أصدر رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة, المشير محمد حسين طنطاوي, قرارا الجمعة الماضي, بتعيين الدكتور كمال الجنزوري رئيسا للوزراء, وتكليفه بتشكيل حكومة ##إنقاذ وطني##, ومنحه ##كافة الصلاحيات التي تعاونه علي أداء مهمته بكفاءة تامة.##
يأتي هذا القرار,الذي أذاعه التليفزيون,وسط احتجاجات حاشدة يشهدها ميدان التحرير,ضمن ما يعرف بـ##جمعة الفرصة الأخيرة##,والتي تأتي بعد أيام علي مصادمات عنيفة بين آلاف المتظاهرين وقوات الأمن, أسفرت عن سقوط عشرات القتلي ومئات الجرحي.
ونظرا لأن الجنزوري تولي رئاسة الحكومة المصرية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك,خلال الفترة بين عامي 1996 و1999, فإن اختياره لم يحظي قبولا لدي جموع المتظاهرين في ميدان التحرير, رغم ما يتمتع به الرجل من ##سمعة حسنة## لدي الأوساط السياسية.
وعندما ترك الدكتور كمال الجنزوري رئاسة الحكومة, قبل أكثر من عقد,خرجت صحيفة ##الأهرام## الحكومية بتقرير آنذاك,نقلت فيه عن مسئولين حكوميين وقياديين حزبيين اتهامهم له بـ##الغطرسة##.
ونقلت الصحيفة انتقادات للجنزوري, وجهها إليه كل من رئيس مجلس الشعب ##المنحل##, فتحي سرور, وأكبر مسئول في مكتب مبارك, زكريا عزمي, وعدد من أعضاء البرلمان, حول تعامله مع المسائل المالية وغيرها, خلال السنوات الثلاث التي قضاها رئيسا للحكومة.
كما انتقد أيمن نور, وهو عضو حزب##الوفد##آنذاك,ما وصفه بشخصية رئيس الوزراء السابق##السلطوية##.
ومع ذلك, فإن حقيقة تكليف الجنزوري برئاسة الوزراء في هذه المرحلة الدقيقة, تشير إلي أن المجلس العسكري, وبعد أكثر من 11 عاما, ما زال لديه رأي مختلف حول الرجل الذي نال كثيرا من الانتقادات من جانب رجال مبارك.
وإذا تمكن من تشكيل حكومة, سوف يكون علي الجنزوري استكمال ما كان يريد فعله قبل أن يترك منصبه أواخر تسعينيات القرن الماضي.
وإلي جانب خلفيته الاقتصادية,في وقت تستمر فيه الأزمة المالية في مصر, فإنه سيجلب ثروة من الخبرة الحكومية لهذا المنصب.
هذا وشارك في احتجاجات الجمعة أيضا مرشح الرئاسة المحتمل والحائز علي جائزة نوبل محمد البرادعي.
ويهتف المحتجون بشعار موحد ##مش حنمشي, هو يمشي##, في إشارة الي المجلس العسكري الحاكم في البلاد بمعني أنهم لن يرحلوا وليرحل المجلس.
وكانت قوي سياسية مختلفة دعت إلي تنظيم تظاهرة مليونية الجمعة في الميدان إلا أن جماعة الإخوان المسلمين, القوة السياسية الأكثر تنظيما, لم تدعم مظاهرات الجمعة.
ودعا الاتحاد المصري لنقابات العمال المستقلة أعضاءه للتوجه الي ميدان التحرير,دعما للاحتجاجات.
ويواصل المحتجون المصريون الاعتصام في ميدان التحرير منذ الجمعة قبل الماضي الذي شهد مظاهرات أعقبتها اشتباكات مع قوات الأمن والجيش أوقعت الآلاف من المصابين والقتلي بين المحتجين.
وأعلنت وزارة الصحة أن حصيلة قتلي المواجهات طوال الأسبوع الماضي في ميدان التحرير ومحيطه 41 قتيلا فيما يقدر عدد المصابين بالمئات, هذا إلي جانب الضحايا في مدن أخري مثل الإسكندرية والإسماعيلية وغيرهما.
وكانت قوات الجيش قد تدخلت وأقامت حاجزا للفصل بين قوات الشرطة والمتظاهرين في شارع محمد محمود المؤدي من ميدان التحرير إلي مقر وزارة الداخلية.
وطالبت واشنطن بنقل سريع للسلطة في مصر إلي حكومة مدنية, وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني في بيان مكتوب إن نقل السلطة يجب أن يكون عادلا وجامعا وأن يتم بأقصي سرعة ممكنة استجابة للتطلعات المشروعة للمصريين.
وأكد اللواء مختار الملا عضو المجلس العسكري أن المجلس لن يتخلي عن السلطة قبل الانتهاء من الانتخابات التشريعية والرئاسية معتبرا أن تركها سيكون بمثابة ##خيانة للأمانة## التي حمله إياها الشعب,وأكد علي إجراء الانتخابات في موعدها.
وقد طرحت الحركات الشبابية المنخرطة في تظاهرات التحرير اقتراحات لإنهاء الأزمة تركز أساسا علي تشكيل حكومة إنقاذ مدنية تنقل إليها كافة صلاحيات المجلس العسكري وإنشاء مجلس رئاسي مدني.