ما أقساها تلك اللحظة التي تصم فيها الآذان عن صرخات سيدة تستغيث ولا مجيب, ما أشبعها تلك اللحظة القاتلة التي يقف فيها المئات من بعض شباب ورجال مصر ليعتدوا علي سيدة مصرية لم تقترف أي ذنب سوي أنها تقوم بأداء واجبها وعملها كصحفية.. إنها حنان فكري الزميلة بوطني.
وفي نفس اللحظة تقف سيدة بسيطة تعمل (بوابة) لإحدي العمارات بالعباسية ممسكة بشومة حتي تدافع عن أخري لا تعرفها.. تحاول حمايتها من بطش فاقدي النخوة.. ما أبسطها تلك الملامح وما أروعها تلك السيدة..
أكتب لكم اليوم عن هذا الموقف عسي أن أقدم الشكر لأم محمد عبدالفخراني هكذا عرفت نفسها وهي المرأة التي قامت بفتح باب العمارة أمام زميلتي حنان فكري عندما تعرضت لاعتداءات بالغة علي أيدي بلطجية يصل عددهم لأكثر من مائتي رجل في أحداث العباسية.
وقفت عندئذ أم محمد مستعينة بشومة ومعتمدة علي ابنها محمد حتي تقوم بإغلاق باب العمارة التي تقطنها وتحميها, وحتي شارك في إنقاذ الضحية التي كان فريسة لبلطجية الخسة والندالة.. عندما حاولنا تصوير أم محمد كنوع من العرفان بالجميل ردت بكلمات بسيطة هزت كياني وقالت مصر مش محتاجة صور.. مصر محتاجة كلمة حق.. مصر محتاجة شبانها.. أنهت حديثها قائلة قلبي اتقطع عليكي يا مصر.
أما الحجة شريفة صلاح الدين فتحت باب شقتها وأدخلتها مع اثنين من عمداء الجيش هما العميد عبدالقادر مصطفي البسيوني رئيس الشرطة العسكرية بالمنطقة المركزية, والعميد ممدوح أبو الخير مساعد الشرطة العسكرية, ثم راحت تطيب جراحها وتهدئ من روعها, وتقول: لقد اختلط الحابل مع النابل ونكاد لا نعرف الثوار من البلطجية.
أما العميد عبدالقادر أكد أنه لم يفعل شيئا سوي أنه يقوم بواجبه, ورفض أن يدلي بأي كلام رغم أنه رافق حنان منذ لحظة إنقاذها وحتي باب منزلها ولم يتركها دقيقة واحدة.