العالمان لوك مونتانييه وروبرت جالو اكتشفا الفيروس عام 1981, وأطلقا عليه أسماء مختلفة فيروس نقص المناعة البشري HIV, وفيروس العوز المناعي البشري VIH, وفيروس الإيدز, ولم يتوقف البحث عند تاريخ الإيدز ففي جامعة آلاباما توصل الباحثون إلي أن الجد الأكبر لفيروس نقص المناعة عند البشر هو فيروس نقص المناعة لدي الشمبانزي. كان ذلك بعد وفاة رجل من الكونغو عام 1959, احتار الطبيب المعالج في مرضه فاحتفظ بعينة من دمه ليعاود تحليلها إلي أن تم اكتشاف الإيدز في الثمانينيات, وبذلك يكون الأرجح أن الفيروس ظهر في النصف الأول من القرن العشرين.
ألقت تلك المعلومات بأسئلة عديدة تزامت في أذهاننا ليس لحداثة الموضوع ولكن لحداثة النظرة الجديدة التي يحاول البعض نشرها وهي التعايش مع الفيروس ومرضاه بعد أن قضوا سنوات في عزلة نفسية وربما اجتماعية. خففت تزاحم تساؤلاتنا إجابات د. إيهاب الخراط – طبيب نفسي وأحد أهم أعضاء فريق البرنامج الإقليمي للإيدز في الدول العربية التابع للأمم المتحدة ومنسق البرنامج قال: يعمل الإيدز علي تكاثر الفيروسات أية فيروسات قد تصيب جسم الإنسان مما يؤدي إلي إضعاف الخلايا والجهاز المناعي ثم انهياره الذي يؤدي في النهاية إلي الوفاة. إنه مرض مثل أي مرض علينا فقط أن نعلم الكثير عنه.
* في شغف قلنا له: لكن كيف يمكن للإنسان أن يصاب بهذا الفيروس اللعين؟ انزعج د. إيهاب جدا وهب قائلا: ما هذا الوصف كيف لكم وأنتم حاملي راية التوعية أن تصفوا مرضا باللعنة في حين يتحتم عليكم أن ترفعوا الوصم عنه.
ظللنا صامتين تماما وأكمل د. إيهاب حديثه: ينتقل الفيروس من خلال نقل الدم الملوث به, أو استخدام الإبر والسرنجات الملوثة به, ومن الأدوات غير المعقمة لدي طبيب الأسنان, ولأن اللثة مكان حساس ومفتوح سهل الانتقال منها وإليها, كذلك من الأم المصابة بالفيروس إلي الطفل أثناء فترة الحمل أو الولادة, أو عن طريق الرضاعة الطبيعية, لكن تبقي الوسيلة الأكثر نشرا للإيدز وهي الاتصال الجنسي غير المحمي مع شخص مصاب من خلال السائل المنوي عند الرجل أو إفرازات عنق الرحم والإفرازات المهبلية لدي المرأة, وهذا ما ربط المرض في أذهان الناس بالوصم والعار خاصة في مجتمعاتنا الشرقية, وذلك علي غير الحقيقة.
الأعراض
* وما أعراض الإصابة بالإيدز؟
** يتأثر جسم المصاب تدريجيا وببطئ شديد للغاية, وقد يبدو لفترة طويلة في صحة جيدة, ويمارس حياته بصورة طبيعية كأي شخص عادي. فالمرض ذاته لا يظهر إلا بعد فترة قد تمتد إلي 20 سنة, ولكن معظم الحالات يتطور نمو الفيروس فيها إلي مرض الإيدز, ويضعف جهاز المناعة ما بين ست سنوات إلي ثمان سنوات. عندئذ يبدأ في المعاناة من أعراض كثير من الأمراض مثل الإنفلونزا أو الإسهال الشديد والمزمن, ارتفاع درجة الحرارة, الالتهاب الرئوي المتكرر, العرق الليلي, الصداع, فقدان الشهية, تضخم الطحال, ولكن أكثر الأعراض انتشارا هو الإسهال الشديد غير المبرر, وأقلها انتشارا الطفح الجلدي خاصة في منطقة اللسان وحول الشفاة.
القبلة بريئة
* بدأت علامات تعجب جديدة تظهر فسألنا د. إيهاب: الناموس والباعوض يلدغ البشر فهل يمكن أن تنقل الفيروس من شخص لآخر؟ تعجب د. إيهاب جدا وقال: بالطبع لا يمكن أن ينتقل الفيروس بواسطة الحشرات لأنه لا يتكاثر ولا يبقي حيا داخل جسم الحشرة فالناموس يهضم الفيروس, كذلك عندما يلدغ الناموس جسم الإنسان يحقنه بلعابه وليس بدمه والفيروس لا يستطيع العيش في لعاب الحشرات ولا حتي ينتقل من لعاب الإنسان فالقبلة بين الرجل والمرأة في أقوي درجاتها لا تنقل الفيروس لأن كميته في اللعاب ضعيفة جدا, وهذا ما يفند ادعاءات البعض بأن القبلة ناقلة للمرض بينما ثبتت براءتها.
كذلك لا يستطيع الفيروس أن يبقي حيا خارج الجسم أكثر من خمس دقائق فإذا حدث تلامس مع دم مصاب أو أية سوائل معدية من الجسم يمكن القضاء علي الفيروس باستخدام الحرارة والصابون وماء الأكسجين أو أي مطهر به نسبة كحول 25%.
* إذن هناك احتياطات يومية يجب أن نراعيها في تعاملاتنا اليومية؟!
** كلمة التعاملات اليومية لا تنطبق علي الإصابة بفيروس الإيدز لأنه لا ينتقل عن طريق المعايشة اليومية مع المريض كالمصافحة أو العناق أو الأكل معه في إناء واحد أو الشرب من الكوب ذاته أو استخدام المرحاض الذي يستخدمه ولا عن طريق الدموع أو اللعاب أو العرق والعطش, لذلك يمكن العيش مع مريض الإيدز في منزل واحد, والقصص التي كانت تروي عن العزل الخاص كلها لا أساس لها من الصحة.
عندما لاحظ د. إيهاب اهتمامنا مقترنا بالخوف قال: عندما نخشي الأشياء نبتعد عنها ونجهلها بينما علينا أن نعلم حقيقتها لتتسني لنا مواجهتها وليس لنخشاها فهل تعلمون أن الذين يعرفون بإصاباتهم بالمرض لا تتعد نسبتهم 10% من المصابين, ففي عام 1996 زاد عدد المصابين في العالم 4.3 مليون مصابا جديدا, أيضا أدي المرض إلي وفاة 25 مليون حالة وفاة علي مستوي العالم وهو عدد يفوق حالات الوفاة في الحرب العالمية الثانية.
أكمل د. إيهاب حديثه مشيرا إلي أن معدل الانتشار في منطقة الشرق الأوسط منخفض مقارنة بأفريقيا وآسيا إلا أن المشكلة تكمن في كونها ثاني منطقة في العالم من حيث سرعة الانتشار, وبالتالي لا يجب أن نشعر بالأمان الزائف حتي لا يتحول المرض إلي وباء, فصحيح أن العلاج وجود ويساعد علي الحياة لكن المرض أيضا موجود كالسكر وضغط الدم فيمكن التعايش معه بينما لا يشفي المريض منه.