رفعت السعيد: التعديل الدستوري ليس مجرد رغبة ويحتاج النزول إلي الشارع
منير فخري عبدالنور: يفتقد الإلمام بالخريطة السياسية في مصر ويحيط به ذوو التجربة الفاشلة
بهي الدين حسن: التعديل الدستوري حاليا صعب والأصعب أن تتكاتف النخب من أجل هدف مشترك
صلاح عيسي: فشلت القوي السياسية أن تجمع مليون توكيل فكيف يجمع البرادعي مليون توكيل؟!
أعلن الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ بضعة أشهر سعيه لخوض الانتخابات الرئاسية مستقلا بعيدا عن عباءة أي حزب سياسي… وأنه في سبيل ذلك يسعي إلي إجراء تعديل دستوري علي المواد التي تعوق ترشحه في الانتخابات الرئاسية 2011, وأنه يهدف من وراء هذا إلي الإصلاح والتغيير السياسي في مصر.
أكد البرادعي أنه يسعي لتغيير واقع ومستقبل مصر قائلا: أنا عايز أغير البلد, وإذا كانت الوسيلة لتغيير البلد هي أن أكون مرشحا لرئاسة الجمهورية في ظروف مختلفة تماما عن الوضع الحالي, فأعتقد أنه لا أنا ولا غيري هايخذل الشعب المصري, مضيفا وإذا كان الشعب المصري يري أني وسيلة للتغيير, فلن أخذل الشعب المصري, مؤكدا أن الشعب قادر علي التغيير بالضغط علي الحكومة, وذلك بجمع بيانات وتوقيعات كما فعلوا أيام سعد زغلول مطالبين بتعديل الدستور..
سافر البرادعي الأسبوع قبل الماضي متوجها إلي أوربا والولايات المتحدة في رحلة تستمر شهرا, وقبل سفره كان قد اتفق مع عدد من ممثلي القوي السياسية في مصر علي تشكيل تجمع تحت عنوان الجمعية الوطنية للتغيير, بهدف إحداث تعديلات دستورية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
أكد استعداده لخوض الانتخابات الرئاسية إذا طلب منه الشعب ذلك, بغض النظر عمن سيكون أمامه, وأنه يريد أن يوصل رسالة إلي الشعب المصري مفادها أن رغيف الخبز يمر عبر الديموقراطية.
من خلال ما سبق من أحداث وتصريحات وبيانات صحفية قام بها الدكتور محمد البرادعي حول التعديل الدستوري وإمكانية إجراء تعديل عليه بعد أقل من ثلاث سنوات, وسعيه إلي تعديل الدستور حتي يتسني له خوض الانتخابات الرئاسية القادمة 2011, مستقلا بعد رفضه الانتماء إلي حزب سياسي… واستطلعنا عددا من الآراء حول التعديل الدستوري والتغيير ومدي إمكانية تحقيقه في الوقت الراهن:
علق الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع: التغيير الذي يطالب به الدكتور البرادعي يفتح الباب للدولة الدينية, حيث يري حرية إنشاء أحزاب سياسية علي أساس ديني, وهذا التعديل خطوة للوراء, وهو ما سيسمح للإخوان المسلمين وغيرهم بإنشاء حزب سياسي علي أساس ديني, ومن ثم قيام دولة دينية بالتدريج وهذا ما يعيدنا إلي الوراء, فإذا أراد الدكتور البرادعي التغيير والتعديل الدستوري, فيجب أن يكون توجهه إلي الأمام وليس إلي الوراء.
أضاف السعيد: نحن نسعي للمطالبة بالتعديل الدستوري بإرساء قيم المواطنة والمساواة بين الجميع دون تمييز, كما أن التعديل والتغيير الدستوري ليس مجرد رغبة شخص, ولكنه يحتاج إلي مزيد من الجهد والوقت في ظل الأوضاع الحالية.
وأوضح السعيدأن اعتماد البرادعي علي وسائل الإعلام الحديثة لا يكفي لأن يحدث التغيير المنشود, وإن كانت هذه الوسائل مهمة ولكنها شكلية ويحتاج الأمر أن ينزل إلي الناس في الشارع أم أن الأمر مخيف بالنسبة له!!
