الإعلام المصري بشكل عام والتليفزيون بشكل خاص كان له دور رئيسي في تضليل المواطنين وتزييف الحقائق في أحداث ماسبيرو الأحد الماضي والتي تناولت الأحداث بشكل مغاير للحقيقة, حيث تم نقل الحدث علي أنه اعتداء من قبل المتظاهرين الأقباط علي قوات الجيش والأمن المركزي بل قاموا أيضا بتحريض الشعب للنزول للشارع لحماية الجيش والوقوف معه ضد اعتداء الأقباط عليه!!
أحادي التوجه
أوضح الدكتور مرعي مدكور أستاذ الصحافة أن الإعلام الرسمي يجب أن يركز علي الوظيفة الإخبارية, مؤكدا أن هذا دوره المنوط به في الأساس, بعيدا عن الممارسات السلبية مثل تهييج المشاعر وإثارتها والبعد عن الموضوعية والإنصاف, وذكر الحقائق كما هي دون تحويرها, منتقدا دوره في تغطية أحداث ماسبيرو التي اتسمت بأحادية النظرة.
وأضاف أنه في الماضي كان يحدث ذلك نظرا لاقتصار القنوات التليفزيونية علي عدد قليل جدا وكذلك الصحف, وكانت كلها تدور في فلك ملكية الدولة وتبعيتها, أما الآن أصبح المواطن منتجا للإعلام في ظل تعدد القنوات الفضائية والأرضية, وشيوع استخدام الشبكات الاجتماعية علي نطاق واسع, فضلا عن انتشار الصحف والمجالات التي تعبر عن كافة الآراء والاتجاهات بل والتيارات السياسية والفكرية وغيرها, مع كل ذلك لو استمر الإعلام الرسمي علي نهجه سوف ينفض الجمهور من حوله.
ومن منطق التغطية الإعلامية لأحداث ماسبيرو أكد د. مرعي مدكور أن المشاهد أو القارئ أصبح يقارن بين وسائل الإعلام المختلفة بشكل يحقق رغباته في المعرفة, لذلك يجب أن يكون الإعلام الرسمي معايشا لها وليس منعزلا في جزيرة نائية.
فصل الملكية هو الحل
ويري الكاتب الصحفي أسامة سرايا رئيس تحرير جريدة الأهرام السابق أن الإعلام الرسمي منذ الثورة في تخبط شديد, وينسحب هذا التخبط علي الإعلام بصفة عامة, مؤكدا علي أهمية فصل الملكية عن الدولة للخروج من هذا المأزق, قال إننا نحتاج في هذه الأيام إلي تحكيم الضمير الوطني خاصة من قبل القائمين علي الاتصال بالجمهور في كل وسائل الإعلام, دون السعي وراء الشعبية أصحاب الأصوات العالية, ففي قضية ماسبيرو ظهرت تغطية إعلامية, كان وراؤها البحث عن إرضاء بعض الغوغائيين وذوي السلطة المزعومة, وبالمناسبة هذا تكرر في أزمة السفارة الإسرائيلية, وهذه كلها قضايا وطنية حساسة, تحتاج إلي حكمة في معالجتها إعلاميا, بعيدا عن الإثارة أو التحريف أو إنصاف فئة علي أخري أو تيار فكري علي آخر سواء كان سياسيا أو دينيا, لذلك يجب علي الإعلام خاصة الرسمي أن ينتبه إلي حساسية دوره, وأن يراعي حقوق المواطنة والمساواة الكاملة, والتخلص من التطرف والبعد عن المصالح الشخصية.
واستطرد الكاتب الصحفي أسامة سرايا قائلا: الحل المناسب لكل هذه السلبيات من جانب الإعلام الرسمي هو العمل علي فصل الملكية عن الممارسة اليومية للإعلام, والعمل علي إعلاء المهنية علي أي الانتماءات, وإعادة النظر في مسألة التعيين العشوائي بما فيهم من يتسمون بالجهل والتعصب. وبالنسبة للمرحلة الانتقالية التي نعيشها لابد من التركيز أولا علي النواحي الأمنية والاقتصادية, حتي تمر هذه المرحلة الخطيرة بسلام. وأشاد سرايا بحكمة البابا شنودة الثالث وأهمية الأخذ بها في هذه المرحلة الحرجة.
