ملحمة شاهدها العالم أجمع.. لن ينساهاالتاريخ.. فلم تكن قصة القمص سرجيوس الذي صعد علي بمنبر أحد المساجد في ثورة 1919 لحث المصريين علي التكاتف هي الأولي أو الأخيرة.. فثورة 25 يناير ضربت مثالا في لم شمل المصريين, ويصعب في ميدان التحرير التفرقة بين مسلم أو قبطي.. فالمسلم يحمل الصليب والمسيحي يحمل القرآن تحت شعار حب مصر.
شهد يوم الثلاثاء الماضي حفل تأبين لذكري الأربعين لشهداء كنيسة القديسين بالإسكندرية الذي أودي بحياة 24 شهيدا وتأبين لشهداء ثورة 25يناير ولم ينس المصريون أن يذكروا ضحايا الفساد والإهمال من ضحايا العبارة وقطار الصعيد والأحداث الإرهابية.. في الرابعة مساء بدأ حفل تأبين بحضور سياسيين ومثقفين حيث صعد علي المنصة جورج إسحق منسق حركة كفاية ود. شريف دوس والقس إيهاب الخراط وجمال زهران عضو مجلس الشعب السابق ود. عماد جاد الخبير السياسي بمركز الدراسات السياسية بالأهرام ومايكل منير رئيس منظمة إيد في إيد وسمير مرقص الباحث في شئون المواطنة ومعهم كورال كنيسة قصر الدوبارة.
تحدث جورج إسحق منسق حركة كفاية الأسبق قائلا: مصر شهدت أوقات عصيبة نتيجة الفساد والإهمال وغياب القانون الذي دفع بشهداء مصريين أبرياء منهم من كان يسافر للبحث عن لقمة العيش وغرقوا دون رحمة, ومنهم من كان يصلي بالكنائس واخترقت أجسادهم رصاصات الغدر.. ولذا فالمصريون يصلون من أجل دماء الشهداء والأبرياء من المصريين.
حماية المسلمين للكنائس
أما د. شريف دوس طبيب جراح فقال: أتحدث اليكم في ذكري شهداء كنيسة القديسين, ونتذكر دائما مقولة الإنجيل المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة, ودائما يؤكد الإنجيل أن قريبك هو الشخص القريب إلي الإنسانية.. ولذا نحن شعب واحد نقف ضد كل من يريد قتل الأبرياء وإثارة التخريب والدمار لأنه يكون مخالفا للشرائع السماوية, ونحن في ذكري تأبين شهداء مصر لا ننسي عقب مذبحة الإسكندرية وفي ليلة عيد الميلاد وقوف المسلمين خارج الكنائس لحماية الأقباط والتصدي لأي محاولات تهز كيان الوطن.
وقدم كورال كنيسة قصر الدوبارة ترنيمة بارك بلادي.. بارك بلادي. ياسامع الصلاة في قلوب كل البشر بارك بلادي.. بارك بلادي إلتفت لصراخ قلوبنا وأرسل لينا المطر, ورنم مسلمون وأقباط معا من أجل إعادة السلام لمصر وهم يرنمون تراتيل السلام, وأمسك كل مسلم صليب وقرآنا وأمسك كل مسيحي قرآنا وصليبا في مشهد بديع لم يحدث منذ سنوات طويلة.
وأكد عبدالمنعم أبوالفتوح- أحد كوادر جماعة الإخوان أن الحديث عن وحدة الوطن وخروج المسلمين والأقباط في ثورة 25 يناير وأن الرصاص لم يفرق بين الاثنين مشيرا إلي أن أقباطا ومسلمين داخل التحرير يتعايشون معا من أجل إسقاط النظام الذي استمر أكثر من 30 عاما من الفساد والقمع.
قال المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض السابق: مصر تشهد إحياء لأرواح الشهداء من الشباب الذي ضحي بحياته من أجل التغيير ورسم عصرا جديدا من الحرية والسلام والإخاء يدا واحدة تحت شعار كلنا مصريون لوقف حالةالفقر والفساد التي دفعت بشباب مصر إلي البحث عن لقمة العيش خارج أرضه رغم ما تذخر به مصر من خيرات تفيض علي أبنائها.. ولكن الفساد كان السرطان الذي التهم حياة الشباب.
المصريون بالخارج
أكد المهندس مايكل منير رئيس منظمة إيد في إيد أن جميع المصريين يد واحدة سواء داخلها أو خارجها مشيرا إلي خروج 10 آلاف مصري في كندا عقب الثورة لتأييد مطالب المصريين في التغيير ضد الفساد, وأن الشعب عاني من السياسات الأمنية والقمع والتعذيب تحت سياسة حبيب العادلي الذي توجه له تهمة تدبير مذبحة كنيسة الإسكندرية لإثارة الفتنة بين أبناء مصر.
وقفة بالشموع
وفي السادسة مساء جاء عدد كبير من الأقباط حاملين الشموع واللافتات التي تحمل صور شهداء الإسكندرية وشهداء 25 يناير وهم يهتفون ضد الفساد والنظام وانهمرت دموع المسلمين والأقباط علي كل من فقد قريبا له في الأحداث الأخيرة, وصعد كورال الكتيبة الطيبية بعزبة النخل ليرتل بمشاركة الآلاف من المعتصمين حيث أنشد السلام الوطني باللغة القبطية وبعدها باللغة العربية رغم ترنيمة ليه لابسة ياأمي أسود ماتقوليش إني ميت أنا عايش في السما وهي كلمات يقولها الشهيد لأمه حيث تعاطف جميع الحضور مع هذه الكلمات المصحوبة بموسيقي حزينة.
وقال كمال زاخر الكاتب والناشط إننا كمصريين نعزي كل أم وأسرة لشهداء وضحايا إسكندرية و25 يناير والعبارة وقطار الصعيد وقطار سمالوط مشيرا إلي أن النظام لم يدرك أن المصريين لديهم صبر ولكن كان يجب أن يعرفوا أن الصوت المكتوم صرخ وأن المصريين خرجوا جميعا للدفاع عن كرامتهم في الحياة العادلة.
قالت الوفدية البارزة د. مني مكرم عبيد إنها جاءت لتكون مع المصريين ليس مع الأقباط ولا المسلمين ولكن مع كل مصري يحب هذا الوطن وخرج من أجل الدفاع عنه وعن متاعب شعبه ضد الفساد والتزوير وعدم تقدير قيمة هذا الشعب الذي دائما يضحي بنفسه لبدء عهد جديد لأبنائه, وهذا ما حدث بدماء شهداء التحرير لكتابة عهد وعصر جديد من الديموقراطية والحرية التي تضمن عصرا من الرخاء بعد استرجاع ثروات مصر المنهوبة.
وقال فضيلة الشيخ عماد بدران إمام وخطيب: الأديان جميعا تحرم قتل الإنسان لأخيه الإنسان ومشيرا إلي أن مصر دائما تقف بقوتها ضد أي عدوان بقوة مسلميها وأقباطها وتعاليم السلام والحب.
وأصدر المثقفون المصريون -مسيحيين ومسلمين- بيانا مشتركا أكدوا فيه أن ثورة الشباب المصري بثت روحا جديدة في نفوس المصريين وتجلي فيها نموذج رائع للوحدة الوطنية. وحافظت علي مصر عندما غاب رجال الشرطة.