يجادل الإخوان المسلمون بأن النظام يضطهدهم ويحاول إقصاءهم عن الحياة السياسية ومن ثم فهم تحت اضطهاد سياسي, وهم كمواطنين لا يتمتعون بحقوق المواطنة في المشاركة السياسية الكاملة تحت قواعد الدولة المدنية والديموقراطية السياسية. والحقيقة أن هذا الكلام يحتاج إلي توضيح أكثر دقة, فلا أحد ينكر مواطنة الإخوان المسلمين, ولا أحد ينكر عليهم طموحهم السياسي ولكن هناك مستويان للحديث, الأول عن علاقة الإخوان بالنظام, وهنا نحن إزاء حالة صراع علي من يحكم ويتحكم, ويتعامل النظام معهم بعنف فقط تجاه محاولاتهم التنظيمية المتكررة ولكنه يترك لهم الشارع بأكمله ليتحركوا فيه ويعبثوا به كيفما شاءوا, فالنظام لا يمانع من أسلمة مصر بل ويشارك في هذه الأسلمة بقدر كبير وإنما فقط يحمي الكراسي من المنافسين الجدد. أما علاقة الإخوان المسلمين بالمجتمع فهي عكس ما يدعون. فالإخوان يريدون سحب المجتمع المصري كله علي أرضية الدولة الدينية, أي هم الذين يعملون علي إقصاء المجتمع وليس العكس, فهم يرفضون اللعب علي أرضية الدولة المدنية المتعارف عليها ويطرحون كل شئ علي أرضية دينية ويريدون من المجتمع كله اللعب علي هذه الأرضية, ومن يرفض مجاراتهم يتهمونه أنه يقصيهم. هم يريدون للعبة أن تتم وفقا لقواعدهم هم… ويريدون إقناعنا أن قواعدهم لا تختلف عن قواعد العالم الحديث…. منطق عجيب. فهم يعلنون أن هدفهم هو الدولة الإسلامية ص11 , ولكنهم يقولون ” إن الدولة الإسلامية هي دولة مدنية بالضرورة” ص .14 هذا الكلام غير صحيح فلا يوجد مثقف أو باحث موضوعي يستطيع أن يقول إن الدولة الإسلامية هي دولة مدنية, فحتي من اسمها هي دولة دينية. وهم أيضا يقولون بالمواطنة الإسلامية ويريدون إقناعنا أن المواطنة الإسلامية لا تختلف عن المواطنة المتعارف عليها في النظام الدولي الحديث رغم أنهما نقيضان. هم يقولون إن الديموقراطية هي الشوري, والعالمون بالأمور يعلمون أن هناك فروقا شاسعة بين الشوري والديموقراطية, فالشوري من معناها غير ملزمة والديموقراطية ملزمة, والشوري هي التحرك بين اختيارات دينية محددة شرعا والديموقراطية هي توسيع مستمر للاختيارات والمفاهيم علي قاعدة الدولة المدنية ومصلحة المواطن الفرد, والشوري التي يتحدثون عنها لم تفرز نظاما ديموقراطيا حقيقيا طوال التاريخ الإسلامي. هم ينادون بالرقابة علي الفكر والإبداع ضبطا لأخلاق الأمة كما يدعون, والجميع يعلم أن هذه ممارسات سلطوية ومحاكم تفتيش علي المفكرين والمبدعين والفنانين يمارسها الإخوان في كتاباتهم واستجواباتهم في مجلس الشعب ومظاهراتهم ضد المبدعين.
