خط متعرج وسطور غير منتظمة…وحروف مهتزة…ثائرة عن مواقعها…تماما مثل حالة من أمسكت بالقلم وخطت تلك الكلمات وروت وهي تقطر مرارة روايتها قائلةأنا سيدة من الصعيد لي أخوان وأخت إذ أننا أربعة أشقاء مات أبونا منذ زمن ورعتنا والدتنا من بعده…عشنا جميعا نسعي لرضاها…فأنا وأختي كنا دائمتي التردد عليها لرعايتها…أما الأخوان فكل منهما يحيا في كنف زوجته ويسير توجيهاتها…ورغم ذلك لم تتورع أمي عن تمييز هما علينا أنا وشقيقتي في كل شئ…كنا نري فارق المعاملة فيصيبنا الإحباط وتنال منا الغيرة دون أن ننطق…علمتنا الأيام أن الأم هي الأم…ولا يمكننا مراجعتها وإن كانت قاسية.
لكن الأمر فاق حد القسوة وتعداها ليقفز إلي دروب الظلم وصولا إلي منتهاها, فبعد أن حاولت والدتي الخروج عن قسوتها ونفذت إجراءات بيع المنزل الذي تقطنه-مكون من خمسة طوابق منها طابقان يتم استخدامهما محالا تجارية- وهذا لصالحي أنا وأختي- هب أخوانا غاضبين واصفين ما حدث بالظلم وقاطعانا…لم نكن نبغي المال ولا العقار فأخوانا أغلي من أي شئ…لذلك تنازلنا عن المنزل كتابة لصالح أمي مرة وأخري…ومد الله في عمرها لتعيش بيننا سنوات بعد تلك الواقعة, ثم فوجئنا بها علي وشك إتمام إجراءات البيع للأخوين مع منحي أنا وشقيقتي شقة واحدة, فهل هذا هو العدل؟…إنها فعلت ذلك بحجة أنهما رجلان وهما أولي بالمنزل,ويعلم الله أنهما لو استحوذا عليه لن ندخله ثانية بحكم زوجتيهما, فنحن الآن في حماية والدتنا, لكن بعد رحيلها لن تبقي الأمور كما هي…وتعلمين يا سيدتي وضع المرأة في صعيد مصر كم هو مترد وكم مميز الرجل لدي أهله, ورغم ذلك تأتي العلاقة في أسوأ الصور الإنسانية بين أخت الزوج وزوجة أخيها فبدلا من أن يستندا إلي بعضهما البعض في مواجهة تمييز الأهل للرجال عن النساء…تجدينهن كما لو كن ينتقمن للظلم الواقع عليهن من بعضهن البعض…ماذا أفعل وهل أرتضي بالظلم وأترك والدتي تكتب المنزل باسم أخوينا وأموت قهرا؟ فبصدري بركان يغلي وأخشي الانفجار …أم أسلم أمري إلي الله وأرضي بالأمر الواقع رغم مرارته التي جعلتني أكره أخواي وأمي التي لم تجد عبارة لدي مواجهتي لها لتسكتني بها إلا أن تقول ليأنت مالكيش حاجة عندي أنت بنت هما رجالةبالله عليك خبريني ماذا تفعلين لو كنت مكاني؟
رد المحررة:
يبدو أن ما تشعرين به من ألم ليس وليد اليوم, ولا الواقعة التي تروينها وإنما تراكم سنوات من التمييز المتكرر من قبل والدتك لأخويك عنك وعن أختك, ويبدو أيضا أنك لم تتمكني من الغفران رغم كل مارويته عن تضحياتك ورعايتك لوالدتك وتضحيتك بامتلاك المنزل مقابل احتفاظك برضا أخويك…فاسمحي لي ببعض من التحليل وكشف ماوراء النفوس, فكل ما فعلته كان بوازع الواجب والأصول, ولم يكن مملي عليك من جذور المحبة التي ينبغي أن تنبع من داخلك.ولا أطالبك بأن تكوني ملاكا ترف أجنحته علي من حوله, فيما تنهال عليه سياط التمييز…فمن الطبيعي أن ترثي مشاعر سلبية تؤرقك وتضيف حساسية تجاه كل تصرف يصدر عن والدتك…وربما يكون ذلك دافعا لك لتمتنعي عن نفس الممارسات التمييزية تجاه أبنائك..لكن أن تظل المرارة عالقة بمشاعرك فتأتي ردود أفعالك محملة بمعاناة السنين فهذا ما يصعب قبوله ممن حولك, وأعتقد أنهم لن يفهموه هكذا, وربما يتهمونك بالطمع أو الغيرة وما إلي ذلك من صفات. لذلك أنصحك نسيان قصة التمييز التي تروينها لأنه لا طائل من ورائها إلا السراب…والمجتمع الصعيدي في بعض مناطقة يحتاج إلي سنوات وربما عقود لتنقله من فكر التمييز بين الذكر والاثني لفكر المساواة ولن تنتظري تلك النقلة الجهنمية التي نتحدث عنها لتحصلي علي حقوقك أو لتهدأ ثورتك ويخبو بركانك.
