الطلاق, الزواج الثاني, النفقة, الحضانة, أحاديث تتكرر هذه الأيام في المجتمع بشكل كبير لدرجة تشعر أن لا حديث في الأوساط المجتمعية سوي عن تفكك الأسرة وكيف يستطيع كل فرد بها أخذ حقه من الآخر دون الحديث عن المحبة والترابط الأسري والحقوق الأسرية في جمع الشمل وعدم الانفصال للحفاظ علي هذا الكيان الواحد وتجنب مشاكل الانفصال.
اضطراب الركيزة الاجتماعية
حول هذا الموضوع تحدثنا إلي الدكتور سمير عبد الفتاح أستاذ علم النفس الذي قال: يوجد حالة من الاضطراب في ركائز المجتمع الأساسية والتي من أهمها الاجتماعية التي أن اضطربت تضطرب الركائز الأخري وهي ركيزة اجتماعية وركائز اقتصادية وسياسية وعسكرية ونتيجة لثورة المعلومات والاتصالات والتي أثرت بالسلب علي المجتمع المصري لأنه ليس مهيئا نفسيا وعلميا لهذه الثورة, فنجد تغيير القيم من طغيان القيم المادية علي القيم الإنسانية من الدفاع عن الزوجة والجار والأخت, وأصبحت القيم المادية هي القيم الأولي نتيجة الثروة المعلوماتية, وأصبح هناك تخلفا مجتمعيا ثقافيا رغم نسبة المثقفين لا يستطيعون أن يوجهوا المجتمع بالإضافة إلي تفتت طبقات المجتمع, مما أحدث عدم رضا بين الطبقات, فأصبح المجتمع ماديا وكل من الزوج والزوجة يبحث عن المكاسب المادية فنجد الجمعيات النسوية تبحث عن حقوق المرأة والرجل بالمقابل يدافع عن حقوقه, ونجد الدولة لا تراعي الطرفين, فعلي سبيل المثال قانون الخلع الذي استحدث لكي ينصف المرأة في النهاية وبعد صياغته أصبح ضد المرأة بل وأحدث اضطرابا وازدادت حالات الطلاق. فقد كان الإنسان في البداية يبحث عن التكافؤ والتوافق الأسري والثقافي والاقتصادي, أما الآن أصبح الزواج يبحث عن التكافؤ والتوافق الأسري والثقافي والاقتصادي أما الآن أصبح الزواج يتم بشكل سطحي ومادي مما زاد حالات الطلاق والفوضي دون عقل أو توازن بالإضافة إلي انهيار القيم الدينية والإنسانيات والأخلاق فأيا كان الدين كان الاحترام الديني كبيرا بل أصبح الآن لا يوجد داخل الدين ذاته لذا لابد من تحكيم الوازع الديني والإنساني والأخلاقي.
وعن الحلول أهمية دور الإعلام خاصة الدراما والإعلام المقروء في أن يوجه سلوك الإنسان إلي القيم الإيجابية دون تهويل أو تخويف وإبراز علاقات الحب والطيبة بين الأفراد من علاقات أسرية وأخوية وحب الجار, بالإضافة إلي تغليب القيم الإنسانية علي القيم الدينية داخل المجتمع.
خلل ثقافي واجتماعي
تقول د.سامية قدري أستاذة علم الاجتماع بكلية البنات إن مشكلة مجتمعنا أنه يحتاج إلي إصلاح وإعادة بناء مجتمع سليم قوي مكون من أسرة سليمة لذا نحن في حاجة إلي تغيير المفاهيم الأخلاقية والدينية والأسرية.
وتري د.سامية أن السبب يرجع إلي الخلل الثقافي والاجتماعي مع دخول المتغيرات الحديثة علي مجتمعنا التقليدي مما أحدث تشويشا وازدواجية. حيث وفد علي المجتمع تيارات حديثة وتيارات متطرفة ومعتدلة وإعلام غير مسبوق وقيم حديثة وثقافات متنوعة, مما أحدث ربكة وخللا في التوازن الاجتماعي لذا نحتاج إلي إعادة بناء للبنية الثقافية والسياسية والاجتماعية والدينية للمجتمع والتركيز علي مواطن الخلل وإعادة بناء الأسرة من جديد, والعمل علي نشر قيم العدالة والتراحم والترابط الأسري بمساعدة كل مؤسسات المجتمع الأخري بداية من مؤسسة الدولة والمؤسسة الدينية والتعليم والإعلام وعلي كل مؤسسة أن تضع الحلول التي تناسبها, فلو اخذنا الإعلام علي سبيل المثال بدلا من التحدث عن التفكك الأسري وتعدد الزوجات والانحرافات الأخلاقية يقدم نماذج جديدة عن الترابط الأسري فيقوم بعمل دعم علي مر الوقت, وهذا يطبق علي باقي المؤسسات التي يمكنها تغيير الصورة والحديث لدي المجتمع.
غياب مفهوم المشاركة في الأسرة
ترجع فردوس البهنسي رئيسة جمعية مصرية للدفاع والمساندة الأسباب إلي الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي جعلت المجتمع يتشاجر علي الفتات حتي الأزواج. حيث أصبح الزواج مصلحة فردية واختفت فكرة أن الأسرة مؤسسة لشريكين, فلا يوجد مكاتب مشورة زوجية لتعرف الزوجين كيف يتعاملا مع الآخر ولا توجد مؤسسات لعمل أسر سعيدة أو تساعد في كيفية اختيار شريك الحياة, وإن وجدت نجدها تناقش الموضوعات الصحية والمشاكل الجنسية, أما الحديث عن كيفية تعامل الأزواج بعضهم لبعض فغير متاحة بشكل كاف, وإن وجدت لا تجد إقبالا من الشباب.
والسبب الثاني يرجع إلي أن الحكومة المصرية تحاول دائما شد الجمهور لقضية اجتماعية بسيطة مثل الزواج والطلاق والنفقة وتصبح الشغل الشاغل للمجتمع وتنسي المشاكل الاقتصادية ومشاكل الديموقراطية ومشاكل التعليم, فعلي سبيل المثال في قضية التحرش الجنسي حيث قررت الحكومة أن تعمل علي هذا الموضوع ويصبح حديث الساعة, مما أحدث حالة من الاستنفار من قضايا المرأة رغم أنها مرتبطة بقضايا أخري مثل قضية البطالة والفقر. فاستخدام أحد القضايا لجمهرة الرأي العام إحدي سبل الحكومة للإلهاء, بل نجد المجتمع يتحدث عن القوانين وهو بعيد تماما عن هذا الموضوع المتخصص, لذا اختصار قضايا المجتمع في قضية رجل ضد امرأة أو العكس شئ خطير ويجب أن نتخطي هذه المرحلة ومناقشة الموضوع لصالح النوع الاجتماعي, فلا يجب أن نقول تمييز نوعي أو ديني أو طائفي أو جنسي بل نضع كل قضية في وضعها وتكون لصالح الأسرة والمجتمع, كما يجب أن يكون هناك قرارا سياديا بتكوين مكاتب للإرشاد الزوجي قبل الزواجي وبعده. وعلي المجتمع المدني أن يعمل علي دعم فكرة الحوار بين الزوجين وتنظيم أصحاب المصالح للمطالبة بمصالحهم بشكل منظم وضبط اجتماعي مع مساهمة الإعلام في عدم زيادة الاحتقان والمناقشة بحيادية وطرح الحلول.