فقد المصداقية
بينما وصفت الدكتورة مها عبدالمجيد الخبيرة الإعلامية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الإعلام الرسمي بأنه فاقد لمصداقيته ليس فقط مع أحداث ماسبيرو وإنها نتيجة تراكم سلبياته في الكثير من الأحداث التي وقعت منذ قبل الثورة, وبالتالي أصبحت شعبيته في تناقص مستمر. وأضافت قائلة: كان يفترض في هذا الإعلام الحيادية التامة والموضوعية في تناوله للأحداث ولكنه مازال يتبني وجهة نظر أحادية تفقده قدرا كبيرا من المصداقية, فمثلا البرنامج العام بالإذاعة المصرية كان يتابع الأحداث لحظة بلحظة, ومن مواطنين كانوا متواجدين بموقع الحدث لكن كانت الآراء تصب في اتجاه واحد, وبالتالي هم تبنوا منطق أحادي, لكن التليفزيون المحلي ساهم في نشر البلبلة, نظرا لصدور بعض البيانات ثم القيام بتكذيبها, وبالتالي لم يكن بوسع أحد المقدرة علي متابعة الحدث من خلال القنوات الرسمية, كما أن هذا التوجه يتعارض مع سمات العصر الإعلامية.
وأضافت الخبيرة الإعلامية قائلة: في مثل هذه المواقف وبصفة عاملة نحتاج إلي طرح وجهات النظر المختلفة, بعيدا عن البلبلة والتجاهل, مثلما حدث منذ أيام, لذلك يجب البعد عن الأشخاص الذين يفتقدون الحس الإعلامي والسياسي والذين كان بدورهم التوجيه نحو إشعال الفتنة الطائفية سواء عن جهل أو قصد, مما كان له أبلغ الأثر في إثارة المواطنين وترويعهم بعيدا عن الوقائع الحقيقية, والعمل علي تدريب الإعلاميين بصفة مستمرة هو السبيل إلي عدم الانزلاق في الخطأ خاصة من جانب الإعلام الرسمي
تحيز واضح في التغطية
وقال الدكتور محمد شومان عميد المعهد الدولي للإعلام: كان هناك تحيز واضح من قبل إعلام الدولة في تغطية أحداث ماسبيرو, بل وتعيد هذه التغطية الإعلام المصري مرة أخري لما قبل الثورة, إنه عاد إلي قواعده الأولي, وهذا أفقده مصداقيته.
واستطرد قائلا: الآن الإعلام الرسمي يتسم بالتباعية الكاملة, حيث إن إعلامنا تعود أن يكون تابعا للسلطة, وما حدث من ممارسات مهنية سلبية أثناء تغطية أحداث ماسبيرو وغيرها من أحداث وقعت أثناء وبعد قيام الثورة, ويرجع لعدة أسباب أهمها أن الإعلام خاصة الرسمي الذي من المفترض أن يخص قاعدة كبيرة من الجمهور لم يحدث له التطهير اللازم.
هل نعيد النظر في الإعلام المصري؟!
السقطات المهنية التي وقع فيها الإعلام الرسمي.. وهل عاد إلي نهج العهد السابق ليكون بوقا للسلطة مهما كانت.