(2)
بعد إعلان الإخوان في مقدمة برنامجهم السياسي أن ” الله من وراء القصد وهو يهدي السبيل” وليس الوطن ص 7, يعلنون أنهم يقدمون هذا البرنامج ” استنادا إلي المادة الثانية من دستورنا المصري, التي تنص علي أن دين الدولة الرسمي هو الإسلام, وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع” ص …5 متجاهلين المادة الأولي التي تتحدث عن المواطنة. ويواصل البرنامج بالتركيز علي أسس الدولة الدينية التي يسعون إليها, ففي هذه الدولة ”الإسلام عقيدة وشريعة”ص.5 و” أن الإسلام رسخ نموذجا للدولة تحققت فيه أركانها الأساسية وقواعدها” ص11 . و ” أن منطلقات البرنامج مرتكزة علي هويتنا الإسلامية” ص6 . و أن هدف دولتهم هو ” نشر وتعميق الأخلاق والقيم والمفاهيم الحقيقية لمبادئ الإسلام” ص .8 وأن نص المادة الثانية من الدستور ” لا يعني سوي التأكيد علي مرجعية الشريعة الإسلامية إما نصا أو دلالة أو اجتهادا , وأن المخاطب هو السلطة التشريعية ورئيس الدولة في كل ما يصدر عنه من قوانين وقرارات أو سياسات داخلية وخارجية بحكم شمول وتكامل أحكام الشريعة” ص.10 ويواصل البرنامج ” تطبق مرجعية الشريعة الإسلامية بالرؤية التي تتوافق عليها الأمة… ويجب علي السلطة التشريعية أن تطلب رأي هيئة من كبار علماء الدين في الأمة ويعاونها لجان ومستشارين من ذوي الخبرة وأهل العلم الأكفاء في سائر التخصصات العلمية والدنيوية الموثوق بحيدتهم وأمانتهم, ويسري ذلك علي رئيس الجمهورية عند إصداره قرارات بقوة القانون في غيبة السلطة التشريعية, ورأي هذه اللهيئة يمثل الرأي الراجح المتفق عليه” ص10 , لاحظ أن هذه الهيئة تقريبا هي السلطة العليا وهي التي تقود البلد والأدهي أن أعضاء هذه الهيئة من علماء الأمة الإسلامية وليسوا مصريين فقط علي أن يتم انتخابهم من قبل مصريين…أي ببساطة تسليم مصر للإسلامية الدولية. ويعترض الإخوان علي الدولة الحالية التي نشأت علي النمط الحديث , ” نشأت دول قومية في العالم الإسلامي علي النسق الغربي, ولم تصل إلي مرحلة الاستقرار والنضج, نتيجة خضوعها للتغريب والتبعية والتجزئة والفساد والاستبداد والتخلف” ص.12 والشوري لديهم ” قيمة إيمانية وخلقية توجه سلوك الأفراد وعلاقاتهم الاجتماعية” ص .13 ورغم الخلاف البين بين الشوري والديموقراطية حيث تمثل الديموقراطية قيمة سياسية تعاقدية وليست إيمانية فهم يصرون علي أن ” الشوري هي جوهر الديموقراطية” ص .7 وطالما أن الديموقراطية علي حد زعمهم إسلامية فإن ” الإصلاح الشامل هو مطلب مصري وعربي وإسلامي” ص 7, لاحظ هنا أننا نتحدث عن مصر فماذا يعني أن إصلاح مصر مطلب عربي وإسلامي؟!!!.
والدولة الإسلامية التي يسعون إليها هي ” وكيل عن الأمة… ولها وظائف دينية أساسية, فهي مسئولة عن حماية وحراسة الدين, ويكون عليها حراسة الإسلام وحماية شئونه والتأكد من عدم وجود ما يعترض الممارسة الإسلامية من العبادة والدعوة والحج وغيرها. وتلك الوظائف الدينية تتمثل في رئيس الدولة أو رئيس الوزراء طبقا للنظام القائم. ولهذا نري أن رئيس الدولة أو رئيس الوزراء طبقا للنظام القائم عليه واجبات تتعارض مع عقيدة غير المسلم. مما يجعل غير المسلم معفي من القيام بهذه المهمة طبقا للشريعة الإسلامية” ص.15 و” يضاف إلي ذلك أن قرار الحرب يمثل قرارا شرعيا, أي يجب أن يقوم علي المقاصد والأسس التي حددتها الشريعة الإسلامية , مما يجعل رئيس الدولة أو رئيس الوزراء طبقا للنظام السياسي القائم, إذا اتخذ بنفسه قرار الحرب مسائلا عن استيفاء الجانب الشرعي لقيام الحرب, وهو بهذا يكون عليه واجب شرعي يلتزم به” ص .15 ودولة الإخوان ” تنشد قيام وحدة الأمة العربية أولا ثم الأمة الإسلامية, فالأمة الإسلامية أمة واحدة, لأن الأخوة التي جمع الإسلام عليها القلوب هي أصل من أصول الايمان لا يتم إلا بها ولا يتحقق إلا بوجودها… ولا تجوز الفرقة في الشئون الجوهرية في الأمة الإسلامية” ص .16
أي أن الدولة التي يدعون إليها الإخوان هي دولة إسلامية تطبق الشريعة الإسلامية علي كافة القوانين بما في ذلك الحدود وكذلك في النظام العام والآداب, وتخضع التشريعات فيها لمجموعة من علماء المسلمين فقط, وهؤلاء لهم الحق في الاعتراض حتي علي قرارات رئيس الجمهورية, وكل القرارات في هذه الدولة تخضع للشريعة حتي قرار الحرب فهو تكليف شرعي لصالح الأمة الإسلامية, ولهذا لا وجود لغير المسلم في كل هذه المعممة, فالغرض في النهاية هو الخلافة الإسلامية والأممية الإسلامية.
