انتشر مرض يسمي إي كولاي وهي بكتيريا تسببت في تسمم غذائي, ظهرت أولا في ألمانيا وتسببت في عدد من الوفيات ثم انتشرت في عدة دول أوربية وكان هذا بدءا من22 مايو الماضي, معظم الوفيات فوق سن العشرين و61% من الوفيات إناث.تم اتهام الخيار الأسباني في البداية علي أنه يحمل الميكروب ولكن استطاعت أسبانيا تبرئة الخيار وأخذ تعويض عن سمعته.. وفجأة انتقل الاتهام إلي الحلبة المصرية حيث يأكلوها في الخارج مستنبتةأي نيئة منبتةبمفردها أو داخل السلطة.. وكان رد فعل هذا وقف استيراد الحلبة من مصر و15 نوعا آخر من البذور المستنبتة حتي شهر أكتوبر القادم ورغم كل المساعي التي بذلتها وزارة الزراعة المصرية والوفود التي أرسلتها للكسمبرج لتقديم أدلة البراءة إلا إن الأمر لم يحسم بعد.. وأخيرا جاءت إلي مصر منذ يوم 21 أغسطس لجنة تقصي حقائق لمشاهدة خطوات زراعة وتعبئة وتخزين ونقل الحلبة حتي تصديرها حتي يتم معرفة هل هذه المراحل تتم بمواصفات الاتحاد الأوربي.. وأين يمكن أن يحدث خلل قد أدي لإصابة الحلبة بميكروب إلاي كولاي؟ وذلك رغم أن تحليل الحلبة المصدرة من مصر كان بريئا من الميكروب.. فأين الحقيقة؟.. حول هذا الموضوع بكل تفاصيله يدور هذا التحقيق وحتي كتابته لم تحسم اللجنة رأيها بعد.
المرض
وقبل أن نتعرض في هذا التحقيق للتفاصيل الخاصة بإدانة الحلبة المصرية والوضع الراهن لابد أن نوضح ماهي خطورة انتشار هذه البكتيريا وما سببته من أضرار صحية جعلت الإجراءات الاحترازية واجبة من قبل دول الاتحاد الأوربي وأيضا علي المستوي البحثي.. وكان لنا حديث مع د. نصر طنطاوي خبير الأمراض المستجدة بمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط بمكتب القاهرة وأيضا د. علي المضواحي المتخصص في الصحة العامة وطب المجتمع بمكتب المنظمة بالقاهرة وحول البكتيريا الإي-كولايوخطورتها قال:
بكتيريا الإي-كولايمعروفة منذ القدم ولكن يوجد منها ست سلالات والبكتيريا التي ظهرت في ألمانيا بداية من يوم 22 مايو هي سلالة لم تظهر منذ عام 1982 ويطلق عليهاالمتلازمة اليورمية النزفيةتصيب الأمعاء. والأعراض التي تظهر علي المصاب بها إسهال مدمم إضافة إلي أعراض القيء وارتفاع درجة الحرارة ومعظم الحالات التي توفيت ليس من البكتيريا.
ولكن لأن المصاب بها يحدث له اختلال في وظائف الكلي وأنيميا حادة للدم ونقص في الصفائح الدموية وهذا ما حدث لمعظم الحالات التي توفيت بعد إصابتها ببكتيريا الإي-كولايوكان معظم المتوفين 88% منهم أعمارهم فوق العشرين و61% منهم من الإناث .
الطبيعي أن بكتيرياالإي-كولايتظهر أساسا في منتجات الألبان وتعتبر الأبقار والإبل هو العائل الرئيسي لهذه العدوي, ولكن تنتقل العدوي من خلال استهلاك أطعمة ومياه مختلطة بالفضلات الملوثة فإذا تسربت مياه ملوثة بفضلات حيوانات مصابة أمعاؤها بالبكتيريا تلوث المزروعات أيضا ولذلك كان الشك قد انتقل إلي الخيار الأسباني في البداية وبعد التأكد من أن مراحل زراعته حتي تصديره سليمه بدأ الشك في الحلبة المصرية ودور منظمة الصحةالعالمية غير معني بسلامة الزراعة أو إدانة أغذية بعينها ولكن دورها تثقيفي وأيضا توعية بالتدابير التي يجب اتخاذها لمكافحة العدوي والنمط الذي انتشرت منه البكتيريا في ألمانيا ثم إلي عدد من دول أوربا هو النمطEHECوهو نوع شرس من البكتيريا وأهم التوصيات التي نصحنا بها عند ظهور هذا النمط ضرورة الطهي الجيد للأطعمة حتي البذور وعدم أكلها نيئة خلال هذه الفترة فالبكتيريا تموت عند درجة حرارة 70 درجة مئوية أو أكثر
تتطلب إجراءات مكافحة العدوي مراقبة مراحل السلسلة الغذائية بدءا من مرحلة الزراعة إلي التصنيع حتي إعداد الطعام سواء في المنشآت الصناعية أو المنازل وتوافر قواعد النظافة أثناء ذبح المواشي والتخلص من فضلات الذبح بشكل آمن وتثقيف العاملين في سلخ الجلود ومصنعي منتجات اللحوم وتثقيف المزارعين بأسس النظافة الشخصية ومراعاة عدم خلط فضلات حيوانات المزرعة بمياه زراعة المحاصيل وخاصة البذور فقد أثبتت التحريات أن عوامل العدوي التي توجد في فسائل المزروعات تأتي علي الأرجح من البذور فقد تتلوث البذرة أثناء وجودها في التربة أو أثناء الحصاد أو عند التخزين أو النقل ولذلك لابد من مراجعة ميثاق الممارسات النظيفة للتعامل مع الفواكه والخضروات الطازجة.
