تتزايد يوميا الأصوات المطالبة بصياغة دستور جديد للبلاد أولا ويعقبه انتخابات برلمانية ويقود الليبراليون واليساريون هذا الاتجاه في مواجهة أصحاب التيار الديني المناهضين لهذا التوجه والذين يطالبوا باحترام نتيجة استفتاء التعديلات الدستورية في مارس 2011 وإجراء الانتخابات في مرحلة سابقة علي وضع الدستور. كانت آخر الحملات المطالبة بصياغة الدستور أولا هي دعوة شباب الجمعية الوطنية للتغيير بتأييد عدد من الأحزاب الليبرالية لمليونية الدستور أولا يوم 8 يوليو القادم. وأعلنت من جانبها جماعة الإخوان المسلمين رفضها للدعوة معتبرة أنها خطوة تهدف لتأجيل الانتخابات وانقضاض علي الشرعية.
ووجهت 20مؤسسة بحثية وحقوقية دعوة للمجلس العسكري للاستجابة لمطلب الدستور أولا وذكر بيان لها أنها خطورة منطقية يقتضيها الانحياز المعلن من جانب القوات المسلحة لمشروعية الثورة, وما رتبته من سقوط نظام حكم وتقويض دعائمه الدستورية. يتعين أن يحل محله نظام تجديد, بما يفترض أن تبني مؤسساته والعلاقات الحاكمة فيما بينها مفقا لدستور جديد, يجري إعداده أولا وليس العكس, وأكدت المنظمات أن المسار المعتمد وجدوله الزمني, ينذران بدخول البلاد مرحلة أطول من عدم الاستقرار فضلا عن الانعكاسات السلبية لذلك المسار علي عملية إنعاش الاقتصاد.
كما قامت الجبهة الحر للتغيير السلمي بالتنسيق مع قوي مدنية أخري بتدشين حملة لحشد 15مليون توقيع لـالدستور أولا وتطالب فيها المجلس العسكري الأعلي بأولوية صياغة دستور جديد عبر لجنة تأسيسية من كافة الرموز الوطنية قبل أي انتخابات عامة, كما أشارت الجبهة إلي أن الشعب لم يستفت علي الإعلان الدستوري, بالرغم أنه المصدر الوحيد للسلطات وأن أبسط حقوقه هي إدارة المرحلة الانتقالية مما يتطلب ضرورة إسقاط الإعلان الدستوري وصياغة دستور جديد يؤسس لمصر مدنية حديثة.
من ناحية أخري كلف حزب التجمع أعضاءه في المحافظات بالمشاركة النشطة في حملة جمع التوقيعات للمطالبة بالدستور أولا وقرر المكتب السياسي للحزب التنسيق مع القوي والأحزاب التي تطالب بدولة مدنية, وتطبق حقوق المواطنة المتكافئة. كذلك انضمت لجنة القوات المسلحة المنبثقة عن مؤتمر الوفاق القومي الذي يعقد بمجلس الشعب إلي المطالبين بتعديل الدستور أولا قبل إجراء أي انتخابات وعلي أساس أنها ستفرز نتائج غير واقعية وستؤدي لمزيد من التوتر لو استولي علي البرلمان الجديد فصيل واحد أو نفس الوجوه التي احتكرت العمل البرلماني لسنوات طويلة. وقال سامي حجازي رئيس اللجنة إنه يجب وضع الدستور أولا لأن الأمن والأمان لم يستقر في البلاد حتي الآن. كما حذر من أن الأحزاب الكرتونية في ظل النظام السابق أصبحت مرتعا لفلول النظام السابق.