هذا عن تصورهم للدولة , فماذا عن تفاصيل هذه الدولة.
(3)
كما نعلم يركز الإسلاميون علي التعليم والإعلام والثقافة والاقتصاد باعتبارها أدوات رئيسية للسيطرة علي مفاصل الدولة والمجتمع, فإصلاح التعليم في رأي الإخوان هو ” استشعار للواجب والمسئولية تجاه ديننا وتجاه امتنا” ص30, وهو ” الأداة الرئيسية لتلبية احتياجات المجتمع والأمة الإسلامية” ص30, وإصلاح التعليم يجب أن ” يعمق الهوية العربية والإسلامية بما يحقق الريادة والصدارة للأمة الإسلامية” ص 30, و ” أن تكون رؤية التعليم واضحة تعبر عن هوية وآمال الأمة” ص 32, و ” لبناء الإنسان الصالح القوي الأمين… بما يحقق احتياجات وطموحات المجتمع والأمة…. تعليم متميز منافس يعمق الهوية العربية والإسلامية” ص .32 ووفقا لهذا التصور الديني فإن ” التعليم فريضة علي كل مسلم ومسلمة” ص .32 ولم ينس البرنامج المطالبة ب ” توسيع الكتاتيب والحضانات مع التركيز علي حفظ القرآن وجزء من السنة النبوية” ص.78
أما البحث العلمي هو الآخر يأتي ” لتلبية متطلبات وطموحات المجتمع والأمة الإسلامية…وللإضافة المستمرة للمعرفة الإنسانية في ضوء القيم الإسلامية” ص .40 والتربية كذلك إسلامية ,” بناء الإنسان بالتربية وإصلاح نفسه كأحد الاهداف الرئيسية في الدين الإسلامي” ص 100, فإن” للدين دور.. والإسلام منهج لجميع نواحي الحياة” ص .77
(4)
أما بالنسبة للثقافة في برنامج الإخوان المسلمين فهي إسلامية أيضا ” تتشكل في الهوية الإسلامية والثقافة الإسلامية المعبرة عن إرث هائل من الفنون والآداب” ص 113, ولهذا ”يصير لزاما علي المثقف المصري أن يعبر عن شمولية الفكرة وعمق إسلاميتها” ص.114 و”يجب أن تنبثق ثقافة المجتمع من الهوية والحضارة الاسلامية وهذا يتطلب إصلاحا جادا لمفردات الثقافة القائمة ووسائلها من صحف ومجلات واذاعة وتلفاز بحيث تتأسس مادتها وتنطلق من المبادئ والقيم الإسلامية ”ص115 , و”أن تنقل الأعمال الأدبية والعلمية المصرية التراث العربي والإسلامي إلي الخارج ” ص116 , و ”التسويق وفق أحدث المعايير العالمية للموروث الثقافي المصري والإسلامي” ص.118
أما الدراما فيجب ”التوسع في المجال التليفزيوني والسينمائي وخاصة مع البلدان العربية والإسلامية ” ص119, مع دعم خاص للفيلم الديني . وطبعا هناك قيود شديده علي الابداع والحريات ”الامتناع عن الأعمال الهابطة والمثيرة للغرائز والدافعة لارتكاب الجرائم ضمن استراتيجية أكبر لصناعة الرمز” !!؟؟ ص.119 و”المسرحيات يجب ؟أن تعبر عن القيم الفاضلة وغرس القيم والأخلاق”ص119 . والأغنية يجب أن تكون إسلامية حيث يقول البرنامج ” توجيه الأغنية المصرية إلي أفق أكثر أخلاقية وإبداعا واتساقا مع قيم المجتمع وهويته الإسلامية” ص121 . والحريات مقيدة بحقوق الأمة ,” يجب ألا تجور حريه الفرد علي حق من حقوق الآخرين أو حقوق الأمة المجتمع عليها ” ص8, ويضيف ” وإصلاح لغة الخطاب الإعلامي العام والالتزام بالعربية الفصحي ” ص.124 أما القنوات الفضائية فيجب عليها ” أن تكون قادرة علي مخاطبة كافة الأقليات المصرية والعربية والإسلامية الموجودة في العالم ” ص.125 وحتي مواقع الإنترنت فيجب أن تكون إسلامية هي الأخري ” تنفيذ خطة إعلام إلكتروني تعتمد المواصفات العالمية علي شبكة الإنترنت ولكن بروح إسلامية ”!!ص128 .
