة مسلما أو غير مسلم هذا أولا, وثانيا تقوم الوزارة بعمل تدريب مستمر للأئمة المعينين بها (50 ألف إمام) للتأكيد علي ضرورة تجديد الخطاب الديني, وبمقتضاه الحديث عن التعايش السلمي علي أرض الوطن ونشر ثقافة المحبة والسلام بين جميع البشر, وتعميق معني الأخوة الإنسانية, وثالثا تقوم الوزارة بعمل ندوات ومحاضرات ومؤتمرات شعبية وتشارك جميع الجهات والمؤسسات الحكومية والمدنية للتأكيد علي هذه المعاني وكذلك في المشاركة بكل وسائل الإعلام, كما أننا ننشر سلسلة للدعاة بعنوان تصحيح المفاهيم لمواجهة الأفكار المتطرفة وتأكيد معاني الانتماء والمواطنة والسلام الاجتماعي.
* ومع كل هذا نجد أئمة يهاجمون عقائد الأقباط في خطبهم؟
* * هناك بالفعل بعض الدعاة يهاجمون عقائد الأقباط لكنهم قلة لا يلتزمون بهذا المنهج لأنهم ليسوا أزهريين فلم يتعلموا هذه الثقافة في مراحل تعليمهم المختلفة, بالإضافة لكونهم لا يتبعون وزارة الأوقاف فلا يخضعون لبرامج الوزارة التدريبية, وهذا ما دعا الوزارة لاتخاذ قرار بألا يعتلي المنبر إلا من يحصل علي تصريح من الوزارة.
* لكن هذا لا يحدث علي أرض الواقع !!
* * المشكلة تكمن في الزوايا الصغيرة, وقد صدرت بخصوصها عدة قرارات للاتفاق علي أن تقام بها الصلوات الخمس فقط دون صلاة الجمعة أو دروس, لكننا للأسف نصطدم بثقافة شعبية موروثة ويقويها ما يسميه البعض وازع ديني, الأمر الذي يظهر بوضوح في فكرة الأصوات المرتفعة التي يعدها البعض دليلا علي عمق الإيمان وبالتالي يصدر هؤلاء أحكاما علي من يمنعون الدروس أو الأصوات المرتفعة بأنهم يصدون عن سبيل الله.
* وكيف يمكن معالجة هذه المشكلة؟
* *لا حل إلا تغير ثقافة هؤلاء الناس من خلال وسائل الإعلام المختلفة لتفهم صحيح الدين, ولابد أيضا من تنفيذ القانون فهناك قانون ينص علي عدم بناء زاوية إلا وتبعد عن الجامع 500 متر والمسجد لا يبني إلا إذا كانت هناك كثافة سكنية تقدر بخمسة آلاف شخص, ومع ذلك لا تنفذ هذه القوانين لأن ثقافة الشعب تحول دون ذلك.
* بمناسبة الأصوات المرتفعة ما هو المانع الحقيقي وراء عدم تنفيذ فكرة الآذان الموحد؟
* * بالنسبة للآذان الموحد كان يجد معارضة من أساتذة الجامعة, وكان أمرا غريبا تغلبنا عليه بالمناقشة والحوار وتدعيم دار الإفتاء لنا, وأيضا مجمع البحوث الإسلامية. والفكرة للأسف اصطدمت بالتقنيات, وقد صممنا الأجهزة في البداية لتعمل علي تردد إذاعة القرآن الكريم ومع قرب الانتهاء من المشروع صممت إذاعة القرآن علي استخدام أصوات المؤذنين الموتي في حين أن الفتوي كانت تلزمنا باستخدام مؤذنين أحياء لكي يكون الآذان لايف, ولم يكن هناك حل غير اللجوء إلي إذاعة القاهرة الكبري, وتم تغيير التردد وجار تصنيع أجهزة تتناسب مع تردد إذاعة القاهرة الكبري, والمشروع جار العمل به.
