[email protected]
يعتبر العمل هو السبب الرئيسي للهجرة لبلدان الخليج العربي وعلي ذلك فإن النظم المتبعة في هذا السياق تركز علي تنظيم استقدام الأيدي العاملة وتنظيم إجراءات الدخول والإقامة وترفض كافة دول الخليج استخدام تعبيرالمهاجربالنسبة للقادمين للعمل بها وتطلق عليهم تعبيرعمالة وافدةولا تترتب علي طول فترة إقامة العامل الأجنبي في أي من دول الخليج أية مزايا أو استحقاقات فيما يتعلق بحصولهم علي الإقامة الدائمة أو التجنس.أضف إلي ذلك أن رؤية صانع القرار في هذه الدول تتركز علي أن هذه الأفواج البشرية ما هي إلا عمالة مؤقتة سوف تغادر البلاد إلي مواطنها الأصلية وإن طالت فترة إقامتها وعلي ذلك فإنه بخلاف الهجرة إلي دول الغرب,لا يتمتع العامل بأية مزايا قانونية ترتبط بطول مدة بقائه في هذه الدول.وتشترط السلطات في هذه الدول أن يكون استقدام العامل الأجنبي من خلال كفيل.
أدي نظام الكفيل إلي منح صاحب العمل العديد من الامتيازات في علاقته مع العمالة الأجنبية ترتكز علي احتكار سلطة بقاء العامل -المكفول-في سوق العمل المحلية وتقييد حركة العمالة الأجنبية بما يعنيه ذلك من ضعف مستويات الحقوق للعمالة بالمقارنة مع العمالة الوطنية في هذه الدول,حيث يتضمن انتهاكا لحقوق العامل وتحيزا لجانب الكفيل بما يجعل حياة العامل الأجنبي ومصيره مرتبطين بشخص الكفيل ناهيك عن العديد من التجاوزات والممارسات التي تتعارض مع القوانين والأعراف الدولية المطبقة مثل مصادرة جواز سفر المكفول والذي يخالف المواثيق الدولية التي تحظر فرض قيود علي حرية الأفراد في التنقل والسفرالمادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسانناهيك عن المخالفات الأخري مثل العمل في ظروف سيئة وتأخير صرف مستحقات العاملين.وقد أعلنت مملكة البحرين في مايو 2009 إلغاء نظام الكفيل وبدأ العمل بذلك ابتداء من أغسطس 2009,كما أعلنت دولة الكويت إلغاء نظام الكفيل اعتبارا من فبراير 2011,وتدرس قطر حاليا إلغاء هذا النظام.
وتعرضت دول الخليج لانتقادات شتي بسبب إصرارها علي الاستمرار في تطبيق هذا النظام الذي يشبه نظام السخرة والذي يعد نوعا من أنواع العبودية وأنذرت منظمة العمل الدولية عام2007 دول الخليج بتعليق عضويتها في المنظمة الدولية إذا ما استمرت في تطبيق هذا النظام حيث كفلت المواثيق الدولية حماية حقوق العمال المهاجرين وأسرهم,وربما تكون الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم الصادرة عن الأمم المتحدة عام1990 أهم الوثائق الدولية في هذا الصدد وقد بدأ نفاذ هذه الاتفاقية اعتبارا من يوليو 2003,وتعرف هذه الاتفاقية باتفاقية العامل المهاجر وفئات العمال المهاجرين وأفراد أسرهم ويعتبر الهدف الرئيسي منها هو ضمان حماية واحترام الحقوق الأساسية للمهاجرين ولكن يلاحظ أن دول الخليج العربي التي يفترض أن تكون المسئولة عن حقوق العاملين لديها لم تصادق علي هذه الاتفاقية فعلي صعيد العالم العربي,صادقت علي هذه الاتفاقية ست دول عربية فقط هي مصر والمغرب 1993 وليبيا2004,والجزائر وسورية 2005,ثم موريتانيا عام 2007 ومن الملاحظ أن القائمة العربية,باستثناء ليبيا,تخلو تماما من الدول العربية المستقبلة للعمالة وخاصة دول الخليج العربي التي يوجد بها أكثر من15 مليون مهاجر ولكن المواثيق الدولية وحدها ليست كافية لحماية العمالة المهاجرة حيث أن علي دول المنشأ اتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية مواطنيها ليس فقط علي أراضيها ولكن أيضا في كافة أرجاء المعمورة.
لذلك يجب علي المجتمع الدولي تكثيف الضغط علي دول الخليج لإلغاء هذا النظام الجائر أسوة بما أقرته مملكة البحرين ودولة الكويت,كما يجب الضغط علي دول الخليج للمصادقة علي الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.أما علي المستوي الوطني فإنه يجب علي الدولة أن تقوم بإعداد برامج تأهيل للمسافرين لتعريفهم بحقوق القانونية من خلال ما يعرف بـإرشادات ما قبل السفر وجعل مثل هذه البرامج إجبارية لكافة المسافرين بغرض العمل في تلك الدول .
وفي هذا الصدد يمكن ربط انتظام الراغب في العمل بالخارج في مثل هذه البرامج بالحصول علي تصريح السفر الذي تصدره وزارة الداخلية للراغبين في العمل بالخارج.كما يجب علي منظمات المجتمع المدني الحقوقية أن تضيف إلي برامجها الحالية بعض البرامج التي ترمي إلي تعريف المهاجرين بحقوقهم وواجباتهم وأن تمد يد العون والمساعدة القانونية لهؤلاء المهاجرين وعدم الاكتفاء برصد انتهاك حقوقهم من قبل الكفيل أو صاحب العمل.