وأكد السعيد: الترشح للرئاسة في الوقت الحالي بالنسبة للبرادعي مستحيل بسبب مواد الدستور, والرأي العام هنا يحتاج إلي تحريكه للمطالبة بهذا التعديل علي أن يكون تعديلا للأمام وليس للخلف, ولا يكفي أن تطالب بالتغيير حتي يتم ولكن عليك أن تعرف أي تغيير تريد فلا يمكن أن يتم وضع كل المطالب في وعاء واحد.
بعيد .. وغير ملم
من جانبه قال منير فخري عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد: عملية تغيير الدستور سهلة وليست بالقيود التي يتصورها البعض فهي تتم إما بقرار من رئيس الجمهورية أو بموافقة ثلث أعضاء البرلمان, وعلي من يريد أن يغير الدستور أن يقنع هؤلاء الأعضاء بالتغيير أو أن يقنع الرأي العام بالضغط علي السلطة من أجل القيام بتعديل الدستور.
أضاف عبدالنور: العمل السياسي في الحالتين سواء, فالتأثير علي ثلث الأعضاء أو التأثير علي الرأي العام يكون من خلال المؤسسات السياسية والأحزاب, والذي يتم وفقا للظروف ومعطيات الواقع, والدكتور البرادعي عندما أعلن عن عزمه بأن يخوض معركة التغيير مستقلا فإنه قطع طرق الوصول إلي المجري الطبيعي علي نفسه وصعب الأمر أيضا, وهو بذلك أخطأ خطأ كبيرا في اتخاذ هذا الطريق المستقل, ومن خلال خطابه يتضح أنه رجل قادر وأمين وصادق وله خبرته وأفكاره, ولكن في الوقت ذاته فإن الخريطة السياسية المصرية بعيدة عنه وهو غير ملم بها!
أكد عبدالنور: اعتماد البرادعي علي الشباب خطوة جيدة لأنهم يتمتعون بطاقة رائعة ولديهم طموح كبير ولكن في الوقت ذاته هذا لا يكفي لأنه بجانب هذه الطاقة يحتاج إلي الخبرة والحكمة والمعرفة المتمثلة في الساسة والمتخصصين والخبراء, كما أن اعتماده علي وسائل الإعلام الحديثة ليس كافيا لأنه سوف يصل إلي مرحلة سنية معينة ونخبة ثقافية تختلف عن الشارع والعامة.
واختتم عبدالنور بقوله: الرأي العام في مصر يسعي إلي الإصلاح والتغيير وفي سبيل ذلك فإنه يبحث دائما عن المنقذ, ولذا فإن من يتحدث عن التغيير فجأة كأنه كالممثل الذي يلعب دورا جاهزا أعد له علي عكس الواقع المصري الذي يحتاج إلي جهد وخطوات منظمة منذ فترة, وهو ما يحدث الآن إذ أن البعض يريد أن يأخذ البرادعي هذا الدور وهو غير جاهز له كما أنه لن يستمر طويلا, وخاصة أنه ظهر مفتقدا للخبرة بالحياة السياسية المصرية ويكفي أنه ظهر محاطا بنفس المجموعة التي خاضت أكثر من تجربة فاشلة في الفترة الماضية, فالتغيير والإصلاح يحتاج إلي عمل دؤوب ومستمر وهادئ وآمن وهو ما يتمثل في الأحزاب السياسية وليست الحركات التي تظهر وتختفي.
الصعب والأصعب
أما بهي الدين حسن رئيس مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان فقال: لا توجد طريقة في مصر للتعديل الدستوري في الوقت الحالي, ومن ثم لا توجد انتخابات تنافسية في ظل المادة 76 بوضعها الحالي, كذلك لا ضمان لرقابة علي الانتخابات بعد إزاحة القضاة عن الانتخابات, ورفض الرقابة الدولية ووضع المعوقات أمام المجتمع المدني.
شدد حسن القول: في الوقت الحالي في ظل مواد الدستور المتعلقة بالانتخابات الرئاسية وطريقة الانتخابات فإنه لا توجد تنافسية حقيقية علي الرئاسة, كما أن الطريق علي أي مرشح صعب ومسدود وليست هناك أي بدائل أمام أي شخص أو حزب بتعديل الدستور وهو طريق صعب للغاية, وإذا كان رؤساء الأحزاب الحاليون فرصهم صعبة وشبه مغلقة, وحتي إذا سمح واستطاع البعض منهم خوض هذه الانتخابات فإنهم يكتفون بدور الكومبارس وهذا هو الدور الوحيد المتاح, وأي شخص يرضي حاليا أن يلعب هذا الدور فالكل يعرف أن الحزب الحاكم إذا رشح أي شخص فإنه سيفوز أيا كان من هو هذا الشخص وبصرف النظر عن أي اعتبارات أخري.
