غموض الإحصائيات إشكالية كبري في برامج محو الأمية
أرقام مفزعة كشفها المؤتمر القومي الرابع للشباب بالمدينة الجامعية بالأقصر لمناقشة وضع الشباب ومحو الأمية والتي شارك فيه قرابة 522 شابا وفتاة يمثلون كافة الهيئات الشبابية والأقاليم أكدت بعضها أن مصر بها قرابة 17 مليون أمي منهم 69% من الأناث و20% من الشباب وترتفع هذه المعدلات في مناطق الصعيد والمناطق الريفية.
وصف الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم أمية القراءة والكتابة بالخطر الداهم الذي يواجه المجتمع في ظل ارتفاع نسبتها بين كبار السن وزيادة معدلات التسرب في مرحلة التعليم الإلزامي..فيما أشار الدكتور رأفت رضوان رئيس الهيئة العامة لتعليم الكبار في المؤتمر إلي أن مشروع محو الأمية مشروع قومي وأن تأخير ترتيب مصر في التقارير الدولية يرجع إلي ارتفاع نسب الأمية مشددا علي ضرورة تبني مشروع قومي لمحو الأمية في مصر تحت عنوانيوم مصربهدف القضاء علي أمية 5 ملايين شاب وفتاة في الفئة العمرية ما بين 15-35 عاما..ويمكن لهذا المشروع الاستفادة من التجارب الدولية التي نفذتها دول مثل:كوبا وماليزيا وتايلاند والمكسيك.
والغريب أن الجهود التي بذلت لمحو الأمية وتعليم الكبار وفقا لعدد من التقارير لم تسفر عن شيء مما دعا إلي تجديد الدعوة عام 2000 لجعل الخمس سنوات القادمة أساسا للقضاء علي الأمية وعليه جاء الإعلان عن المشروع القومي لمحو الأمية من عام 2003 حتي عام 2007 والذي بموجبه تم تعديل قانون الهيئة العامة لتعليم الكبار لقصر مسئوليتها فقط علي الفئة العمرية ما بين 15-35 عاما والتي يتراوح فيها عدد الأميين ما بين 5-6 ملايينلتقذف بالكرة في ملعب وزارة التربية والتعليم, ولتحملها مسئولية منع التسرب من التعليم في تلك الفئة.
ويضيف الدكتور رضوان: في الحقيقة لم تشارك الأجهزة المعنية بفعالية في تحقيق الهدف لكن الهيئة العامة لتعليم الكبار بدأت في خطتها مؤكدا بأن لا أحد سيحصل علي شهادة محو أمية إلا إذا كان لديه بطاقة الرقم القومي وبالتالي ضرب عصفورين بحجر واحد..أولا قطع الطريق أمام الدارسين الذين يتقدمون لعدة مرات للحصول علي شهادات محو أمية بقصد عمل إنجازات وهمية ,وثانيا:منع الدارسين من الحصول علي شهادات محو أمية دون تسجيل شهادات ميلادهم.
وهذا لا يمنع علي مساعدة الطلبة في الامتحانات وليحصلوا علي شهادات معتمدة من الوزارة لكن سرعان ما يرتدون إلي الأمية.
تنبهنا في هيئة كاريتاس للأمر مبكرا وبدأنا التفكير فيما يعنيه تعليم الدارس القراءة والكتابة حتي إن البعض في القري يقولون طب هاتعطونا الشهادة هانعمل بيها إيه ومفيش شغل؟.
وحدثنا قائلا إن عدد الجمعيات المعنية بمحو الأمية محدودة جدا فمعظم الجمعيات الأهلية تضع برامج محو الأمية ضمن أنشطتها ولاسيما تلك التي أنشئت في الأساس للاهتمام بالتعليم مثل جمعية الصعيد للتربية والتنمية لأن لديها مدارس الفصل الواحد وفصول محو الأمية وتعليم الكبار .
ويذكر أن جمعية كاريتاس كبري الجمعيات العاملة في هذا المجال وأوسعها انتشارا فالبداية كانتت بـ6 فصول ما بين القاهرة والإسكندرية عام 1972 وشوية شوية لاحظنا أن جهودنا في مجال التنمية تتآكل مع نسب الآمية المرتفعة فربطنا ما بين محو الأمية وبرامج التنمية والتوعية الصحية وإكساب الدارس بعض المهارات اليدوية والأنشطة الاجتماعية لنساعدهم علي تحسين الدخل..
وفي الفترة الأخيرة بدأنا نعمل مكتبات بجوار المناطق القائمة بها فصول محو الأمية حتي يجد الدارس كتبا وأخبارا بلغة بسيطة دارجة فتتسع مجالاته القرائية ومن ثم تصبح لدينا فرصة للتواصل ومساعدة البعض علي استكمال تعليمهم والاعتماد علي أنفسهم في إستخراج أوراقهم الرسمية.
