آية الله خامنئي بدأ يوم الأحد الماضي وكأنه يطلق صاروخا لقتل ذبابة, حين اعتبر تمزيق حفنة من صور الإمام الخميني مؤامرة كبري لقلب النظام الإسلامي الإيراني.
فلا هذا الحدث الصغير يستوجب ردة الفعل الكبيرة . ولاردة الفعل الكبيرة هذه ستستطيع أن تبقي كبيرة طويلا, خاصة حين سيتبين لاحقا أن حفلة التمزيق كانت إما فشة خلق فردية أو حتي ربما لعبة من ألعاب أجهزة الاستخبارات.
بيد أن غضبة ولي الفقيه قد يكون لها هي نفسها أبعاد مهمة . إذ هي ربما تشي بأن أركان النظام الذين اهتزت شرعيتهم (أو نصف شرعيتهم) نسبيا بعد الانتخابات الرئاسية, يبحثون عن أي تبرير مهما ضعفت حجته لتصوير المعارضة الشعبية لهم علي أنها معارضة للنظام الإسلامي نفسه . كما أنها ربما تكشف عن مدي القلق الذي باتوا يشعرون به من احتمال تحول حركة المعارضة إلي كرة ثلج متدحرجة قد تجرف في طريقها في نهاية المطاف كل شيء.
والحال أن هؤلاء القادة علي حق في قلقهم . فالبلاد تبدو وكأنها تتأرجح بالفعل علي فوهة بركان . وهذا ما يدل عليه تمدد المظاهرات من جامعة طهران وبقية الجامعات إلي الأحياء الشعبية في العديد من المناطق, واستمرار سقوط القتلي في المجابهات بين قوات الباسيج وبين الشبان المتظاهرين.
وإذا ماكان البعض يعتقد أن الوضع ليس خطرا لمجرد أن الطلاب هم رأس الحربة في المجابهات, فيجب هنا أن نتذكر أمرين:
الأول, أن الطلاب والشبان يشكلون الغالبية الساحقة من الشعب الإيراني الذي يناهز عدده السبعين مليون نسمة.
والثاني, أن هؤلاء الطلاب أنفسهم كانوا الشرارة الحقيقية التي اندلع منها لهيب الثورة الخمينية في عام .1979
وإذا ما أضفنا إلي ذلك الحقيقة أن الطلاب هم جزء من حركة معارضة باتت تضم معظم قطاعات الطبقة الوسطي (من معلمين وموظفين رسميين وفنانين ومثقفين), فقد نصل إلي الاستنتاج بأن ما يحدث هو في الواقع تحرك طبقي (لا طلابي فقط) للمطالبة بتغيير, أو علي الأقل تطوير, النظام: من نظام سلطوي – ديمقراطي إلي نظام ديموقراطي – ديمقراطي, ربما في إطار ولاية فقيه دستورية تملك ولا تحكم, كما الأمر في الملكيات الدستورية.
هذه الحقيقة هي ما يجعل الانتفاضة الشعبية الخضراء الراهنة, بما تمثله من شبكات اجتماعية جديدة تتواصل في ما بينها عبر الأثير الافتراضي (ثلث الشعب الإيراني لهم مداخل علي الإنترنت), مستقلة حتي عن قادتها موسوي وخاتمي وكروبي . وهذا يعني أنه في حال قيام النظام باعتقال هؤلاء القادة جميعا, سيكون في وسع المعارضة بكل بساطة استيلاد قادة جدد مكانهم قد يكونون أكثر راديكالية في طروحاتهم.
وهذا ما شجع بعض المحليين علي القول إن الكاريزما (الجاذبية الجماهيرية) انتقلت في إيران من القادة إلي الناس (كما حدث في أمريكا اللاتينية) فبات الشارع, لا الزعيم, هو العامل التاريخي الكاريزمي.
هذه المستجدات تعني أن السؤال في إيران لن يعود من الآن فصاعدا: هل تتغير إيران؟ فهذا التغير بات حتميا وفق كل المعايير والمقاييس . السؤال الحقيقي الآن هو: كيف ستتغير إيران: سلما أم عنفا؟ وهل ستنتقل من ####السلطوية الديموقراطية#### إلي التوتاليتارية, أم إلي النضج أو التعزيز (وفق تعبير هانتينغتون) الديموقراطي؟
نقلا عن الخليج الإماراتية