استنكر الإعلامي حمدي قنديل تغطية التليفزيون حيال أزمة ماسبيرو ووصفها بأسود يوما في تاريخ مصر بعد أحداث 25 يناير مؤكدا أن التليفزيون المصري ارتكب حماقة خطيرة لإشعال الفتنة وسكب الزيت علي النار عندما حرض المواطنين في منازلهم ودعهم للنزول لحماية الجيش المصري من الأقباط مؤكدا أن هذه التغطية تذكر بما حدث في يوم 28 يناير ولكن أحداث 9 أكتوبر هي الأسود في تاريخ مصر منتقدا وجود وزارة للإعلام مشيرا إلي أن تغطية التليفزيون لم تكن موضوعية أو حيادية أو دقيقة, فضلا عن التغيب المتعمد للحقائق بالإضافة إلي الاستمرار لمدة 3 ساعات متواصلة يركز علي أن الأقباط يعتدوا علي الجيش متغافلا دهس الأقباط بالإضافة إلي عدم دقة الأرقام مطالبا بالتحقيق في هذا الأمر ومعرفة من المتسبب الحقيقي وراء ذلك مؤكدا أن التليفزيون المصري ضلل الشعب كله.
تعتيم الحقائق!
ومن جهته انتقد جمال الغيطاني الأديب والروائي معالجة التليفزيون الرسمي للمذبحة البشعة مشيرا إلي أن الرسالة الإعلامية أسوأ من النظام السابق والتي كان ينتهج التعتيم والتضليل علي الحقائق مؤكدا خلال أحداث 9 أكتوبر أصبح طرفا وقام بالتحريض موضحا أنه لم يكتف بالتغطية التحريضية والسلبية لأحداث ماسبيرو ولكنه كان أحاديا الاتجاه عندما أعلن عن وجود قتلي من الجيش المصري فقط وتغافل المتظاهرين الأقباط حيث تجاوز عدد الضحايا 25 قتيلا, وأكثر من 300 جريح وطالب بضرورة محاسبة وزير الإعلام علي التغطية التحريضية ولصالح من.
وأشار الغيطاني إلي أن الفضائيات العربية استطاعت الحصول علي معلومات حول الأحداث وإمداد مشاهديها وذلك عكس التليفزيون الرسمي المتظاهرين الأقباط وقوات الجيش.
الإعلام المضلل أشعل الفتيل!
ومن جهته أكد د. سامي الشريف رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون السابق أن المشاهد لا يري الأحداث ولكنه يتابع ما تنقله وسائل الإعلام وبالتالي تلعب دورا كبيرا في نقل أو تلوين أو تغيير الحقائق, وفي أحداث ماسبيرو أصيب المشاهد العربي بحيرة شديدة نتيجة تناقض الأخبار التي تواردت عن الحدث نتيجة اختلاف الأرقام التي ذكرت عن عدد الضحايا والمصابين وتضارب الأقاويل حول من الذي بدأ الاعتداء مشيرا إلي أن هذا التناقض أربك المشاهدين للتليفزيون الرسمي الذي يعلن منذ اللحظة الأولي أن المتظاهرين الأقباط هم الذين أطلقوا الرصاص وإصراره علي إبراز عدد القتلي والمصابين من قوات الأمن فقط وبين قنوات خاصة تلقي بالمسئولية علي قوات الأمن بأنها هي التي استخدمت الذخيرة الحية وأن عدد الضحايا من الأقباط العزل الذين لا يملكون ولا يحملون أسحلة مؤكدا أن المشاهد في حيرة من أمره بين الحقيقة وما الأرقام الصحيحة؟ واصفا المعالجة الإعلامية للتليفزيون الرسمي فاشلة.
لابد من محاكمة المخطئ!!
ومن جانبه طالب د. محمود خليل الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة بمحاكمة وزير الإعلام بسبب الطريقة التي تمت به تغطية أحداث يوم الأحد الدامي لأنه وظف التليفزيون الرسمي كأداة لإشعال الفتنة وإثارة طوائف المجتمع علي بعضها البعض وقدم نموذجا سيئا للأداء غير المهني مشيرا إلي أنه منذ اللحظة الأولي لوقوع الأحداث تبني وجهة نظر واحدة دون أن يتحقق من صدقها, مشيرا إلي تأكيد التليفزين أن الشباب القبطي المتظاهر عند ماسبيرو هاجم جنود الشرطة العسكرية, مما أدي لوفاة ثلاثة جنود وهي رواية غير مقنعة, فهي ليست أول مظاهرة يقوم بها الشباب القبطي بل هناك ما يسمي بائتلاف شباب ماسبيرو, وهو ائتلاف من الشباب القبطي يطالب بحقوق المواطنة وهو معروف بسلميته وعدم ميله للعنف فكيف يتسرع التليفزيون بأن يتهم هذا الشباب المسالم بأنه كان يحمل أسلحة نارية ووجهها للجنود.
