مشهد أكثر من رائع وحلم طالما تطلعنا إليه.. صفوف طويلة تنظمها وجوه تعلوها ابتسامة وفرحة, فعلا كأنه عيد, مشهد لم أره قط ولم أر هذه الصفوف الطويلة المصرة علي الإدلاء بصوتها الانتخابي لبناء مصر جديدة واعدة.
وقفت في طابور لجنتي بإحدي المدارس الصناعية بمدينة نصر وكان يتحرك ببطء شديد ولكن كانت المصطفات يصبرن أنفسهن هانت هذا حق لن نتنازل عنه لازم نكمل.. دماء الشهداء لن تذهب هباء حتي وصلت لباب اللجنة وسمح لي بالدخول ولكن.
الصدمة الأولي: هرج مرج هكذا استقبلتني لجنتي التي أراها لأول مرة, فوجئت بطوابير طويلة لا أعلم بدايتها ولكن نهايتها معلومة بعد استيعابي الموقف اكتشفت أن الطابور الخارجي هو الطابور الذي يسمح لدخولك اللجنة الانتخابية وليس اللجنة الفرعية وأن الدخول كان نتيجة انصراف البعض واللاتي توجهن منذ الصباح الباكر وليس نتيجة انتهائهن من تأدية دورهن, أخذتني الحماسة وصدمت.
الصدمة الثانية: الطابور لا يتحرك وبعد نصف الساعة تقريبا تقدمت خطوة ولكن اكتشفت أن إحدي الواقفات تركت الطابور للجلوس علي رصيف المدرسة.
الصدمة الثالثة: اصطفافي بالطابور لأكثر من ساعة بلا جدوي وكل الموجودين منذ الصباح الباكر, فما سبب التعطيل إذن؟ بعد السؤال والاستفسار اكتشفت أن الحمد لله الورق موجود ومختوم والحبر الفسفوري موجود والقاضي والمندوبين موجودين فلماذا التأخير؟؟ القاضي ممتنع عن العمل منذ بداية اللجنة لأنها ليست لجنته بل كلف بها بعد غياب المنوط بهذه اللجنة وتعليماته لمقدم الشرطة الموجود معه أنه لا يريد دخول الناخبات حتي ترسل له اللجنة العليا قاض آخر يتولي رئاسة لجنة فرعية من اللجنتين المنوط بهما!!
ما هذا الاستهتار بآدمية الناخبين؟ وبالطبع بعد شيوع الخبر زادت الطين بلة لتهتف الناخبات برحيل القاضي تماشيا مع نغمة الثورة واتهامه بالعمالة لأحد الأحزاب التي يعمل من أجلها لإبطال باقي الأصوات!!
قاربت الساعة السابعة مساء ولم يتغير المشهد بل ساده الهرج والمرج والهتاف والصراخ والرغبة والإصرار علي التصويت بأي شكل والقاضي في عالم آخر بل بين الحين والآخر يرسل بأحد معاونيه ليخربنا أن القاضي مش هيدخل حد دلوقتي وإللي مش عاجبه يمشي وإللي عايز يشتكيه ياخد اسمه ويروح يشتكي.
وبالتوجه لأحد اللواءات الذين يحاولون حل الموقف أجاب أنه توسل للقاضي أكثر من مرة لفتح اللجنة ولكنه قوبل بالرفض وماذا يفعل فالقاضي سلطته أعلي منه.
وبالفعل نفذ القاضي قراره وانتظر حتي وصل أحد القضاة الذي انتهي من لجنته لمعاونته وسط دهشة واستفزاز الناخبات.
ما الإجراء الذي سيتخذ ضد هذا القاضي المتعجرف الذي تسبب في تعطيل مصالح كل هؤلاء الناخبات طوال اليوم؟ حوامل ومسنات وأمهات يحملن أطفالهن ومريضات قررن التحمل من أجل مستقبل أفضل؟؟ وهل هذه هي الاستعدادات التي استعدت لها اللجنة العليا للانتخابات منذ أكثر من شهر اعترافا منها أن مصر تولد من جديد وأن هذين اليومين هما عرس مصر.