الكتاب يؤكد المخاوف منهم ويناقش فكرة صفقتهم بالمجلس العسكرى
خدماتهم الاجتماعية ونفوذهم الإعلامى وتنظيمهم وتحالفهم مع السلفيين واللعب بالدين سر قوتهم
ينتمى هذا الكتاب (الاخوان فى الحكم فرصة العمر) للكاتب الصحفى عبد القادر شهيب رئيس مجلس إدرارة دار الهلال السابق، إلى مايسمى الكتب الصحفية الساخنة التى تدور عن حدث لم تتشكل ملامحه النهائية بعد ويمكن التباحث حول أبعاده المختلفة مع طرح كل الاحتمالات والسيناريوهات المتوقعة.
اختار الكاتب قضية سياسية تشغل بال المصريين جميعا هذه الأيام وهى وصول الإخوان إلى حكم مصر سواء المؤيد لهم أو المختلف معهم .وذلك بطرح 10 فصول تقع فى 183 صفحة من الحجم المتوسط حاولت أن تناقش كل ما أثير ويثار حول حكم الاخوان لمصر حيث يرى عبد القادر أنه على مدى أكثر من ثمانين عاما لم يظفر الاخوان المسلمون بفرصة للوصول إلى الحكم مثل الفرصة التى ظفروا بها الآن أنها فرصة العمر بالنسبة لهم بالفعل ولذلك فهم يمسكون بها بكل ما أوتى لهم من قوة .حتى لاتضيع منهم كما حدث فى الخمسينيات بعد انقلاب الضباط الأحرار الذى نسبوه إلى أنفسهم لذلك يحرصون بشدة على عدم الاصطدام بالمجلس الاعلى للقوات المسلحة حتى لا يكرروا التجربة القديمة بالصدام مع الضباط الاحرار.
فى الفصل الأول(رغبة جارفة) أكد الكاتب أنه بعد 25 يناير كانت كل أحاديث اقطاب الاخوان تتحدث عن المشاركة لا المغالبة وأن الجماعة لاتطمع فى السلطة أو فالرئاسة أو فى أغلبية البرلمان ولكن بعد استفتاء 19 مارس اصيبوا الاخوان بغرور كبير إذ ربطوا بين تصويت 77 فى المائة بنعم كأنه تصويتا لهم مما يوحى بقوتهم ونفوذهم فى الشارع المصرى .ولذلك احتفظوا بجماعتهم الى جانب الحزب الذى اسسوه – الحرية والعدالة – وكذلك قيامهم بالتحالف مع اعدائهم القدامى السلفيين وطمأنتهم بتفريغهم مضمون الدولة المدنية من محتواه بعد أن اضافوا اليه مرجعية دينية الامر الذى جعل الشيخ السلفى الدكتور الحماحمى يقول (الاخوان قضيتهم قضيتنا فهم اناس متدينون وافضل ممن يتجاهل دينى واحكامى الشرعية فلدى تصور انه بوصول الاخوان الى الحكم سيقيمون الدولة الاسلامية فى مصر) وهذا التحالف يوكد رغبتهم الجارفة فى الحكم مهما صرح قادتهم بانهم لايرغبون فى السلطة.
وفى الفصل الثانى (قدرة غير محسومة)- حيث يتحدث الكاتب قبل الانتخابات البرلمانية –عن وجود نحو 2 مليون صوت قد يعطون اصواتهم للاخوان الى جانب استغلالهم لعبارات اعدائهم السياسين عنهم كقوة منظمة وحيدة كذلك وسائل الاعلام التى تساعدهم فى التواجد الاعلامى القوى مثل قناة الجزيرة التى يقول الكاتب ان العاملين بها من الاخوان يصلون الى 50 بالمائة وايضا تدعمهم بقوة قنوات الجزيرة مباشرة التى ساعدتهم فى تاسيس قناتهم (مصر 25 يناير) وقناة مودرن حرية وغيرهم ويذكر الكاتب ان مدير انتاج احدى الفضائيات التى يملكها الاخوان قال له (اننا نتواجد بين الناس ننظم قوافل طبية ونقدم العلاج بالمجان واثناء ازمة البوتاجاز نوصله للناس وقمنا بتامين لجان الامتحانات ونقوم بتاسيس العديد من مؤسسات التكافل الاجتماعى لدفع مصاريف المدارس لغير القادرين) وهذا اسلوب الترغيب الذى تقدمه الجماعة اما اسلوب الترهيب فيتمثل فى تشويه منافسيهم سواء بالتخوين او التكفير واتهامهم بمعاداة الاسلام ويناهضون تطبيق الشريعة.
