تحدثنا الأسبوع الماضي عن بعض ركائز الحياة الرسولية ومنها:
1- عمل الروح القدس 2- التعليم3- الكتاب المقدس4- النفس الواحدة
5- القيادة الإلهية :
كان واضحا في حياة آبائنا الرسل الأطهار, أنهم عاشوا وخدموا تحت قيادة روح الله المبارك. فمع أن الرسول بولس مثلا كان متحمسا للذهاب إلي آسيا أو بيثينية ليكرزوا هناك باسم الرب, إلا أنه لم يتحرك إلا حينما قاده الروح إلي مكدونية باليونان, حينما رأي الرجل المكدوني يناديه قائلا: ##أعبر إلينا مكدونية, وأعنا## (أع 9:16), وهكذا بينما كان ينوي الاتجاه شرقا أو شمالا, نجده يتجه غربا إلي أوربا, ليؤسس كنائس باقية حتي الآن. كذلك معلمنا بطرس حينما رأي الملاءة النازلة من السماء تحمل حيوانات الأرض, تحقق أن روح الله يطلب منه أن يبشر كرنيليوس, ونفس الأمر حدث مع فيلبس والخصي الحبشي. حقا, لقد كان آباؤنا منقادين بالروح في كل شئ, وهذا كان من أهم أسرار نجاح خدمتهم.
6- الشركة:
وهي لقاءات المحبة التي تجمع المؤمنين, كأعضاء في جسد واحد, هو الكنيسة رأسها المسيح. لذلك حرص الآباء الرسل علي الاجتماع للعشاء ليلة كسر الخبز (الأفخارستيا), وعلي تناول الطعام بابتهاج وبساطة قلب بعد التناول مباشرة (انظر 1كو20:11 – أع42:2). هذا ما عاشته الكنيسة فيما بعد حين كان يجتمع المؤمنون للعشاء بعد رفع بخور عشية, ثم يأخذون ##الأولوجيا## أي لقمة البركة بعد القداس. وبالطبع فإن لقمة الألوجيا هي رمز لوجبة كاملة بعد القداس, وقبل أن ينصرف المؤمنون إلي بيوتهم وقراهم.
7- كسر الخبز:
أي التناول من جسد الرب ودمه, الأفخارستيا. وهذا هو سر الأسرار بمعني أنه سر الاتحاد بالرب, والثبوت في شخصه الحبيب. فالتناول من جسد الرب ودمه, هو وسيلة الثبات التي اعتمدها الرب بنفسه حين قال: ##من يأكل جسدي, ويشرب دمي, يثبت في وأنا فيه## (يو 56:6). وفي الأفخارستيا يتحد المؤمن بالرب يسوع, رأس الكنيسة, وببقية أعضاء الجسد, سواء الأعضاء السماوية أي القديسين, أو الأعضاء الأرضية أي المؤمنين المجاهدين في الأرض ضد الشيطان والخطيئة بلوغا إلي ##القداسة التي بدونها لن يري أحد الرب## (عب 14:13).
8- الصلوات:
##إذ كان الآباء الرسل يواظبون علي الصلوات## (أع 42:2). وكانوا ينتظمون في صلوات السواعي في الهيكل, كما نعلم عن معلمنا بطرس ##حين صعد علي السطح ليصلي نحو الساعة السادسة## (أع 9:10), فهذه الصلوات يمكن أداؤها في الهيكل أو المنزل.
كذلك كان الرسل يواجهون الضيقات والاضطهادات بالصلاة, فحينما ألقوا الأيادي عليهما (بطرس ويوحنا), ووضعوهما في حبس (أع 3:4), بعد معجزة شفاء المقعد في الهيكل, صلي الآباء الرسل من أجلهما, ##ولما صلوا تزعزع المكان.. وامتلأ الجميع من الروح القدس## (أع 31:4).
9- المعجزات:
كان وعد الرب واضحا لهم: ##الآيات تتبع المؤمنين## (مر 17:16), وهذا ما اختبره الرسل طوال فترة خدمتهم, إذ كانت تجري علي أيديهم ##آيات غيرالمعتادة## كالشفاء بمجرد عبور ##ظل بطرس## علي المرضي, أو باستخدام ##الخرق واللفائف## من فوق قروح الرسول بولس.
10-الألم:
وهل قاسي أحد مثلما قاسي التلاميذ؟
لقد استشهدوا جميعا فيما عدا يوحنا الحبيب الذي كان من المعترفين الذي قصد الرب أن يبقي شاهدا بلاهوته للأجيال التالية, ولكي يكتب إنجيله ورسائله ورؤياه, وهي أسفار أساسية في شرح ألوهية الرب, وحقيقة التجسد, وجوهر المسيحية, ومستقبل الكنيسة.
فليعطنا الرب أن نتأمل حياتهم, وننظر إلي نهاية سيرتهم فنتمثل بهم, ولنبدأ الآن في دراسة هذه الملامح بشئ من التفصيل بمعونة الرب وصلوات آبائنا الرسل الأطهار.