أقام الاتحاد النوبي بالتعاون مع لجنة متابعة الملف النوبي والمعهد المصري الديموقراطي بأسوان أمس السبت احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للنوبة، وذلك وسط حضور كبير من أبناء النوبة بمصر والسودان، وشارك في الاحتفالية فرقة كورال أطفال أبو سمبل التي قدمت عدداً من العروض الفنية النوبية الشهيرة خلال فترة تهجير النوبة في الستينات كما تم إقامة معرضا للوحات نادرة للنوبة القديمة ومعرض للفنون التشكيلية والمشغولات اليدوية المستوحاة من تاريخ النوبة والفن النوبى، كما استمع المشاركون فى الاحتفالية إلى محاضرة حول حضارة أهل النوبة وتاريخ النوبة مرورا بتهجير النوبيين عند بناء خزان أسوان وتعلياته الثلاثة وحتى تهجير النوبيين عند بناء السد العالى.
مشكلة تهجير أهل النوبة
أكد هاني يوسف الناشط النوبي ومنظم الاحتفال أن الهدف من هذا الاحتفال هو إبراز الثقافة النوبة كجزء أصيل من الحضارة المصرية، موضحاً أن هذا اليوم يحتفل به النوبيون على مستوى 20 دولة في العالم، وتم الإعداد لهذا الاحتفال منذ عام 2007 وإلا أنه تم تنفيذه لأول مرة هذا العام في إطار تخليد أحد أهم معالم التراث الإنساني، والتذكرة بمشكلة تهجير أهل النوبة والمشاكل التى يعانون منها منذ أكثر من مائة عام، أى منذ بناء سد أسوان وتلاه السد العالى، فهذه المشاريع الكبرى التى انتفعت بها مصر أضرت أهل النوبة وأغرقت أراضيهم،كما أن الحكومة لم تعطهم تعويضات مجزية تعينهم على الحياة، والمساكن التى وفرتها لهم تم تشيدها على أراض طفلية، لا تتحمل الأساسات ولا تقبل الزراعة، وبهذا غاب أى أمل فى التنمية لأهل النوبة .
خطر تدويل القضية
ولعل هذا ما دعى العديد من المفكرين والمثقفين إلى المطالبة بإيجاد حلول عاجله للمعاناة المستمرة لأهل النوبة، مشيرين إلى خطر تدويل قضيتهم الذي قد يفتح الباب أمام التدخلات الأجنبية في الشأن الداخلي المصري، مؤكدين على أن استرداد النوبيين لأراضيهم التي تخلوا عنها من أجل مشروع السد العالي حق مشروع لهم، وليس تفضلاً من الدولة، وإنما هو أقل ما تقدمه لأهل النوبة الذين قدموا الكثير لمصر، معربين عن استيائهم من قيام بعض المسئولين السابقين بإعطاء أراضي النوبة لمستثمرين عرب بدلاً من إعادتها لأهلها، وهذه السياسة الفاسدة تهدم بلا أدنى شك ميزة التعددية في مصر وتتعامل معها بشكل يفتقر إلى الحكمة الموضوعية والعدالة، وطالبوا الدولة بسرعة الاهتمام بالتنمية البشرية والاقتصادية والتعليم، لأهل النوبة مع ضمان حقهم في التمسك بهويتهم وثقافتهم الخاصة بجانب مصريتهم، لأن مصر كانت ومازالت قادرة على احتضان الثقافات المتعددة
إنقاذ آثار النوبة من الغرق
وتعرضت آثار النوبة للغرق ثلاث مرات قبل بناء السد العالى، المرة الأولى عند بناء خزان أسوان سنة 1902 وتبع ذلك ارتفاع منسوب المياه بشكل هدد الآثار والمرة الثانية سنة 1912 ، والثالثة فى سنة 1932. وفى كل مرة كان يتم عمل مسح للمواقع الأثرية، ويتم تسجيلها وعمل الخرائط اللازمة لها. وعندما تقرر إنشاء السد العالى أصبح واضحاً أن جنوب الوادي سيتعرض لارتفاع منسوب المياه بشكل دائم، ومن ثم أصبح من الضرورى العمل لتلافى مخاطر ارتفاع منسوب المياه على المواقع الأثرية. وبعد مبادرة من مصر قامت هيئة اليونسكو بإصدار نداء دولى لأضخم عملية إنقاذ للآثار فى التاريخ. واشترك فى هذه العملية أكثر من أربعين دولة تقدمت إما بالمساعدة المالية أو المشاركة العملية. وتكفل كل فريق من هذه الدول بمسئولية ذات مهام محددة .
متحف النوبة وآلاف القطع الأثرية
وتبنت منظمة اليونسكو برنامج إنقاذ آثار النوبة بعمل دراسة لحصر الأماكن التي يجب تسجيلها عمليا وهندسيا، وتلك التي يمكن أن تجري فيها عمليات النقل وكانت البداية بمعبد أبو سمبل الذي تم فكه ونقله إلى مكانه الحالي، ثم توالت عمليات الإنقاذ لباقي المعابد في نفس الوقت التي كانت تجري فيها عمليات حفر وتنقيب واسعة في المناطق التي من المنتظر أن تغمرها مياه البحيرة، مما أسفر عن اكتشاف آلاف القطع الأثرية التي يرجع بعضها إلى الفترة ما قبل التاريخ، وقد تم إيداع هذه الاكتشافات في المخازن على أن يتم إنشاء متحف ليعرض من خلاله المراحل المختلفة لتاريخ بلاد النوبة، وليكون بمثابة نموذج مصغر لأوجه الحياة بها قبل أن تغمرها مياه النهر .
—-
س.س
١٠ يوليو ٢٠١١