أما عن السياحة في برنامج الإخوان ” يجب أن تتفق أنشطتها مع مباديء وقيم وأحكام الإسلام ….. ومن خلالها تعرض الصورة الصحيحة للإسلام …. وعلي السائح أن يعلم مسبقا بحدود الضوابط الاسلإمية فلا يجهر عند حضوره لمخالفتها, فمصر كدولة إسلامية أولي بالتمسك بقيمها الإسلامية” ص.57
(5)
وبالنسبه للاقتصاد في برنامج الإخوان ” فمرجعية النظام الاقتصادي إسلامية حيث يستمد البرنامج الاقتصادي مرجعيته من النظام الاقتصادي الإسلامي والذي تتمثل غايته في عبادة الخالق ” !!؟؟ ص.59 و” ويتم النشاط الاقتصادي وفقا لهذا النظام من خلال السوق الإسلامية التي تعتمد علي المنافسة العادلة وحرية اقتصادية ,مقيدة, تحكم إنتاج الطيبات ” ص59 .ويعارض البرنامج عمل البورصات والعقود المستقبلية وأدوات البورصات الحديثه ,”نعارض تجارة المال وتحقيق الربح من خلال تجارة مال بمال ” ص.60 والاستثمار ”وفقا لصيغ أساليب الاستثمار الإسلامي ”ص60 .مع ”تطهير الحياه الاقتصادية من جميع أشكال الظلم ” ؟؟ ص.61
وبالطبع سعر الفائدة مرفوض ” والتمويل عن طريق المداينة مرفوض ” ص64 , و”استبدال آلية سعر الفائده اتساقا مع الموقف الثابت من تحريم الربا ” ص65 . والتمويل عن طريق ” سندات المضاربة الشرعية ومن خلال تفعيل دور مؤسستي الزكاة والوقف , علي أن تشمل هاتان المؤسستان مجال العمل الخيري لدي الإخوة الأقباط سواء من خلال الوقف أو ما يعرف بالعشور والبكور ” ص67 , وطبعا يتم ذلك عن طريق إنشاء ” مصلحة للزكاة تتولي كافة الإجراءات المتعلقه بالزكاة علي أن تكون هيئة أو مؤسسة غير حكومية مستقلة ”ص68, أي بمعني أوضح عودة بيت مال المسلمين الذي يمول من عشور الأقباط وبكورهم والذي لم يحدث حتي في عصور الجزية.
