حباها الله موقعا جعل منها محطا سياحيا واعدا, حيث موقعها بين شاطئ البحر المتوسط ومرتفعات جبال لبنان الشرقية, إنها مدينة البترون الساحلية اللبنانية, والتي تبعد عن العاصمة بيروت 50كلم شمالا و29 كلم عن طرابلس جنوبا.
تميزت البترون بموقع سياحي جذاب, شجع المستثمرين لإنشاء المطاعم والمسابح والمنتجعات السياحية الفندقية علي طول الشاطئ وعلي التلال المجاورة, غير أنها تجذب أيضاهواة السياحة الأثرية, حيث إنها تزخر بهذه المواقع الأثرية.
وتجتذب العديد من الأنشطة البحرية السائحين إلي هذه النقطة, لممارسة رياضاتهم البحرية المفضلة كالسباحة وركوب الألواح الشراعية والتزلج المائي أو التنزه البحري والتمتع بمشاهدة السور الفينيقي والشاطئ الصخري وبيوت العقد القديمة.
تاريخ البترون
أما بالنسبة لتاريخ البترون, فأقدم النصوص التي تأتي علي ذكرها فهي تلك المعروفة بـرسائل تل العمارنة التي كان ملوك الدويلات الكنعانية ومجالسها يرسلونها إلي الفرعونين أمنحوتب الثالث وأمنحوتب الرابع – أختاتون, طالبين منهما المساعدة لاتقاء شر هجمات الأموريين, وقد ورد ذكر البترون فيها حوالي عشر مرات بصيغة بطرونا, ويتبين من هذه الرسائل أن رب عدي أمضي وقتا في البترون, وهي المدينة الوحيدة مع جبيل التي بقيت علي ولائها له.
سياحة أثرية
أيضا هناك خيارات عدة أمام السائح الهاوي السياحة الأثرية, فهناك المسرح الروماني, الذي يقع شرق وسط المدينة في حي مراح الشيخ, وقد حفر هذا المسرح في الصخر, شكله نصف دائري ويجلس داخله المشاهدون وظهورهم للشرق, كما أنه يمتد غربا حيث توجد حمامات مطمورة تحت الأرض.
هناك أيضا الأسواق القديمة القرن التاسع عشر والتي رصفت بحجر البزلت بين سنة 2003 وسنة 2004, وتتميز أبنيتها بعقودها المتصالبة والسريرية عقد أفكح أو أعرج من الحجر الرملي البتروني المنشأ.
وهذه الأسواق هي إنجاز طبقة اجتماعية غنية من البورجوازيين التجار والصناعيين, وكانت تجمع عددا كبيرا من الدكاكين والمحال التجارية والخانات والفنادق والمعامل, وفي طبقاتها العليا المنازل, هذا بالإضافة إلي نفق سان لويس, الذي كان يستعمل فيما مضي كمخزن للمواد المستوردة من أوربا, بالإضافة إلي كاتدرائية مارأسطفان للموارنة, التي انتهي بناؤها في مطلع القرن العشرين, وهي من أكبر وأجمل الكنائس في لبنان, وتشرف علي ميناء الصيادين.
هناك أيضا بئر القاضي, كنيسة مارجرجس, القلعة الفينيقية, كنيسة سيدة الساحة, كنيسة سيدة البحر العجائبية, السور البحري الفينيقي, صخرة مقعد المير, وفي طريق العودة يمكن للزائر رؤية الأبنية التراثية المرممة حديثا, كما يمكنه تذوق ليموناضة البترون التي اشتهرت بها المدينة منذ زمن بعيد.
جنة صغيرة
تمر البترون بمرحلة عمرن وازدهار سياحي, فبيوت العقد القديمة ترمم والمعالم الأثرية موضع اهتمام البلدية ومديرية الآثار.
ومؤخرا وبعد جولة له في البترون, أكد وزير السياحة اللبناني فادي عبود, أن البترون أجمل المدن المتوسطية حتي إنها أجمل من مدن عدة في أوربا, والمنطقة, قائلا: سأعمل جهدي بمساعدة الوزير باسيل لتحويل البترون إلي جنة صغيرة وخصوصا أن لها مستقبلا سياحيا مهما, ففيها السياحة الدينية وهي منطقة قديسين ليس لها مثيل في العالم وهذا مهم للاقتصاد الوطني, علما أن مدخول السياحة في العام الماضي شكل نحو 25% من مدخول لبنان وهذا ما سنركز عليه الآن لأنه القطاع الأهم.