* ماذا يفعل المواطن القبطي إذا سمع هجوما من إمام علي عقيدته؟
* * فليأت إلينا بوزارة الأوقاف, حيث هناك مكتب لخدمة المواطنين لتلقي الشكاوي, ونحن نقوم باستدعاء الإمام مصدر الهجوم ونتحاور معه لتصحيح المفاهيم المغلوطة لديه, فإن استجاب استمر في عمله, وإلا فلا يستحق أن يكون خطيبا, فإننا مأمورون أن ندعو لله بالحكمة والموعظة الحسنة, ودور المنبر ليس هجوميا وإنما دوره التعليم والوعظ وإرشاد وتحسين السلوك. ونحن لا نتفق مع الذين ينتقدون عقائد الآخرين من الجانبين فلا يجب أن أبني بيتي علي أنقاض بيت الآخر, والذي لا يستطيع أن يأتي فليذهب لقيادته الدينية ويبلغها لتأخذ من الأطر الرسمية ما يمكن منع تكرار هذه الأمور.
* في رأيكم لماذا كثرت أحداث الفتن الطائفية بمصر؟
* * هناك احتقان والاحتقان أسبابه اقتصادية بالأساس, وهذه الأسباب تركت آثارا في الحياة النفسية والاجتماعية, فلم نكن نتخيل أن يقتل أحد أولاده, ونقرأ الآن هذا بالصحف, بل ونجد أبناء يقتلون آباءهم, ولا يمكن الفصل بين هذه الحالة وبين ما يحدث من فتن طائفية, ففي أوربا هناك بينهم وبين بعضهم اختلافات رهيبة لكن الحياة الاقتصادية الجيدة والرفاهية جعلتهم يتجاوزون عن كل الاختلافات, فإذا توفرت لي كل سبل الحياة الجميلة لن أرتكب جريمة, لذلك تجد تصاعدا في كل الجرائم بسبب الظروف الاقتصادية, من ذلك الانتهاكات الجنسية ومع ذلك لم تصبح الفتن الطائفية عندنا ظاهرة.
* ما الرأي الشرعي لوزارة الأوقاف في قضية بناء الكنائس؟
* * بالنسبة لنا نري أنه لا مانع من بناء الكنائس حسب حاجة المجتمع والبيئة, فكما ذكرنا أن المسجد يبني حسب الكثافة السكانية كذلك الكنيسة, فمادمت أعطي لغير المسلم حرية العقيدة فلابد أن أعطيه بالتالي حرية ممارسة العبادة, وبالتالي لا مانع من إقامة الكنائس بشرط أن تكون هناك كثافة سكنية مسيحية تستوجب إقامة كنيسة للعبادة, خاصة أن ممارسة العبادة عند المسيحيين تستوجب مكانا بعينه وليس في أي مكان مثل المسلمين.
* ولكن تعدد الفتاوي يجعلنا نسأل من يمثل الإسلام؟
* * هذه كارثة لا يوجد لدي المسلمين شخصية واحدة تمثلهم ولكن هناك شخصيات كثيرة بعضها محسوب علي الحكومات والبعض الآخر طائفي مثل شيخ للسلفية وشيخ للإخوان وشيخ الصوفية, ولذلك أدعو جميع مسلمي العالم إلي اعتبار الأزهر الشريف بمشيخته المرجع الأساسي الذي يرجعون إليه خاصة أن الأزهر أقدم جامعة إسلامية علي الإطلاق وأكثرها اعتدالا ولديه مجمع علمي عالمي يحمل الفكر الوسطي, وبفضل الله يرأسه الآن شيخ جليل واسع الثقافة والاطلاع وعنده حكمة واقتدار في إدارة الأمور.
* وبالنسبة لتعدد الفتاوي.. ما الحل؟
* * طالبنا ومازلنا نطالب بسن تشريع يجرم من يتصدي للإفتاء من غير أهله, ونتمني أن يصدر قانون في هذا الشأن, فلدينا في مصر دار إفتاء وفي كل قطر مؤسسة للإفتاء علينا جميعا أن نلتزم بها ونقف عند رأيها درءا لهذه الفتنة الواقعة عند الناس, وأتمني أن يتقي الله كل المسئولين عن القنوات الفضائية ويلتزموا بتقديم علماء الأزهر المشهود لهم بسعة الأفق.