إن الكرامة المهنية في مثل هذه الأحوال تقتضي أن يقدم وزير الإعلام استقالته مشيرا إلي أن التليفزيون أخذ أيضا عليه بأنه يتحدث عن مجموعة من المواطنين سارعوا إلي حماية الجيش وهم بالطبع مسلمون وهي تترجم إلي تحريض المشاهدين في المنازل للنزول إلي الشوارع مما يؤدي إلي إشعال الفتنة أكثر مؤكدا أن التليفزيون أثبت بجدارة أنه مازال يعيش في مخدع السلطة السياسية.
وحذر صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة من خطورة البث المباشر للأحداث, والتي يمكن أن تؤدي إلي التحريض, وقد يستخدم هذا الخطاب مسلمون متطرفون ومسيحيون متعاطفون مما يؤدي إلي تضخم الأحداث مؤكدا علي دور الإعلامي المسئول بأن يجمع المعلومة ويختار التوقيت الماسب لبثها أو نشرها علي الجماهير, ولابد للإعلامي أن يقدر المسئولية المهنية, مشيرا إلي أن البث المباشر ينطوي داخله علي التحريض ولابد من تدريب المذيعين علي زيادة وعيهم بأنهم مذيعون وليسوا زعماء سياسيين.
الشارع يزداد احتقانا
وهذه التغطيات الكاذبة والمضللة كان لها بالغ الأثر علي الشارع بشكل عام, وازدادت حالة الاحتقان بين المواطنين خاصة البسطاء ممن يتابعون الإعلام الرسمي فقط, ولم تصل إليهم الحقيقة, اعتقدوا أن الأقباط هاجموا الجيش وقتلوا جنوده وأصابوهم.
تحدثنا إلي الدكتور سمير نعيم أحمد أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس فقال: ارتكب التليفزيون المصري أبشع جريمة في تاريخ الإعلام المصري في حق الشعب كله, فالأخبار التي أطلقها التليفزيون الرسمي بعد الأحداث وكذلك الصحف القومية كانت مضللة وكاذبة, فعلي سبيل المثال لا الحصر ما قالته المذيعة رشا مجدي علي شاشة التليفزيون حينما أذاعت خبرا: المتظاهرون الأقباط يرشقون الجنود بالحجارة والمولوتوف من أعلي كوبري أكتوبر ويحرقون آليات الجيش وأكملت: 3 شهداء وعشرين مصابا كلهم من الجيش للأسف بأيدي فئة من أبناء الوطن, هذا الجيش الذي حمي الشعب بالثورة لنجد اليوم فئة تقوم بضرب الجيش.. أين حكماء الوطن لنسمع صوت العقل.. اتقوا الله في مصر في بلدكم.
وأضاف د. نعيم أحمد: لقد قاموا في التليفزيون بدعوة شرفاء مصر للتوجه إلي ماسبيرو لحماية الجيش كما لو كان الأقباط هم العدو القادم من الخارج, هذا الإعلام الكاذب والمضلل لا يمكن أن يكون بريئا من تهمة إشعال النار في مصر كلها وتحريض البسطاء من المسلمين والمسيحيين علي أن يهبوا لنجدة دينهم وصليبهم وقرآنهم, ويبدأوا صراعا دمويا بين المواطنين, والكارثة الكبيرة في هذا الإعلام الكاذب هو أنه موجه للجماهير العريضة, في القري والنجوع والأحياء الشعبية, وهناك نسبة كبيرة منهم غير متاح لها قنوات أخري أو أساليب اتصال جماعية حديثة مثل مواقع التواصل الاجتماعي علي شبكة الإنترنت لتكشف هذ الزيف أمامهم, بل وترد علي أكاذبيه.