أوضح حسن: احتمالية التعديل الدستوري في الوقت الحالي صعبة جدا, ولذا فإن الدكتور البرادعي سيخوض معركة سياسية صعبة تتوقف علي مدي استعداد المصريين لخوضها من أجل هذا التعديل, وإن كان هناك البعض عليه أن يقبل بدفع الثمن نتيجة هذه التعديلات المرجوة, وليس معني هذا الاعتقال أو التنكيل وإنما الثمن السياسي, كأن تقتنع النخبة بأن تعمل معا وأن تقدم تنازلات لبعضها البعض.
اختتم حسن قائلا: إذا كان التعديل الدستوري حاليا صعب وطريق مغلق فإن الأصعب هو أن تتكاتف النخب من أجل هدف مشترك.
عليه خوض الانتخابات البرلمانية أولا
من جانبه قال صلاح عيسي – رئيس تحرير جريدة القاهرة: التغيير مطلب متواصل منذ سنوات والكثيرون يطالبون به, وعندما تم تعديل الدستور منذ 2005 إلي 2007 كان نتيجة المطالبة بتعديله والتي نتج عنها تعديل 32 مادة منه, وبرغم هذا لم يكتف المطالبون بالتغيير بهذه التعديلات ومازالت المطالب بتعديل دستوري جديد.
أضاف عيسي: هناك الكثير من التيارات السياسية التي تكونت في الفترة الماضية, وطالبت بتعديلات دستورية, وبرغم هذه التعديلات إلا أنها لم تحقق مطالب المعارضة, حيث إنه كلما حدث تعديل جزء بقي أن تكمل تعديلا كليا, وبلا شك تقابلت رغبة الكثيرين مع رغبة الدكتور البرادعي في تعديل دستوري, وخاصة المواد 76, 77, .88
أوضح عيسي: في العمل السياسي لابد أن تتبلور مطالب معينة ويتم الضغط من أجلها وليس كلاما عاما مثل التغيير, وعندما تتهيأ الظروف قد تكون هناك استجابة لهذه المطالب, وعدم تنفيذ المطالب ليس معناه التوقف عن المطالبة لأنه ربما الظروف لا تسمح الآن لكن قد تسمح مستقبلا في ظل التغيرات والظروف العالمية من حولنا.
وأشار عيسي علي البرادعي أن يبلور مطالبه ويقنع بها الرأي العام إلي أن يصير الأمر مطلبا شعبيا ويتم تنفيذه حسب الظروف التي تمر بها الدولج وحسب المتغيرات العالمية, وفي حالة البرادعي فإنه عندما سؤل عن خططه الرئيسية قال: إنه يسعي إلي الإصلاح والتغيير في مصر وليس شرطا أن يكون مرشحا للرئاسة, وإنما هدفه الأهم هو تهيئة الظروف المناسبة لانتخاب رئيس جديد وفقا للتغيير الذي يطالب به في مواد الدستور الخاصة بالترشح لرئاسة الجمهورية.
وحول التوكيلات الشعبية من أجل تعديل الدستور قال عيسي: لكي تتم المطالبة بتعديل دستوري عن طريق التوكيلات الشعبية فإن الأمر يحتاج إلي مليوني توكيل حتي يقوم برفع دعوي تعديل دستوري, ولقد حاولت بعض القوي السياسية والتيارات المختلفة قبل ذلك أن تجمع مليون توكيل وفشلت وهو ما يعني أن الأمر علي أرض الواقع صعب للغاية!
اختتم عيسي كلامه قائلا: البرادعي صعب الأمور كثيرا علي نفسه في ظل مطالبته بتعديل دستوري وإصراره علي الترشح كمستقل للرئاسة وهو غير ممكن في الوقت الحالي, وكان عليه أن ينضم إلي حزب سياسي ويخوض انتخابات مجلس الشعب القادمة أولا ثم يخوض بعدها الانتخابات الرئاسية في العام القادم وهذا هو الموقف العملي في الوقت الحالي.