الخوف حالة انفعالية طبيعية يشعر بها الإنسان في بعض المواقف ويسلك فيها سلوكا يبعده عن مصدر الخطر… فالخوف أمر طبيعي يهدف إلي حماية الإنسان مما يحيق به من خطر, ويعرف هذا بالخوف الطبيعي… أما الخوف المتكرر لأي سبب فيكون خوفا غير طبيعي أي خوفا مرضيا… يتضح من ذلك أن الخوف الطبيعي المعقول مفيد لسلامة الإنسان… أما ما عدا ذلك فهو ضار لشخصيته وسلوكه, ومن مظاهره الانطواء وعدم الجرأة والتهتهة وغير ذلك من الخصال المعطلة للنمو.
فما الخوف عند الأطفال ومظاهره وتأثيره عليهم وكيفية علاجه؟
أجابت د. كلير فهيم استشارية الأمراض النفسية والعصبية قائلة:
تنقسم المخاوف عند الأطفال إلي حسية وغير حسية… فالمخاوف الحسية يمكن إدراكها بالحواس المختلفة كالخوف من الشحاذ أو الجندي أو بعض أنواع الحيوانات كالحصان أو القرد أو الصرصار… أما المخاوف غير الحسية كالخوف من الموت أو من الظلام أو العفاريت.
الحقيقة أن ما يثير خوف الطفل يختلف باختلاف سنه… ففي الشهور الأولي يفزع الطفل من أي مؤثر كالضوء الشديد, والصوت العالي المفاجئ وخاصة عندما تكون الأم بعيدة عنه… ويتقدم نمو الطفل تزداد مثيرات الخوف.
أما في سن الثانية حتي سن الخامسة فقد يفزع الطفل من الأماكن الغريبة الشاذة ومن الغرباء والحيوانات والطيور التي لم يألفها, ويخاف من تكرار التجارب المؤلمة التي مر بها كالعلاج الطبي أو العمليات الجراحية, وقد يرهبه الظلام فهو يخشي المجهول… فالطفل في هذه السن يخشي ما يجهله…, بالإضافة إلي أن تركه في الظلام يشعره بالوحدة, ويبعده عمن يحبه ويألفه.
كلما كبر الطفل تراجعت مخاوفه, وبدأ يدرك المعقول واللامعقول كسبب للخوف.
من مظاهر الخوف عند الأطفال الفزع وقد يكون مصحوبا بالصراخ, ثم يتطور بعد ذلك إلي الصياح والهرب المصحوب برعشة وتغيرات في تعبيرات الوجه أو في التهتهة,وقد يكون الخوف مصحوبا بالعرق أو التبول اللا إرادي وقد تتطور الحالة إلي سلوك شاذ يحتاج إلي علاج.
الطفل الذي يخاف يصعب عليه تكوين أصدقاء, ويفضل الانطواء, لا يستطيع الاعتماد علي نفسه, غير قادر علي التصرف بمفرده في مواقف الحياة المختلفة في المنزل أو المدرسة ويفقد الثقة في نفسه.
أبرز مصادر الخوف عند الأطفال هم الآباء أنفسهم بسلوكهم القلق المضطرب بغضبهم وانفعالاتهم وقسوتهم أو بتدليل أطفالهم أو إهمالهم وتجاهل أسئلتهم.
إن مخاوف الأطفال تتكون أغلبها من استثارة البيئة لانفعالات الخوف وتكرارها.
من هنا تبدو أهمية وخطورة دور الآباء في ضرورة إحاطة الطفل بمناخ من الدفء العاطفي الذي يشعره بالأمن والطمأنينة… مع ضرورة الحزم بدرجة معقولة ومرنة… مع تربية روح الاستقلال والاعتماد علي النفس والثناء عليه بالتقدير وعدم السخرية منه لأي سبب وعدم مقارنته بإخوته.
يجب مساعدة الطفل علي مواجهة المواقف التي ارتبطت بذهنه بانفعال الخوف, كالخوف من بعض الحيوانات أو الماء, وذلك بتشجيعه ولكن ليس بدفعه دفعا شديدا أو بزجره أو توبيخه… مع مراعاة إبعاد الطفل عن مثيرات الخوف كالمآتم والمشاهد التي تثير الرعب… وحمايته من الخرافات السائدة في المجتمع كالعفاريت والجان.
والخطة التي يمكن اتباعها للوقاية من الخوف هي توضيح الغريب وتقريبه من إدراك الطفل, ثم ربط مصادر الخوف بأمور سارة محببة بدلا من ربطها بأمور تثير الخوف والرعب. وإذا كان الطفل يخاف من الظلام فيمكن أن ينام في غرفة بها ضوء, ثم يقلل الضوء ليلة بعد ليلة, لا مانع أن يحتفظ الطفل ببطارية يضيئها إذا شعر بالحاجة إليها… ويجب مراعاة نوع القصص التي تروي للطفل قبل النوم بحيث تكون خالية من عناصر الإزعاج والرعب.
أحمد حياتي