واستطرد قائلا: إن العبارة القصيرة التي أطلقها التليفزيون المصري والتي تدعو شرفاء مصر أن يهبوا لنجدة الجيش المصري مقصود بها أن تفجر تداعيات كثيرة وتعطي مصداقية لشائعات عديدة كان يطلقها المتطرفون الإسلاميون.
وأكد د. نعيم أحمد أن هناك ضرورة لتوحد جميع القوي الوطنية في مصر وائتلافات الثورة ومنظمات المجتمع المدني, لمواجهة هذه الهجمة الشرسة من القوي المضادة لثورة 25 يناير والتكاتف سويا من أجل تسليم السلطة إلي المدنيين, وعلي منظمات المجتمع المدني بكشل عام وحقوق الإنسان بصفة خاصة تقديم بلاغات للنائب العام للتحقيق مع رموز الإعلام وعلي رأسهم أسامة هيكل وزير الإعلام, وتحويلهم للمحاكمة بتهمة التحريض علي الفتنة والقتل والعنف بشكل صريح وعلني, وتسجيلات القنوات المصرية موجودة علي مواقع الإنترنت, كما طالب د. نعيم بإقالة المجلس العسكري محافظ أسوان فورا ومحاكمة المسئولين عن هدم الكنيسة وكل من تسبب في قتل أو إصابة المتظاهرين, والذين اعتبرهم مواطنين ضد التمييز العنصري في مصر, وليسوا مجرد أقباط فهم مواطنون تظاهروا ضد التمييز بينهم بسبب العقيدة.
كما نوه د. نعيم أحمد إلي أن خروج قانون دور العبادة الموحد لا يعد كافيا للحل ومنع التمييز ضد الأقباط, بل وحدة القضية وعدم تجزئتها هو الحل, فالقضية تخص وطن يتم اغتياله وليست قضية أقباط ومسلمون, فالإعلام المصري قام بحرق الوطن.
ليس كافيا أن تكون مسالما!
واتقفت معه في الرأي الدكتورة هدي زكريا أستاذة علم الاجتماع السياسي بكلية الآداب بجامعة الزقازيق,وقالت: أولا أوضح أن من هم في التليفزيون الرسمي ليس لهم توجه ولا مهنية, فلقد لاحظت أن المذيعات والمذيعين حينما يتابعوا حدث لا ينقلوه بموضوعية أو بتوضيح حقائق, فهم يصابون بالفزع, وهذا يجعلهم لا يصلحون لمهنتهم, وأنني مندهشة من المهنية المتردية والإيقاع البطئ.
وأضافت د. هدي زكريا أن ما حدث هو اختبار لمدي القدرة علي مواجهة الأزمات, فحينما حدث تسونامي في اليابان, كان هناك شعور عال بالمسئولية وخطة للإنقاذ والبحث عن الناجين لكننا للأسف في مصر فكرة المهنية العالية نفتقدها بشدة في كل مجال والخطورة تكمن في افتقادها في مناطق مهمة في البلد, هذه هي الخطورة الحقيقية, هناك احتقان بين المواطنين, ولذلك يجب أن نتوجه إلي تغيير حقيقي في التعليم وبقرارات حاسمة وليست مجرد شعارات, بالإضافة إلي ضرورة الانتباه لصالح الجميع, فيجب مراقبة الخطاب الديني في المساجد والكنائس من قبل أشخاص معنيين يكونون علي قدر المسئولية.
التزييف يؤدي إلي احتقان
وعن حالة التخوف والإحباط التي تنتاب الكثيرين من المواطنين وبشكل خاص الأقباط جراء تأثير الإعلام المضلل, تحدثت ليليان عوض إخصائية الطب النفسي, وقالت: ما حدث من تزييف للحقائق في الإعلام الرسمي بكافة أشكاله جعل المواطنين يعانون من حالة الاحتقان ولديهم الكثير من الإحباط والتخوفات من المستقبل, لكن علينا جميعا أن نتذكر أننا في ثورة 25 يناير استطعنا أن نغير بعض الثوابت التي ظللنا لعدة عقود نعاني منها, فالأمل في تغيير الأوضاع التي نعيشها يجب أن يظل قائما.