الواقع يشهد أن الجمعيات الأهلية يمكن أن تعطي برامج أكثر حيوية مما تستطيعه الجهات الحكومية لما لديها من إمكانية التواصل الكبير علي المستوي الشعبي بقدر ما تربط خدماتها بعملية تعليم القراءة والكتابة وبالتالي تساعد الدارسين أن يقبلوا علي الفصول وأضاف :وكوننا جمعية لم تكن لدينا مشكلة في حالة عدم وجود فصول لأن الفصول هي بيوت الأهالي في القري ممكن الفصل يبقي في المندرة أو في قاعة مناسبات أو علي مصاطب بجوار البيوت إذن القضية مش قضيةفصلالمشكلة هي قضية برنامج حيث إننا غير قادرين علي وضع نموذج في برامج ترتبط بحياة الدارسين.
ولكن سمعنا عن برنامجتعلم-تحررما هي الفلسفة القائم عليها هذا البرنامج؟
فكرنا منذ بداية عملنا عام 1972 إننا نتعلم من خبرات الجمعيات العاملة في هذا المجال فتبلورت أمامنا فلسفة تربوي برازيلي اسمهباولو فريديحيث تقوم منهجيته علي فكرة الحوار لتصبح عملية تبادلية بيننا وبين الدارسين في القري حتي لا يشعروا بأننا هبطنا عليهم بالبراشوت لكنهم في برنامجنا يدركون فكرة العطاء المتبادل فاحنا بنديهم فرصة للدراسة وهم يبادلوننا بالخبرة لأننا واجهتنا مشكلة كبيرة في البداية أن الدارسين بيشعروا بالملل مع من يتعامل معهم وكأنهم أطفال رغم أنهم في سن الشيخوخة ,لذلك منهجنا يقوم علي احترام سنوات الخبرة وهذا نوع من الاستثمار للقدرات المختلفة داخل الفصول.
وألقي الدكتوررضوان الضوء علي نقطة في غاية الأهمية وهي عدم وجود مقاييس للحد الأدني للمعلومات القرائية تذكر فيها أن الدارس تجاوز مرحلة محو الأمية والشهادة ليست مؤشرا للحصر لأن كثيرين منهم يرتدون وإذا اعتمدنا علي الإحصائيات الرسمية لعام 2006 وهي آخر إحصائية ستعتبر غير دقيقة لأنه يستحيل إجراء امتحانات لكافة الحاصلين علي شهادات محو الآمية لمعرفة القدر الكافي للمعلومات القرائية أظن أن آخر حصر أوضح أن نسبة الأميين أكثر من 37% وأن النسبة التي أعلنت في المؤتمر القومي الرابع للشباب هي 17 مليون أمي منهم69% من الإناث و20% من الشباب ونحن لانرغب في الدخول في تضارب الإحصائيات.
وكيف يصبح لدينا حصر حقيقي لعدد الأميين؟
لازالت الأجهزة الحكومية تعتبر أن الأميةوصمةلا ترغب في إعلان الأرقام الحقيقية عنها البعض يقولماتفضحناش بالعدد دهوآخرون يقولون: إيه الفائدة أن نعرف العدد الحقيقي للأميين؟المهم أنهم يعرفوا يقروا ويكتبوا
وبالنسبة لفصول تعليم الكبار لدينا 7-8 آلاف فصل منهم 660 فصلا بتقوم جمعية كاريتاس بالإشراف عليها وهناك محاولات كثيرة لبحث فصول محو الأمية من ناحية جدية الفصول وصحة نشاطها ومدي الإقبال عليها لكن هذه مؤشرات فقط ولاتزال العملية الإحصائية عملية غامضة وبياناتها غير واضحة,وأعتقد أن ميزانية جهاز تعليم الكبار قرابة 206 مليارات جنيه خلال ثلاث سنوات طبقا لما أوضحه المؤتمر الرابع للشباب.
هل يمكن محو الأمية في مصر في ظل الظروف الحالية؟
بالتأكيد الأمر محتاج لمجهود ضخم علي كافة المستويات فعلي غرار وسيلة التي ثبت نجاحها كمشروع تعليم الأقرانإذ اكتشفنا أنهم داخل الأسر الريفية يعتمدون علي دارس واحد يقوم بتعليم إخوته ووالديه ففكرنا أن نعمل برنامجا سهلا يتعلم فيه الدارس بسهولة ويقوم بتوصيل الخبرة لأسرته واستقدمنا إحدي الخبيرات لتضع لنا برنامج تعليم الأقران..وكل ما نستطيعه أن نعطي الفرصة للذين اتعلموا بالتدريس لزملائهم وأسرهم وهو ما سيحدث نقلة حقيقية عوضا عن تشغيل الخريجين الجامعيين وإعطائهم مكافآت, لأن الجامعي لايستطيع التباسط والتواصل مع الأميين خاصة في القري.