وبالنسبه للتعاون الدولي ” الأولوية للتعاون العربي فالإسلامي ” ص.70 مع رفض اتفاقيات التجارة الحرة, فكما يقول البرنامج الهدف منها هو ”ربط الاقتصاديات الإسلامية بحجة إدماجها في الاقتصاد العالمي ,لإدماج الكيان الصهيوني في المنطقة” ص.71
(6)
أما فيما يتعلق بالمرأة ” فتمكين المرأة يجب ألا يتعارض مع القيم الأساسية للمجتمع ” ص.23 و ”تفعيل دور المرأة دون فرض واجبات عليها تتعارض مع طبيعتها أو مع دورها في الأسرة … ونري الوظائف التي تقوم بها المرأة هي نتيجة توافق مجتمعي قائم علي المرجعية الإسلامية ”.103 مع رفض تولي المرأة القضاء ورئاسة الدولة , ” وإمكانيه عمل المرأة بالقضاء يجب أن يكون حالة من الحوار الاجتماعي والشرعي … ونحن من جانبنا نري أن الواجبات المفروضة علي رئيس الدولة وهو له مسئولياته في الولاية وقيادة الجيش , تعد من الواجبات التي لا تفرض علي المرأة القيام بها لأنها تتعارض مع طبيعتها ” ص.103 أما المساواة ” فيجب أن تستند إلي المباديء والقيم الأخلاقية المستمدة من التعاليم الإسلامية” ص104 . وطبعا التحفظ علي الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأه ” والأخذ منها مايتفق مع قيم المجتمع وأخلاقياته وقيم ومبادئ الشريعه الإسلامية ” ص.106
ويرفض البرنامج الليبرالية السياسية والاقتصادية, ”سياسات فرض الليبرالية الجديدة باسم حرية السوق والديموقراطية, وكذلك التدخل في الشئون الداخلية باسم حماية حقوق الإنسان هي من أوجه التعبير عن الهيمنة السياسية والاقتصادية والثقافية ” ص.28
أما الأمن القومي وفقا لمفهوم الإخوان فهو متداخل مصري وعربي وإسلامي, والوحدة الإسلامية من شروط الأمن القومي المصري , أما التهديدات حسب رأي البرنامج فهي تأتي من التدخلات الخارجية لفرض الحريات الدينية ومشاريع الشرق الأوسط الكبير والموسع والجديد , والتدخل في شئون الدولة باستغلال ورقة حقوق الانسان وخاصة حقوق الأقليات والمرأة وإصلاح التعليم والخطاب الديني ص25 ,ص26 .
أما مكافحة الجريمة فتتم بالتربية الإسلامية أو بالعقوبات الإسلامية,” يعتمد المنهج الإسلامي بصيغة أصلية وأساسية في محاربه الجرائم علي التربية الإسلامية ” ص.93أما الذين ”أبو الإفساد في الأرض وهؤلاء يحق عليهم توقيع العقوبات المقررة في الشريعه الإسلامية والتي تتسم بالشدة البالغة وبالطابع الإنساني في ذات الوقت في جرائم محددة وهي جرائم الحدود ……وهي تتفق مع الدستور المصري الذي يؤكد علي إسلامية الدولة وأن الإسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع فيها ” ص94 .
وحتي الحياة السياسية والتي من المفروض أن تقوم علي التنافس السياسي الحزبي الحر فهذا أمر مرفوض في فكر الإخوان ” فالتوافق المجتمعي مقدم علي التناقض السياسي والوصول إلي الحد الأدني أو الحد الضروري من توافق وإجماع الأمة علي نظامها السياسي ” ص17 , ”والعمل علي أن يعكس الدستور الهوية الجامعة للأمة بأبعادها الإسلامية والحضارية والعربية ” ص18 .
(7)
من العبث القول إن البرنامج يحرم الأقباط من حق تقلد منصب رئاسة الدولة فقط . البرنامج لا وجود للأقباط أصلا فيه, فهو من أوله إلي آخره يخاطب المؤمنين المسلمين ويعمل من أجل الأمة الإسلامية المفترضة, وغير المسلم هو أداة في تحقيق الأممية الإسلاميه المنشودة . هذا البرنامج ببساطة يدعو إلي محو هوية الأقباط تماما, فحتي في عصور الاضطهاد الشديد صمد الأقباط في الحفاظ علي هويتهم ويأتي برنامج لجماعة محظورة في القرن الحادي والعشرين ليدعوا إلي محو هوية مصر وهوية الأقباط.
لقد حرصت علي النقل النصي من البرنامج لتوضيح إلي أي مدي يمثل هذا الفكر خطورة علي مستقبل مصر. ففي النهاية يمكن القول بصدق أن هذا البرنامج هو أنجح وسيلة لتخريب مصر وتحويلها إلي دولة طلبانية مقطوعة الصلة بالعالم تعيش حياه بدائية ماقبل العصور الوسطي بمراحل. ويتربص الإنسان فيها بأخيه الإنسان من أجل وهم منشود هو الأمة الإسلامية , أما حقوق الانسان وحرية الإنسان وكرامة الإنسان وإنسانية الإنسان ورفاهية الإنسان فكلها أمور مؤجلة إلي أن تتحقق آمال الأمة ومصالح الأمة …. ومن هنا يبدأ وينتهي الخراب في مصر والعالم.
[email protected]