تلعب المرأة المصرية دورا بارزا في تاريخ العمل العام والحياة الاجتماعية والسياسية لمصر, لاسيما مع بدايات القرن العشرين حيث قدمت العديد من النماذج المضيئة في تاريخ الحركة النسائية أمثال هدي شعراوي ونبوية موسي وسيزا نبراوي وصفية زغلول وغيرهن كثيرات.
وبدأت نواة المشاركة الاجتماعية للمرأة بتكوين الجمعيات في النصف الأول من 1914, حيث أنشئت جمعية الاتحاد النسائي التهذيبي انصب اهتمامها بالمحاضرات النسائية, وفي 1919 قامت هدي شعراوي بتأسيس جمعية الرقي الأدبي للسيدات المصريات بهدف تنوير عقلية المرأة, كما نشطت الخطب في جمعية جوارجيوس وطالبت للمرأة بالعدل والمساواة ونبهتها إلي ضرورة الخروج إلي ميدان العمل.
ثم كانت نهاية الحرب العالمية الأولي بداية لانطلاقها وذلك بعد أن اجتازت مرحلة طويلة للوصول إلي إثبات وجودها خاصة بعد أن مثل أمام عينيها ما وصلت إليها المرأة المصرية, واشترك في المظاهرة 530 سيدة وفتاة ينتمي معظمهن إلي الطبقة العليا, وعلي رأسهن زوجات الزعماء الذين تولوا المطالب الوطنية وتم اعتقالهن وواصلت المرأة مسيرتها في الثورة, ففي ديسمبر 1919 تم اجتماع نسائي بزعامة هدي شعراوي في الكنيسة المرقسية بالقاهرة منددة بوزارة يوسف وهبة ولجنة ملنر, وفي يناير 1920 سارت مظاهرة نسائية من باب الحديد إلي عابدين هاتفة ضد الاستعمار متصدية للجنود الإنجليز, وبذلك أعطت الثورة الثقة للمرأة.
كما صاحب تشكيل الوفد المصري فكرة اشتراك العنصر النسائي في هذه المنظمة الوطنية الجديدة وشكلت لجنة الوفد المركزية للسيدات بناء علي اجتماع كبير عقد بالكنيسة المرقسية في يناير 1920, وكان للمرأة نصيب في حركة الإضراب العام يوم 15 نوفمبر 1930, فكتبت إحدي الصحف تقول: وإنما نقول دعرت الحكومة لأنها تعرف مثل ما نعرف أن المرأة متي ظهرت في ميدان العمل لم تعد قوة في العالم قادرة علي أن تصدها ولا أن تصد العمل الذي تساهم فيه عن النجاح.
ومن نتاج عمل المرأة في الحقل الاجتماعي والسياسي الاتحادات والمؤسسات النسائية التي اهتمت بحقوق المرأة ومنها الاتحاد النسائي المصري الذي أسسته هدي شعراوي عام 1923 عقب استقلالها من لجنة الوفد المركزية للسيدات, وضم الرائدات اللاتي ألقي علي عاتقهن إثبات وجود المرأة وإعطاؤها حقوقها والدفاع عنها وإدخالها في النظام الدولي.. كما تناولت تشريعات اجتماعية لحماية الأسرة, وأشرف علي إنشاء أول مصنع للخزف والزجاج بروض الفرج بالقاهرة وبلغ أعلي مستوي في الجودة, وانبثق من هذا الاتحاد آخر باسم شقيقات الاتحاد النسائي المصري مارس أنشطته من خلال إقامة الحفلات لمساعدة اليتيمات والفقيرات وتحسين حالتهن.
أيضا جمعية العمل لمصر وأسستها إستر فهمي ويصا عام 1924, واهتم بمعالجة قضايا المجتمع والمرأة, كما قامت بإنشاء فروع عدة لها في محافظات كثيرة, وهناك جمعيتا أمهات المستقبل والشابات المصريات اللائي أسستهما تفيدة علام في 1929 وخصصتهما للمشروعات النسائية ذات الشكل الاجتماعي ووضعت لهما برنامجا يهتم بالفن والأدب والأخلاق والصحة والألعاب الرياضية وتعليم اللغات والاشتراك في المؤتمرات النسائية الدولية وأصدرت عن الجمعية مجلة أسبوعية كانت لسان حالها.
