وتشير الإحصائيات إلي أن الإصابة بأمراص الكبد تصل إلي 17 مليون شخص تحتل بهم مصر المرتبة الأولي عالميا,أما الفشل الكلوي فيضم سنويا 10 آلاف شخص جديد إلي ملايين المصابين بهذا المرض حيث يوجد 250 حالة لكل مليون مواطن…وتعالت الأصوات بتشديد الرقابة علي الغذاء.
مؤخرا كشف تقرير للمجلس القومي للإنتاج والشئون الاقتصادية عن بعض المؤشرات التي تمثل خطورة علي الغذاء في مصر وأهمها ظهور أمراض بكتيرية وفيروسية وطفيلية مزمنة وحادة.
وحذر التقرير من التأثير السلبي لتلوث الغذاء علي صناعة السياحة وقلة أعداد السائحين الذين يزورون مصر رغم أنها أغني الدول في الآثار والمعالم السياحية.
ومن أهم مشكلات ظاهرة التلوث أن معظم فنادق ومطاعم الدرجة الأولي تستورد بعض لحومها من الخارج,وتحذر بعض السفارات الأجنبية رعاياها من تلوث الغذاء في مصر.
وأكد التقرير الذي جاء تحت عنوان سلامة الغذاء ذي الأصل الحيواني أن الحيوانات تذبح في مجازر تنقصها الاشتراطات الصحية الأولية,ويوجد في مصر حوالي 427 مجزرا منها 9 مجازر آلية,وبقية المجازر تعتبر بؤرا للتلوث ويفتقر معظمها للصرف الصحي,وتذبح الحيوانات علي الأرض الملوثة غالبا بالروث مما يؤدي إلي تلوث اللحوم.
وأثبتت الأبحاث العلمية أن متوسط عدد الميكروبات بعد السلخ يصل إلي 216ميكروبا في سنتيمتر واحد من سطح الذبيحة.
ويتم ذبح نسبة30% من الحيوانات خارج المجازر ليهرب أصحابها من الكشف الطبي والرقابة الصحية.
وبالنسبة لمنتجات اللحوم تثبت الدراسات التي أجريت علي بعض العينات أن عدد الميكروبات في الجرام الواحد 7 ملايين في البيف برجر و50 مليونا في الكفتة ومليون في اللانشون.
وأثبتت نتائج فحص الهامبورجر عزل ميكروبات الاشيريشيا كولاي بنسبة 30% من العينات, السالمونيلا 5%, الميكروب العنقودي الذهبي 20%.
وفي دراسة أعدها د.مجدي توفيق المشرف علي مشروع المخلفات الصلبة لمياه الصرف الصحي بالجمعية المصرية لتنمية الثروة السمكية, أثبت أنه بعد فصل المعلقات الصلبة من مياه الصرف الصحي, اتضح وجود فلزات ثقيلة مثل الزئبق والرصاص والزنك التي تترسب في الجسم والجهاز العصبي مما يسبب الشيخوخة المبكرة وانخفاضا في العمليات الحيوية بجسم الإنسان.
وكشف الباحث أنه ثبت من الدراسات الطبية حول هذه الملوثات العضوية والكيميائية بمياه الصرف الصحي أنها تسبب الإصابة بالأورام, والفشل الكبدي والكلوي للأفراد نتيجة تناول الأسماك التي يتم اصطيادها من المجاري المائية الملوثة وتناول الخضراوات والفواكه المسمدة بها.
وأوضح د. توفيق أن المزروعات الدرنية التي تدفن في الأرض مثل البطاطس والجزر والبطاطا هي الأكثر عرضة لانتقال المعادن السامة والسموم الصناعية العضوية إلي سطح التربة, وأن الأوراق النباتية مثل الخس والكرنب والسبانخ, والجرجير, والكثير من المحاصيل تعمل كوعاء يجمع ويركز المعادن السامة والهيدروكربونات شديدة السمية عندما تتم الزراعة في تربة مسمدة بأوحال مياه المجاري. وأضاف أنه في بعض الحالات تتلوث الأجزاء المورقة للنباتات بالملوثات العضوية بطريقة بسيطة, وذلك عن طريق تبخرها من الأوحال نتيجة انحلال المركبات العضوية تحت الظروف الطبيعية البسيطة.
وأشارت الدراسة إلي أن استخدام مياه المجاري في التسميد يمكن أن يزيد من مستويات الدايوكسين في الإنسان بدخوله من خلال لحوم الحيوانات أو منتجاتها, مما دفع المنظمات البيئية إلي تدعيم الدعوة لوقف استخدام مياه المجاري .