لكن دعيني أسالك سؤالا بسيطا فأنت تصفين ما فعلته والدتك بالظلم حينما كان الطرف المستفيد الأخوين, بينما تصفين تنازلك حينما تم البيع سابقا لصالحك بالتضحية, ألم يكن ظلما للأخوين حرمانهما من نصيبهما في المنزل؟
لماذا حينما يتبادل الناس الأدوار يفقدون معيار الحكم الصائب؟فتعاليم المسيحية تقضي بتساوي أنصبة الميراث بين البنين والبنات, فالذكر مثل الأنثي في المسيحية, وإذا اختلفا حول اقتسام الميراث وأرادوا توزيعه طبقا للقانون يكون الخضوع لمواد القانون, فيكون للذكر ضعف نصيب الأنثي ولكن كل ذلك يحدث حال توزيع إرث وهو ما يختلف عن الحالة الخاصة بكم كل الاختلاف…فوالدتك علي قيد الحياة, إذا لا مجال للحديث عن العدل والظلم في التوزيع, لأن المبدأ هنا هو المنح أو المنع طبقا لهوي المانح وكيفما أراد..فإذا احتكم إلي ضميره بنية خالصة لترك الأمر بعد وفاته لتتوزع الأنصبة بالعدل بين البنين والبنات..أما إذا مال بقلبه تجاه ابن أو ابنة ليميزه عن سائر الأبناء فلا يستطيع أحد مساءلته..هذا من الناحية القانونية.
ومن وجهة نظري الحل لمشكلتك من الناحية الإنسانية, فوالدتك عقدت النية سابقا لبيع المنزل للأختين ثم تراجعتما, والآن لديها النية لبيع المنزل للأخوين وتستطيعان التأثير عليهما وعليها أيضا…لكن ليس بالصراخ والعويل ونعتها بالظلم أو إبداء الكره كما ذكرت فكل ذلك لن يغير من الأمر شيئا إذا تم, وستظل هي والدتك, وأخواك هما أخواك والخسارة ستكون عنيفة جدا…فلن تكون خسارة مال فقط, وإنما خسارة صلة دم يفقد معها أولادك اهتمام ورعاية الخال, ويفقد أبناء أخويك حنان العمة, ويتوتر المستقبل كله بينكم…فإذا حاولت ولم يأت ذلك بنتيجة هوني عليك, ولا تفكري بالقطيعة واطرحي الكره عنك فقد اخترت من البداية التنازل والتضحية مقابل رضا الأخوين أو نسيت ذلك؟
فإذا كان هذا هو الاختيار الأول عليك بتفضيله علي سائر الاختيارات إذا لم تفلح محاولاتك مع والدتك في إقناعها بإرجاء التوزيع لما بعد رحيلها.
ابنتي تتزوج
أنا رجل في السادسة والخمسين من عمري, لي خمس بنات وزوجة ومنزل صغير كنا نحيا فيه سعداء يكفينا راتبي ويفيض, إلي أن بدأت سلسلة من المفاجآت لا أعلم كيف أصابتني منذ عام 1999 حيث أعمل موظفا بالضرائب العقارية بإحدي مدن الصعيد,اتهمت باختلاس مبلغ وقدره53ألف جنيه,ورغم عدم وجود أي دليل ضدي إلا أن القضية مازالت قائمة منذ ذلك الحين وحتي الآن, والحكم فيها في مايو الجاري…بعدما تم سجني لمدة خمسة أشهر وغادرت السجن في عام2000 لتنحول القضية إلي مكتب خبراء المدينة التي أتبعها,ومازالت منظورة..عدت إلي عملي وتم خصم مبلغ 750 جنيها من راتبي شهريا وكان يتبقي لي 387 جنيها أحيا أنا وأسرتي بها وسددت حتي الآن ما يقرب من 45ألف جنيه…بناتي في مراحل التعليم المختلفة..ساعدني الله وأهل الخير علي استكمال مصروفات تعليمهن…لكن جاء الوقت الذي لا يمكن أن أستند إلي مساعدة طارئة أو بسبيل الصدفة, فابنتي الكبري مخطوبة وعلي وشك الزواج, ولا أعلم من أين لي أن أتمم لها متطلبات زواجها, فلا أملك أبسط ما يمكن أن يأتي بحجرة النوم مثلا…كل ما أرجوه مساعدتي في جهاز ابنتي ولدي كل المستندات الدالة علي صحة قصتي…عانيت كثيرا وعانين معي, لكن ما ذنب هذه الصغيرة فيما أصابني حتي تشعر أنها أقل من جميع من حولها من فتيات وتفتضح أمام عائلة خطيبها فتبدو غير قادرة حتي علي الإتيان بحجرة نومها أو ملابسها اللازمة للزواج أو ما إلي ذلك من متطلبات الحياة الجديدة التي هي مقبلة عليها….كل أمل في إطلالة فرحة علي وجه ابنتي.
رد المحررة:
وأملنا نحن أيضا إدخال البهجة للنفوس وإطلال الفرحة علي الوجوه والمشاركين في صنع ابتسامة, وأيادي الحب طويلة جدا تمتد لكل من يحتاجها أينما وجد في أي مكان وفي كل زمان, صدقني يا عزيزي, زمان الحب لم ينته بعد ولن ينتهي مادامت هناك أياد ممدودة وقلوب مفتوحة.
إيد الحب
امتدت أيادي الحب بالمبالغ التالية:-
500 جنيه فاعل خير
200 جنيه فاعل خير
4500 جنيه فاعل خير