وأضافت د. ليليان عوض: المشكلة أننا لا نستطيع أن نعيش في نظام ليس له معالم محددة, فنحن لم نعتد الأشياء الهلامية بالإضافة إلي أن عدم الأمان بالشارع والانفلات الأمني الذي نعاني منه منذ عدة أشهر يجعلنا أكثر شهورا بالإحباط, فعلينا أن نعود وننظر إلي تاريخ الثورات, لنعرف أننا نستطيع التغيير, فنحن لانزال موجودين ويمكننا أن نهب مرة أخري ونعود لثورتنا مرة أخري حتي لو تم سرقتها بشكل أو بآخر كما يعتقد الكثيرون.
وأكدت الدكتورة ليليان عوض علي أننا لسنا في احتياج لأن يعود الأقباط إلي الانغلاق علي أنفسهم والبعد عن المشاركة المجتمعية والحياة السياسية, لأننا إذا نغلقنا علي أنفسنا سنرجع عشرات الخطوات للخلف وستزيد العنصرية أكثر في المجتمع.
وخبراء القانون لهم رأي آخر!
انتقد خبراء وقانونيون التعتيم الإعلامي عن أحداث ماسبيرو ونقل الأخبار المضللة للرأي العام وتشويهه بأخبار غير صحيحة.
قال الدكتور عماد جاد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن ما حدث من تعتيم إعلامي جريمة في حق الإنسانية ويستحق القائمون عليها العقاب, والذي استمر في أحداث ماسبيرو والأحداث المشابهة لها والمتعلقة بالقضايا القبطية وغيرها من هموم الوطن.
وأوضح د. جاد أن التعتيم نوعان الأول خاص بقضايا الأمن القومي, والثاني خاص بالقضايا القبطية والفتن الطائفية وعدم نشر الحقائق كاملة وتشويه الصورة للرأي العام خاصة في القضايا المتصلة بالفتن الطائفية وذلك بطلب من جهات سيادية رسمية وهو ما ينطبق علي حالة ماسبيرو الأخيرة عن طريق التحكم في اختيار ضيوف البرامج المختلفة والمذيعين القائمين علي تلك البرامج وتقديمها أولا إلي الجهات السيادية للأخذ بالموافقة علي الضيوف أولا والقضايا التي تناقش للرأي العام.
وأشار جاد إلي أنه تم اتخاذ إجراءات ضد القائمين علي القنوات الفضائية خاصة التليفزيون الرسمي والمذيعين بطلب للنائب العام للتحقيق في وقائع التعتيم الإعلامي في أحداث ماسبيرو ونشر أخبار كاذبة وتشويه الرأي العام بحقائق غير مطابق للأحداث الفعلية والحقيقية.
تشويه الحقائق
ومن جانبه قال المستشار أمير رمزي عقد لجنة العدالة الوطنية بمجلس الوزراء والمحامي بالتقصي إن الإعلام سيطرت عليه جهات سيادية بعدم نشر الأخبار الحقيقة والمتصلة بأخبار الأقباط والفتن الطائفية ونشر أخبار غير حقيقية يحاسب عليها القانون, ضمن تعديلات قانون الطوارئ وإضافة مادة تجرم نشر الأخبار الكاذبة والتي تضلل الرأي العام وتشويه الحقائق والبيانات التي تبث للرأي العام.
وأكد رمزي أن مجلس الوزراء يناقش مستجدات القضايا المتعلقة بالأقباط وخاصة في لجنة العدالة لاتخاذ إجراءات لدعم حقوق الأقباط في دور عبادة واستكمال التراخيص للكنائس المغلقة منذ سنوات ماضية ووضع سيناريوهات مستقبلية لعدم تكرار الأحداث الأخيرة.