أوضح الإعلامي نبيل شرف الدين رئيس تحرير موقع الأزمة الإخباري أن البلاد أمام خيارات عدة إما دولة مدنية وأما دولة عسكرية, أو دولة ملونة نتيجة تحالف العسكر مع الإسلاميين وانتقد الحديث عن دولة مدنية بمرجعية إسلامية, وأضاف أنه يمكن استلهام التجربة الألمانية التي تقوم علي فكرة القواعد الحاكمة التي هي مواد فوق الدستورية التي توافق جميع الشعب عليها وطالب بصياغة عشرة مواد تكون فوق دستورية تحدد هوية البلد المدنية وتحدد التزام الدولة بمواثيق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية وفي ذلك معيار يلتزم به واضعو الدستور بعد ذلك فنحن جزء من العالم ويجب أن نلتزم بالمواثيق والمعاهدات الدولية فهناك إعلان عالمي لحقوق الإنسان وجزء منه احترام حقوق الإقليات والمرأة والطفل ويتوقع شرف الدين أن الأمور ستمضي في طريق دولة شبه مدنية, وهذا مسخ والتفاف علي مدنية الدولة وانتكاسة وردة يجب مقاومتها وأشار إلي أنه لاتوجد علاقة بين عمل دستور جديد أو صياغة مواد فوق دستورية قبل إجراء الانتخابات وبين الاستفتاء الذي تم في مارس الماضي لأن ربط الاستفتاء بهوية الدولة يعتبر شكلا من أشكال الخداع, فلا توجد علاقة بين تحديد هوية البلد وبين نصوص مواد الدستور الذي تم الاستفتاء عليها وقال إن الشعب المصري في حاجة إلي التصالح مع النفس بغرض التعايش السلمي الذي تحكمه دولة القانون.
وقال محمد مصطفي شردي عضو مجلس الشعب السابق وأحد كوادر حزب الوفد إنه يؤيد بشدة وضع دستور جديد للبلاد وتأجيل الانتخابات. وقال إنه من البديهي أن توضع القواعد الدستورية أولا قبل إجراء الانتخابات حتي تأتي محايدة وتكون اللجنة التأسيسية غير منحازة لتيار أو فكر معين فكل دول العالم بعد الثورات في العالم تضع دستورا جديدا وحاليا يوجد إجماع فكري بين المثقفين والتيارات السياسية علي أهمية صياغة دستور مصري قبل أي تحرك سياسي مؤكدا علي ضرورة تأجيل الانتخابات البرلمانية لإتاحة الفرصة للأحزاب الجديدة لتتحرك وتنظم صفوفها في الشارع كما أن الحالة الأمنية تنذر بعواقب وخيمة حيال إجراء الانتخابات فالحالة الاقتصادية المتدهورة تنبه لعودة سلطة المال في شراء الأصوات.
ودعا الدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون الدستوري بجامعة الزقازيق بوضع الدستور أولا يليه إجراء الانتخابات مشيرا إلي أهمية عمل الأساسات أولا قبل البناء لأن إجراء الانتخابات يترتب عليه مجلس يملك سلطة تشكيل وضع دستور جديد للبلاد مما يؤدي إلي انفراد التيارات الإسلامية بوضع هذا الدستور. وأكد أنه من الأفضل تأجيل الانتخابات حتي يمكن للأحزاب مخاطبة الشعب والتنافس في الانتخابات. ويقترح أن يترك المجلس العسكري يضع دستورا جديدا, عبر جمعية يختارها وفقا لمعايير تضمن تمثيل كافة طوائف المجتمع كما أن الانتخابات أولا ثم الدستور تدخلنا في أخطاء قانونية وعلي سبيل المثال إذا تم الاتفاق في الدستور الجديد علي إلغاء نسبة الـ 50% عمال وفلاحين, وبما أن المجلس المنتخب يقترن بتمثيل هذه النسبة تعاد الانتخابات حتي تتوافق مع مبادئ الدستور كما لو اتفق علي إلغاء مجلس الشوري, بالتالي سيتم حل مجلس الشوري الذي سيتم انتخابه.
اتفق ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل علي أهمية تأجيل الانتخابات, وتوقع أن تحدث كوارث أيام الانتخابات في ظل الوضع الأمني السيئ كما أن الأحزاب غير مستعدة بشكل كاف للتنافس أمام فصائل سياسية موجودة منذ عشرات السنين وطالب الشهابي استغلال فترة الانتظار لحين أن تستعيد الشرطة هيبتها في إعداد الدستور علي أن يعرض علي الشعب في استفتاء عام.