* في رأيك لماذا أصبح المصريون يميلون إلي التشدد في التدين؟
* * طبيعة المصري التساهل والوسطية لأبعد الحدود لكن هناك غزوا ثقافيا دعمه البترول, مما شجع علي نشر ثقافة مختلفة عن الثقافة المصرية ونشر فكر متشدد علي أنه الفكر المذهبي الحق ولا حق سواه, في حين أن الشريعة الإسلامية قائمة علي المرونة, وفي كل مسألة هناك عدد من الآراء ومن حق كل إنسان أن يأخذ من الآراء ما يناسبه, وقد ساعد علي نشر هذا الفكر المتشدد وجود بعض القنوات المؤسسة في دول الخليج والتي تبث من مصر في ظل غياب لدور الإعلام الرسمي بشكل كبير.
وهناك الآن بادرة أمل إذ دعا الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب لوجود قناة باسم الأزهر الشريف لتحد من هذا الفكر, وهناك قناة أزهري التي تتبني فكرا ومنهجية معتدلة.
* كيف تري مستقبل التدين في مصر.. مزيد من التشدد أم عودة للسماحة؟
* * نحن وصلنا للأسف في كل شئ للحد الأقصي من مستوي هبوط المنحني, ولذلك يبقي الأمل لصعود المنحني مرة أخري فنحن لا ننتظر إلا أن يحدث هذا الصعود.
* لماذا يلمع الدعاة بعيدا عن المؤسسات الرسمية لدرجة أننا نري دعاة الآن بدرجة نجوم؟
* *وأنا أسألك.. هل تعتقد أنه لا يوجد نجوم في وزارة الأوقاف؟ بالقطع هناك نجوم لكن هل هؤلاء النجوم أخذوا حظهم من الدعم وتسليط الضوء مثل ما أخذ غيرهم؟ طول عمري أقول أعطونا نصف ما أعطيتم هؤلاء وسوف نتفوق عليهم حتي لو قلنا إن دعاة الأوقاف لا يعطون ما يطلبه الشارع, فمثلا الداعية عمرو خالد وأنا أكن له كل الاحترام له فريق عمل يتألف من مجموعة كبيرة من الباحثين.. وهناك رجال أعمال يدعمونه بشكل كبير, أما نحن فنحارب فإذا ظهر منا داعية كنجم فهذا يمثل نجاحا كبيرا.
* ما رأيك في انتشار النقاب بمصر؟
* * النقاب غزو ثقافي قادم من دول الخليج لمصر, وعندما وجدنا الجدل عنه يزداد في مساجدنا أصدرنا رسالة بعنوان النقاب عادة وليس عبادة, وذلك للحد من انتشاره وإن كانت لم تمنعه خاصة أن الأصوات المنادية به عالية عبر العديد من وسائل الإعلام.
* وماذا عن الختان؟
* * الختان مشكلته أكبر لأنه موروث شعبي لدي أبناء الأمة, وأعتقد أننا سنأخذ وقتا حتي نقضي عليه.
* هل هناك أوقاف قبطية ترعاها الوزارة؟
* * وزارة الأوقاف سلمت كل الأوقاف التي تخص الأقباط في مصر للكنيسة, وشكلت لجانا مشتركة للتسليم والتسلم وانتهت بشكل جيد, ومما يدل علي تداخل الثقافة المصرية هناك مساجد ومدارس تأسست علي تبرعات من أهل الخير مسيحيين ومسلمين, وحتي الآن لا نجد مشكلة في أن يتبرع مسيحي في بناء مسجد وهذا يحدث, ولا توجد إشكالية في العكس وإن لم تتوفر لدينا إحصائية تظهر هذا.