في حالة الموافقة على التعديلات الدستورية سيبدأ تنفيذ للجدول الزمني الذي وضعه المجلس العسكري، إجراء انتخابات تشريعية مطلع يونية المقبل على أن تليها انتخابات رئاسية بعد ثلاثة أشهر. وترفض العديد من القوى والشخصيات السياسية هذه الترتيبات. إذ ترى خصوصا أن إجراء انتخابات نيابية في غضون شهرين يعني عودة هيمنة رجال الحزب الوطني الذي كان حاكما في عهد مبارك، والإخوان المسلمين، على البرلمان الجديد.
ودعت جماعة الإخوان المسلمين الأحد عبر موقعها على شبكة الإنترنت “جموع الإخوان ومحبيهم إلى التصويت بالإيجاب لصالح التعديلات الدستورية المقترحة” التي وصفتها بأنها “البداية لأي تغيير متوقع والطريق إلى تعديل الدستور بشكل كامل”.
وفي الوقت نفسه دعا “ائتلاف شباب الثورة” مفجر الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك دعا الاثنين إلى التصويت بـ “لا” على التعديلات الدستورية.
وفي السياق نفسه أكد كل من المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وهما المرشحان الأبرزان لرئاسة الجمهورية أنهما سيصوتان بـ “لا” في الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
وقال موسى في تصريحات للصحفيين أنه “يرفض التعديلات وسيصوت ضدها”، مطالبا بأن “تشمل تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية”، كما دعا لإجرء الانتخابات الرئاسية قبل التشريعية.
وأكد البرادعي كذلك في تصريحات متتالية لوسائل الإعلام المصرية أنه سيصوت بـ”لا” في الاستفتاء، معتبرا أنه “لا بد من وضع دستور جديد”، ولا جدوى من إجراء أي عملية “ترقيع” للدستور الحالي. ويطالب البرادعي بتشكيل مجلس رئاسي من ثلاثة أشخاص (مدنيان وعسكري)، يتولى إدارة شئون البلاد خلال فترة انتقالية تمتد إلى عامين يتم خلالها تشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد.
وشدد البرادعي على أنه لا بد من “الانتقال بمصر إلى نظام ديموقراطي حقيقي” معتبرا أن “أنصاف الحلول هي عودة إلى الوراء”.
وأعلن حزبا التجمع (يسار) والوفد (ليبرالي) رفضهما للتعديلات الدستورية.
وأكد حزب التجمع في بيان أصدره الاثنين أن التعديلات “لم تمس سلطات رئيس الجمهورية المطلقة الواردة في نصوص الدستور، وأن بقاء هذه النصوص ستجعل من أي رئيس يتم انتخابه حاكما مستبدا ودكتاتورا رغما عنه”.
وفي مقال نشرته صحيفة المصري اليوم الاثنين لخص المحلل السياسي حسن نافعة حجج الرافضين للتعديلات الدستورية المقترحة، معتبرا أن هذه التعديلات “كانت ستلقى ترحيبا هائلا لو أنها جاءت قبل ثورة 25 يناير في إطار برنامج إصلاحي، إما أن تأتي بعد ثورة كبرى لإسقاط النظام وليس إصلاحه، وبعد أن تمكنت الثورة من إسقاط رأس هذا النظام فمن الطبيعي أن تبدو وكأنها محاولة للعودة بالعجلة إلى الوراء”.
وأضاف أن “التعديلات الدستورية ألزمت مؤسسات الدولة بضرورة وضع دستور جديد إلا أنه لن يكون نافذ المفعول إلا بعد انتخابات تشريعية ورئاسية تجرى على أساس الدستور القديم وهنا مكمن الخطر”.
وأشار نافعة إلى أن إقرار التعديلات الدستورية المقترحة يعطي رئيس الجمهورية الذي ستفرزه الانتخابات المقبلة الفرصة “لممارسة تأثير مباشر على اللجنة المكلفة بصياغة الدستور الجديد خصوصا بالنسبة للمواد المتعلقة بصلاحياته ومدة رئاسته”.
وطالب المحلل السياسي المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن “يشرع على الفور في اتخاذ الإجراءات اللازمة لانتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد”.
وعلى صعيد متصل أجرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريرا عن الاستفتاء تحت عنوان “علامة فارقة فى تاريخ مصر”، حيث سيحدد ملامح المستقبل السياسى فى البلاد.
وذكرت الصحيفة أن الاستفتاء سيمثل حدثاً مهما وكبيراً، كونه أول استفتاء لا شبهة فى تزويره خلال الستين عاماً الأخيرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض التعديلات الدستورية التى سيتم استفتاء الشعب عليها بالقبول أو الرفض، ومنها اختصار فترات الرئاسة إلى فترتين، وتقليص الفترة الواحدة إلى أربع سنوات، وحالة الطوارئ، وكذلك اشتراط ألا يكون رئيس الجمهورية متزوجاً من غير مصرية.
وأضافت “نيويورك تايمز”، أن التغييرات الناتجة عن الموافقة على التعديلات المقترحة، ستمهد الطريق لإقامة انتخابات تشريعية وانتخابات رئاسية، بينما يبدو المشهد غامضاً حتى الآن، فيما يخص النتائج المترتبة على رفض هذه التعديلات.
وأوضحت الصحيفة أنه من الصعب قراءة نتيجة الاستفتاء مسبقاً، ففى الوقت الذى يتوقع فيه بعض المحللين أن تلقى التعديلات رفضاً بسبب الحالة الثورية التى تشهدها البلاد، يذهب البعض الآخر إلى التوقع بقبول المصريين لهذه التعديلات للتخلص من حالة الفوضى الاقتصادية وانتشار الجريمة، بالإضافة إلى رغبتهم فى استعادة الاستقرار.
ونوهت الصحيفة إلى أنه لا يمكن التنبؤ بحجم إقبال المصريين على صناديق الاقتراع يوم السبت، المقبل علما بأن 41 مليون مصرى فوق سن 18 أصبح فى إمكانهم التصويت باستخدام بطاقة الرقم القومى دون الحاجة إلى تسجيل أنفسهم فى قوائم التصويت.
14 مارس 2011