معالجة بطيئة
وعلمنا أن الموضوع في البداية وبعد انتشار المرض في عدة دول أوربية وأدي إلي عدد من الوفيات وإن كان قد تراجع المرض مؤخراإلا أن المناقشات كانت تتم علي مستوي منظمات عالمية مثل الاتحاد الأوربي,منظمة الصحة العالمية ومنظمة الفاوولكن ما دور منظمة الفاو في مصر ورأي الخبراء في اتهام الحلبة المصرية بأنها المسببة للبكتيريا الممرضة,كان لنا حديث مع د. فاطمة هاشم المستشارة الإقليمية للغذاء والتغذية بمكتب منظمة الفاو لإقليم الشرق الأدني بمصر فقالت:
دور الفاوفي أي دولة حتي مصر هو إعطاء المشورة العلمية في مجال اختصاصها وهو سلامة الغذاء المزروع وصحة حيوانات المزرعة وذلك علي اعتبار أن الفاو إحدي منظمات الأمم المتحدة.. وطريقة عملنا تعتمد علي طلب تتقدم به الدولة ممثلة في وزارة الزراعة يطلب فيه الوزير المساعدة التقنية في أحد الأمور الخاصة بسلامة الغذاء المزروع وعندما اتهمت الحلبة المصرية بأنها المسببة لبكتيرياالإي كولايلم تطلب منا وزارة الزراعة أي استشارة فنية ونحن علي أتم استعداد لهذا عند الطلب .
00 ولكن عندما ينتشر مرض يتخطي حدود دولة إلي دول أخري من المفترض أن يكون تدخل الفاو حتمي فما هو رأيك كخبيرة في موضوع الحلبة المصرية؟
ما حدث هو حالات تسمم غذائي وليست حالة وباء تقتضي تدخلنا الجبري وكان يمكن أن تطلب الوزارة تدخلنا كمراقبين ولكنهم فضلوا أن يتم ذلك عن طريق الاتحاد الأوربي ولذلك جاءت بالفعل لجنة تقصي الحقائق من الاتحاد الأوربي باعتبارها تمثل عددا من الدول التي تضررت من البكتيريا وحدثت حالات وفيات بها وبالطبع اللجنة تضم خبراء مصريين لتوضيح كل ما يتم خلال عملية زراعة الحلبة وفي رأيي أن مصر لديها منذ البداية كل الأدلة علي سلامة الحلبة ولكن التعامل مع الموضوع علي مستوي الخارج لم يكن كما يجب فالوفد المصري الذي سافر إلي لوكسمبرج كما علمت لم يستطع إقناع المسئولين هناك والأمور كانت تتم ببطء بعكس ما حدث من الجانب الأسباني عند اتهام الخيار الأسباني فقد قام الخبراء الأسبان بعمل تحريات داخل ألمانيا نفسها ووجهوا أسئلة للمرضي ولأهاليهم ثم ذهبوا إلي الجانب الألماني وأطلعوهم بشكل قوي ودامغ وبسرعة علي ما توصلوا إليه وأنهوا الموضوع بسرعة قبل أن يأخذ حيزا إعلاميا لا يمكن التحكم فيه بعد ذلك وهذا لم يحدث من الجانب المصري, بل تم تناول الموضوع إعلاميا بشكل واسع ومطاط وغير حازم رغم أنه قد يكون معهم ما يدل علي براءة الحلبة المصرية ولذلك وجود لجنة تقصي الحقائق في مصر لمتابعة جميع المراحل التي تمر بها زراعة الحلبة سيحسم الأمر بشكل نهائي في اعتقادي.
