نحن في مفترق الطريق. نريد أن نبدأ من أول الطريق. نبدأ من نقطة الصفر. هدفنا تربية النشء, الطفل الصغير الذي يقول عنه خبراء التربية إنه عجينة طرية يمكن تشكيلها والذي يقوم بهذه الخطوة الأولي هو البيت. الأم والأب الذي ينشأ الطفل في حضنهما. عيناه تلاحظهما وتتبعهما ليلتقط منهما ما يفعلان وكيف يتحدثان ويؤكد خبراء التربية أن الطفل عظيم الملاحظة فهو يري ويسمع ويختزن في عقله كل شئ, والذي يختزنه يظل في أعماقه ويظهر علي السطح في وقت الحاجة إليه. وهذه الفترة من حياته هي اللبنة الأولي في بناء الطفل, الفترة التي تسبق خروجه إلي العالم بعيدا عن حضن والديه والالتقاء بالغرباء في رحاب مدرسة الحضانة التي يبدأ يتعلم فيها أشياء كثيرة عن الحياة. هو مستعد أن يتقبل كل ما يشاهده ويسمعه داخل هذا العالم الجديد, ويصدقه ويقبله كما سبق أن تقبله وصدقه من فم والديه. ولأن البناء يحتاج إلي أساس متين حتي يتحمل هذا الأساس ما سوف يبني عليه فلابد أن يكون البناء متسما بالأمانة والصدق لذلك يحتاج المدرس أو المدرسة إلي إدراك أهمية ما نقوله وما تشرحه وأنه يبني ولا يهدم ويعلم الطفل الصدق والأمانة والاحترام, هذا هو الطفل الذي نريده شاب المستقبل ورجل الوطن. سوف نربح كثيرا إذا كنا أمناء معه وسوف نخسر كل شئ إذا خفا الأمانة وغرسنا في عقله قيما ملوثة وأفكارا تهدر الحقيقة وتشتت تفكيره ومبادئه وتبث في عقله كره الآخر وإقصائه من صحبته وهذه هي الخطيئة التي ارتكبها مدرسون ومدرسات في دور العلم في فترة سابقة أدت إلي تعليم مشوه وأفكارا معجونة بالكذب, وقصص وأفكار خبيثة وخلله.
وقد كان وزير التربية والتعليم الدكتور حسين كامل بهاء الدين في فترات سابقة يقظا لما يحدث بين جدران المدارس ويسعي إلي إبعاد أمثال هؤلاء المعلمين من الاستمرار في مهنة التعليم وإقصائهم إلي مواقع أخري بعيدا عن العملية التعليمية خوفا من تشوه عقول الطلبة والتلاميذ, وهذه اليقظة هي ما نحتاجها في الوقت الحاضر حتي لا تكرر أخطاء الماضي ونعاني من الكراهية للآخر وتفقد مشاعر الحب وقبول الآخر واحترامه وحقه في أن يكون له كيان ورأي ووجود مثل زميله الذي يجلس علي المقعد المجاور له في فصله.
إننا نحتاج الأمانة في البيوت من الوالدين لأن كثيرين يرتكبون هذه الخطيئة وذلك الإثم ويفسدون عقول أولادهم منذ الصغر. والخطيئة التي يقع فيها الآباء والأمهات في البيت يكمل تأسيسها المدرسون والمدرسات, وتكون الحصيلة تعليما مشوها وشبابا مغيبا ورجال مستقبل غير أسوياء. لنعد إلي العقل ونفكر في مستقبل بلدنا مصر, المستقبل الذي نتمناه لها ليحصد ما رجوناه من ثورة 25يناير التي وحدت المفاهيم, ووقف شبابها يدا بيد.
ولنؤكد أن البداية من البيت والبداية من التعليم. وإن هذا هو المسار الصحيح لنبدأ ونبني ونتقدم.