كما نذكر جمعية رعاية الأمومة والطفولة والتي أسهم في إنشائها زوجات الرأسماليين وتولي الإنفاق عليها بعض الأميرات وسيدات الطبقة الأرستقراطية, وقدمت المساعدات المالية لمستحقيها جاهدة في رفع مستوي المرأة وتحسين الأوضاع الاجتماعية والصحية وذلك عن طريق إنشاء بعض اللجان والجمعيات المنبثقة منها مثل لجنة سيدات الهلال الأحمر وجمعية تحسين الصحة وجمعية مكافحة السل وغيرهم.
وجمعية الفتيات من أبناء السبيل أنشئت في 1930 وجمعية ترقية الفتاة المصرية التي تم إنشاؤها بالإسكندرية وعملت علي تأسيس مدارس للبنات, وقادت نبوية موسي هذا التوجه حيث حثت وزارة المعارف علي إنشاء أول مدرسة للبنات عام 1921 وهي مدرسة البنات الثانوية بالحلمية بالقاهرة ومنها انبثقت مدرسة شبرا الثانوية للبنات.
أما الحزب النسائي الوطني فأسسته فاطمة نعمت راشد 1944 وتبنت برنامج مساواة المرأة بالرجل وحصولها علي حقوقها كاملة وذلك بفتح المعاهد العلمية للبنات وقبولهن في كافة الوظائف.
ونذكر أيضا الجمعية لدولية لتضامن المرأة العربية قامت بأسيسها 120 امرأة عربية من مصر والجزائر والكويت والعراق والمغرب ولبنان, وهي هيئة دولية غير حكومية تهدف إلي رفع الوعي بحقوق المرأة العربية لتصبح قوة سياسية فعالة.
ومؤسسة قضايا المرأة المصرية وهي مؤسسة أهلية أنشأت عام 1995 بهدف تقديم الدعم والمساندة القانونية للمرأة المصرية وتعمل علي التصدي لانتهاك حقوق المرأة من خلال تنمية الوعي القانوني لديها, وتتضمن هذه الرسالة العمل علي تغيير القوانين المميزة خاصة ضد المرأة.
هناك أيضا محكمة النساء العرب وهي محكمة عربية مقرها في لبنان تطالب بمقاومة العنف ضد النساء العرب, وتأسست بمبادرة مجموعة من المنظمات الأهلية العربية وغير الحكومية.
هناك منظمة المرأة العربية ووافق مجلس جامعة الدول العربية علي إنشائها انطلاقا من إعلان القاهرة الصادر عن مؤتمر قمة المرأة العربية الأول المنعقد في نوفمبر 2000 استجابة لدعوة من السيدة سوزان مبارك, حرم رئيس الجمهورية, وتنظيم مشترك من المجلس القومي للمرأة بمصر ومؤسسة الحريري بلبنان وجامعة الدول العربية, ودخلت اتفاقية إنشاء المنظمة حيز النفاذ في مارس 2003.
كذلك المركز المصري لحقوق المرأة وهو هيئة مستقلة غير حكومية وغير حزبية تتولي التصدي لكافة أشكال التميز ضد المرأة وحفز السلطات التشريعية علي إعادة النظر في التشريعات التي تتعارض مع الدستور المصري والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق المرأة وفي مقدمتها الاتفاقية الدولية لإلغاء أشكال التمييز ضد المرأة.
أخيرا هناك رابطة المرأة العربية التي تعمل كمظلة لشبكة من الجمعيات الأهلية وتتعاون مع المنظمات الأخري بمصر والبلدان العربية لنهوض المرأة من خلال التأثير في السياسات وتقديم الخدمات والبرامج التي توفر لها الأمن والأمان وفقا للمنظومة المتكاملة لحقوق الإنسان, وقامت الرابطة بتكوين شبكة من 350 منظمة غير حكومية منتشرة في أنحاء الجمهورية, وتشارك في المشروعات التي تنفذها الرابطة.
ومازالت المرأة المصرية تواصل جهودها حتي تتمكن من الحصول علي حقوقها كاملة.
—————————–
المراجع:
- لطيفة محمد سالم, المرأة المصرية والتغيير الاجتماعي القاهرة 2008
- ماجد بدران, أحوال النساء في مصر القاهرة 1996
- كوستي بندلي, تعليم الفتاة وآفاق المرأة بيروت 1998
- نوال سعداوي, معركة جديدة في قضية المرأة القاهرة 1992