وحول (حديث الصفقة) بين الاخوان والمجلس الاعلى للقوات المسلحة يدور الفصل الثالث من الكتاب ويقول الكاتب إن مبرارات هذا الحديث الذى بدء همسا واصبح امر معلن على الفضائيات هو انفراد الاخوان دون غيرهم بالتعديلات الدستورية والافراج عن قادتهم المسجنون واستخدمهم مع التيار السلفى فى احتواء الازمات الطائفية مثلما حدث بعد اطفيح وسكوت المجلس على اختطاف القرضاوى لجمعة الاحتفال بتنحى مبارك واختيار د. محمد البلتاجى وصفوت حجازى لعصام شرف ورفضهم للمبادئ الدستورية. ويرى الكاتب أنه لا توجد صفقة بل مصالح برجماتية فقط فالمجلس راعى أن الاخوان هى القوة السياسية الاكثر قوة وتنظيما على الارض وهو امر لاتنكره بقية القوى السياسية الاخرى .ويستشهد الكاتب بالباحث الأمريكى ستيفن كول الذى قال فى كتابه (السيادة وليس الحكم الجيش والتطور السياسى فى مصر والجزائر وتركيا) أن المؤسسة العسكرية فى مصر تدرك أن الاخوان قادرون على استغلال مؤسسات الدولة التى تلعب لعبة الديمقراطية لتحقيق مكاسب سياسية ملمومسة وهى مكاسب يمكن أن تقود إلى تحسين الظروف السياسية التى تتيح للاخوان مزيدا من تطبيق اجندتهم على أرض الواقع لكن فى ذات الوقت تدرك المؤسسة العسكرية بقدرتها على إدارة المخاطر التى يمكن أن تنجم عن مشاركة الإخوان فى الحكم ومعنى هذا الكلام أن القوات المسلحة لا يتصور أن تعقد صفقة مع الاخوان تسلم بمقتضاها حكم البلاد لهم على طبق من ذهب.
ويقول الكاتب فى فصل عنوانه (خوف حقيقى) أن هناك مخاوف حقيقة تسيطر على قطاعات عديدة فى المجتمع المصرى من وصول الاخوان للحكم فهناك خوف على الحريات وممارستها وخوف من استخدام سلاح التكفير والتخوين وخوف على الثقافة والفن وصناعة السياحة وخوف على المرأة وحقوقها وخوف من الاقباط ومصيرهم فى مجتمع لا يؤمن بالمواطنة بل وخوف على استقلال مصر إذا ما ترجم الاخوان بعض أفكارهم حول عودة الخلافة والتضحية بالوطن لصالح ماهو أممى إسلامى إلى سياسيات مطبقة على أرض الواقع .خاصة بعد رفض الاخوان للنموذج التركى .وأكد الكاتب عبد القادر شهيب أن للخوف الاقباط من الاخوان أسباب عديدة منها تاريخ الاخوان المراوغ حيث توجد نظرة غير متساوية ترى فيهم مواطنيين درجة ثانية وقد ظلوا لفترة ليست قصيرة لايعترفون بحقهم فى بناء الكنائس ولابحقهم فى التجنيد ولا الترشح لمنصب رئيس الجمهورية وضرورة إلزامهم بدفع الجزية ومؤخرا تجدد هذه المخاوف لتحالف الاخوان مع السلفيين الذين حرضوا على حرق الكنائس فى صول وامبابة وافتعالهم معركة حول المادة الثانية من الدستور وتفريغهم مبدا مدنيةمن مضمونه بعد تاسيس حزبهم بمرجعية إسلامية وأيضا رفضهم محافظ قبطى فى قنا مما يجعل بعض الأقباط يفكرون فى الهجرة فى حين يصر أغلبيتهم على البقاء ورفض الدولة الدينية وهى ليست معركة الأقباط فقط بل معركة الليبراليين و اليساريين والقوميين ويقول الكاتب إنه لن ينقذ وطننا من كل هذه المخاطر الا عدم سيطرة الاخوان على الحكم او بمراجعتهم مراجعة حقيقة وصادقة لافكارهم ورؤاهم القديمة تجاه الاقباط التى تتضمنها ادبياتهم المختلفة حتى ينزعوا شكوك الأقباط التى تراكمت فى نواياهم وحتى يتخلص كل أنصار الدولة المدنية من مخاوفهم.
==
س.س
أول ديسمبر 2011