يتفق خبراء المال والاقتصاد في العالم علي أن أزمة الائتمان في الولايات المتحدة الأمريكية -والتي أسفرت عن انهيار العديد من المؤسسات المصرفية العملاقة وأبرزها بنك ##ليمان براذرز##- انعكست بالسلب علي كافة اقتصادات دول العالم خاصة القطاع المصرفي,وقطاع الأوراق المالية.والذي لا شك فيه أن البورصات العربية بأسرها قد تأثرت بدرجات متفاوتة من جراء هذا الانهيار.
ويري معظم خبراء المال أن البورصات العربية وخاصة بورصات الدول النفطية الخليجية شهدت خسائر جسيمة قوضت معظم المكاسب التي حققتها قبل أزمة ##الائتمان الأمريكي##.
البورصة المصرية ذات الصلة الوثيقة بالعالمين العربي والأجنبي كان طبيعيا أن تتأثر بدرجة كبيرة إذ شهدت هبوطا حادا في أغلب إن لم يكن كل أسهمها مما أصاب المتعاملين فيها بالهلع.
وطني التقت مع العديد من الخبراء المعنيين بشئون المال في مصر وناقشت معهم وضع البورصة المصرية الراهن وأفق المستقبل في ظل أزمة الائتمان الأمريكية.
يقول حمدي رشاد رئيس لجنة البورصات بجمعية رجال الأعمال المصريين لابد من الاعتراف صراحة بأن أزمة الائتمان في أمريكا لم تؤثر بالدرجة الخطيرة علي أوضاع البورصة المصرية لأن البورصة هنا تعاني في الأساس من أوجاع متعددة قد تؤدي في نهاية المطاف لانهيارها إن لم تقم الجهات المعنية بمعالجة هذه الأوجاع والتخلص منها.ويأتي علي رأس هذه الأوجاع ارتفاع معدل التضخم إلي أكثر من 22%,وقرارات الخامس من مايو الاقتصادية الخاصة بنسبة تعامل المؤسسات في البورصة وموضة الاكتتابات بالقيمة الإسمية,وغياب بعض الأدوات الجديدة عن السوق.
وعن قرارات الخامس من مايو الماضي التي ساهمت في تدهور أوضاع البورصة المصرية يوضح حمدي رشاد أن أهمها ##فرض رسوم علي الطفلة المستخرجة من المحاجر,رفع أسعار المحروقات بنسبة تصل إلي 58%,إلغاء الإعفاء الضريبي علي عائد أذون وسندات الخزانة الذي تعتمد عليه البنوك,زيادة ضريبة المبيعات علي السجائر بنسبة 10%,فرض رسوم علي المشروعات الاستثمارية بنظام المناطق الحرة وزيادة رسم تنمية الموارد علي رخص تسيير السيارات.
ويعترف د.محمد يوسف أحد أبرز خبراء الاقتصاد المعروفين والرئيس الحالي لجامعة بني سويف بأن الاقتصاد ككل معرض لأخطار جسيمة من جراء ما أصاب الاقتصاد الأمريكي مشبها ما يحدث بسقوط رقع الشطرنج الواحدة تلو الأخري لأنها اقتصادات متشابكة ومنفتحة علي بعضها البعض في ظل نظام عالمي يرتكز علي الحرية الاقتصادية والأسواق المفتوحة.
ويوضح أنه لا توجد رؤية واضحة هنا في مصر أو في المنطقة العربية أو في بقعة من بقاع العالم في ظل الانخفاض الحاد غير المسبوق في الأسهم المتداولة بالبورصات نتيجة لضخ الشركات والمؤسسات للأموال بطريقة عشوائية أقرب للمغامرة أو المخاطرة!
والآثار السلبية الخطيرة ستلقي بظلالها تباعا ليس فقط علي الأسهم المتداولة وإنما علي العديد من الصناعات والعديد من المعادن التي تلعب بدرجة أو بأخري دورا مؤثرا في اقتصاد أي بلد مثل الصناعات العقارية والحرفية والسياحية والعديد من المعادن مثل الذهب الذي ارتفعت أسعاره بدرجة ملفتة للانتباه.
وبعيدا عن لغة التشاؤم…يدعو ##مختار الشريف## الخبير الاقتصادي الحكومة متمثلة في الجهات المعنية بالبورصة مثل ##سوق المال## والبنوك مثل ##البنك المركزي## لمزيد من اليقظة والمتابعة الدائمة الدؤوبة لمنع أي تلاعب والتخلص مبكرا من أي مغامرات غير محسوبة قد تؤثر بالسلب الشديد علي أوضاع البورصة غير المستقرة.ويري الشريف أن إجراءات الحكومة الأمريكية بضخ أكثر من 700مليار دولار في إطار خطة إنقاذ كبيرة لمنع مزيد من الانهيارات من شأنه أن يبث الطمأنينة ويهدئ من الأنفاس المتلاحقة لصغار وكبار المستثمرين والمتعاملين في البورصات…وعلينا هنا في مصر أيضا أن نشدد من الرقابة من أجل مزيد من الشفافية دعما للبورصة المصرية وحفاظا علي المقدرات الاقتصادية التي لا تحتمل أي هزات اقتصادية مجانية!!
ويري ناصف نظمي رئيس البورصة الأسبق أن تدخل الحكومة الأمريكية بقوة لإنقاذ مؤسساتها المالية العالمية أدي بدوره لارتفاع مؤشرات الأسواق العالمية وشهادات الإيداع الدولية للأسهم المصرية,وبالتالي ستشهد السوق المحلية خلال الأيام المقبلة ارتفاعات ملحوظة للأسهم القوية وليس مزيدا من الانخفاض كما يدعي البعض.
يضيف نظمي أن السوق المحلية ليست بحاجة لمزيد من القيود والضوابط حيث إن الاجراءات التي اتخذتها إدارة البورصة كفيلة بتحقيق التوازن والشفافية والحفاظ علي السوق من أي مخاطر.ومن غير المنطقي التفكير في حرمان السوق من السيولة أو تقييدها مشيرا إلي ضوابط عديدة تخضع لها عملية التداول بهذا النظام سواء بالنسبة للأسهم التي يمكن التعامل عليها أو شركة السمسرة وكذلك المستثمرين.