أثناء الزيارة
دعا وزير الزراعة المصري الاتحاد الأوربي لإرسال لجنة تقصي حقائق لتعاين علي أرض الواقع مراحل زراعة الحلبة في مصر وتحديدا زيارة المزرعة والشركة التي تم تصدير الحلبة من خلالها إلي ألمانيا وكان الاشتباه في الحلبة المستجلبة منها وبالفعل حضرت لجنة تقصي الحقائق من الاتحاد الأوربي إلي مصر يوم21 أغسطس الحالي وكان يصحبهم في الزيارة وفد من وزارة الزراعة والمسئول عن الحجر الزراعي في مصر وأثناء هذه الزيارة كان لوطني حديث في سفير الاتحاد الأوربي في مصر مارك فرانكووطرحنا عليه العديد من التساؤلات وأهم ما دار في هذا اللقاء الآتي:
00هل يمكن أن تكون زيارة لجنة تقصي الحقائق حاسمة وتجزم بتبرئة الحلبة المصرية ويتم إلغاء الحظر علي تصدير الحلبة والخمسة عشر نوعا من البذور المستنبتة إلي دول أوربا؟
ونحن نجري هذا الحديث ومنذ وصول لجنة تقصي الحقائق إلي مصر قامت بزيارة أولا: المزرعة التي تم تصدير الحلبة منها إلي ألمانيا وهذه المزرعة في المنيا ثم تم زيارة الشركة التي تقوم بتعبئة وتخزين وتصدير الحلبة وهي في الفيوم وذلك لمتابعة علي أرض الواقع توافر كل قواعد السلامة التي يجب توافرها في المعاملات الزراعية ما قبل الحصاد وما بعد الحصاد وسيكون هناك شفافية تامة.. وبعد أن تقوم لجنة تقصي الحقائق بوضع تقريرها يكون هناك الحق كاملا للحكومة المصرية ممثلة في وزارة الزراعة أن ترد علي التقرير إذا كان ضد الحلبة ولكن هناك تفاؤلا أنه في جميع الأحوال سيتم في شهر أكتوبر القادم الإفراج عن الخمسة عشر نوعا من البذور المستنبتة التي كان محظور تصديرها من مصر إلي أوربا.
00 يتحدث الاتحاد الأوربي عن تشجيع الاقتصاد المصري ولكن قرار حظر التصدير يؤثر علي هذا الاقتصاد؟أيضا التحاليل المختبرية أكدت براءة الحلبة المصرية من البكتريا تماما مثلما حدث مع الخيار فلماذا لم يتم تبرئتها بشكل نهائي؟
قد يكون لدي طن من الحلبة وأخذ عينة منها قد يثبت التحليل أنها سلبية ولاتحمل البكتيريا هذا لايعني أن طن الحلبة كله قد يكون خاليا من البكتيريا.
ثانيا:قمنا بدراسة أكدت أن حظر تصدير البذور المصرية لن يؤثر سلبا علي الصادرات المصرية إلا بنسبة1% فقط
00 علمنا أن استنبات الحلبة تم في مزرعة في ألمانيا فلماذا لايكون الميكروب قد حدث في مرحلة الاستنبات وليس في البذور المزروعة في مصر؟
تم عمل تحقيق وتقصي حقائق في المزرعة التي تم استنبات الحلبة فيها وتم التأكد أن مراحل الاستنبات كانت تتم بشكل فيه كل شروط السلامة التي يجب توافرها.
كذلك قبل إعلان اتهام الحلبة المصرية تم اقتفاء أثر الحالات التي أصيبت بالمرض في ألمانيا وفرنسا والسويد ودول أخري فوجد أن العامل المشترك في معظم الحالات هي تناولهم للحلبة التي أتت من مزرعة معينة في مصر ومن منتج معين لها في مصر.
كلام العلم
كان لابد أن نحقق الموضوع من الناحية العلمية بشأن سلامة البذور نفسها ولذلك كان لنا لقاء مع د. عقيلة صالح :يقول سفير الاتحاد الأورربي إن عينة من الحلبة من طن مثلا منها حتي لو ظهر أنه سليم من البكتيريا لايعني أن يكون الطن كله سليم فما رأيك في هذا الكلام؟
يوجد طريقة علمية يعلمها جيدا الخبراء العاملون في مجال تحليل الأغذية للتأكد من سلامتها أنه يتم أخذ العينة من عدة أجزاء من الكمية أيا كانت تكون في النهاية ممثلة للكمية كلها وبشكل لايدع مجال للشك.
00 هل لو كان هناك أي خلال في مراحل زراعة الحلبة حتي تصديرها سيكون هذا مسئولية الجانب المصري؟
بالطبع لأن الحلبة التي يتحدثون عنها حاليا ومشتبه فيها تم تصديرها عام2009 فكيف دخلت شرلي ألمانيا أو دول أوربا دون اكتشاف أن بها بكتيريا, ومن يخطر في باله ظهور هذه البكتيريا والتي لم تظهر منذ عام 82 بل إن النوع الذي ظهر منإي كولايهو نوع جديد وشرس ولايمكن اكتشافه بسهولة و,لماذا لم تظهر هذه الحالات قبل2011 ألم يأكلوا الحلبة منذ تصديرها إليهم في2009؟
00 هل الزيارة فقط لتبرئة الحلبة أو إدانتها أم أن هناك فائدة يمكن أن تعود علي مصر من هذه الزيارة؟
00 من المفترض أن يضع الاتحاد الأوربي عقب هذه الزيارة نظاما يطلق عليهالتوأمةأي يتم وضع قواعد للزراعة واحدة بين مصر والاتحاد الأوربي تضمن سلامة المزروعات عند تطبيق هذه القواعد.