وحذرت الدراسة من وجود خطر حقيقي علي صحة المزارعين وأطفالهم الذين يستخدمون مياه الصرف الصحي في تسميد زراعاتهم, حيث ثبت أن ثلثي أوحال المجاري تحتوي علي مادة إسبستوس الخطيرة, إضافة إلي وجود علاقة وطيدة بين زيادة حالات الإصابة بالربو وتعرض الإنسان للأوحال الجافة نتيجة تصاعد المركبات الحيوية الطيارة للمواد المتحللة. وبينت الدراسة أن الخطر امتد ليشمل الكائنات الأخري, حيث باتت الأغنام التي تأكل الكرنب الذي ينمو علي الأوحال, تعاني من انحلال في قدرات الكبد الوظيفية والغدة الدرقية, علاوة علي ارتفاع مستوي الكادميوم في أنسجة الجسم, أما بالنسبة للثدييات الصغيرة كالأرانب والقوارض التي تعيش في الأراضي البكر المسمدة بالأوحال, فترتفع في أجسامها تركيزات العناصر الثقيلة وتحتفظ بهذه السموم في أجسامها.
يقول الدكتور فوزي الشبكي أستاذ التغذية بالمركز القومي للبحوث إنه معروف أن المبيدات لها أنواع مختلفة فهناك مبيدات كلورنية وتوجد بقايا D.D.Tفوسفاتية في هذه المبيدات التي لا تخرج من الجسم وتظل فترة طويلة وتسبب أضرارا في غاية الخطورة حيث إنه ثبت من خلال الأبحاث أن هذا المبيد يبقي لمدة 20سنة لذلك يجب وقف استيراد جميع أنواع المبيدات الكلورنية لأنها تسبب شللا في توصيل الموصلات العصبية من المركز الرئيسي للمخ للأطراف وبالتالي أي شخص يتناول أطعمة ملوثة بمبيدات كلورنية يصاب بما يسمي التثبيط للإرشادات العصبية وذلك إذا كانت نسبة المبيد الكلورني عالية في الأطعمة,أما إذا كانت نسبته بسيطة فيصاب الإنسان بالإسهال والقئ ودوخة واصفرار الوجه. وهذه ظواهر مألوفة لحالات التسمم بالمبيدات.
ويضيف الدكتور فوزي الشوبكي أن هناك تأثيرات مزمنة للمبيدات فعندما يتناول الإنسان طعاما ملوثا بالمبيدات لفترات طويلة فإن ذلك يؤثر علي وظائف الكلي وبالتالي تختل ويحدث الفشل الكلوي نتيجة استخدام مبيدات غير مطابقة للمواصفات ودائما منظمة الصحة العالمية تحدد المستويات المسموح بها من المبيدات وذلك كل 3 سنوات…وهناك توصيات تصدرها وزارة الزراعة للمنتجين مثل عدم التجاوز في تعفير أو رش البطاطس أثناء عملية التخزين,وهذا يحتاج إلي الاهتمام بالإرشاد الزراعي وتوطيد الصلة بين الفلاح والإرشاد الزراعي .
ويضيف أنه لابد من وجود فترة زمنية بين رش المحصول وجمع الثمار وتسمي فترة الأمان وهي لا تقل عن 15 يوما,ويجب علي وزارة الزراعة زيادة المراقبة وأخذ عينات من الحقول لمتابعة مستويات الملوثات وهل هي مسموح بها أم لا؟ ومتابعة ما يطرح في الأسواق هل يحتوي علي مبيد أم لا؟.
يقول كرم صابر المدير التنفيذي لمركز الأرض لحقوق الإنسان إن نسبة 80% من الإنتاج الغذائي بمصر إنتاج عشوائي لا يلتزم بالمواصفات القياسية علي الرغم من وجود 17 جهة رقابية علي الأغذية,ولكثرة هذه الجهات يظهر العديد من التضارب والازدواجية في بعض أنشطة هذه الجهات.
وقال إن العديد من السياسات الزراعية المتبعة حاليا يمكن أن تؤدي لكوارث صحية مثل استخدام بعض التقاوي التي يتم عليها تعديلات وراثية وهذه التقاوي المعدلة جينيا قد تؤدي لأضرار ومخاطر لا يمكن علاجها لذلك فقد تقلص استخدامها بشكل كبير في معظم دول العالم,ومازلنا في مصر نستخدم هذه البذور بالغة الخطورة.
ويشير كرم إلي قضية المبيدات مؤكدا أنه لا يوجد مبيد آمن وآخر غير آمن فكل المبيدات المستخدمة في الزراعة عبارة عن سموم ومواد ضارة وإذا كانت هذه المبيدات محظور تداولها أو مغشوشة أو منتهية الصلاحية وهو الأمر الذي تموج به السوق حاليا يصبح الموقف في غاية الخطورة لأن هذه المبيدات تعد سببا رئيسيا في الإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة وعلي رأسها الفشل الكلوي والكبد الوبائي والسرطان بالاضافة إلي التأثير المباشر لهذه المبيدات علي المياه وبالتالي الثروة السمكية.
ويضيف أن الزراعة في مصر للأسف تعتمد بشكل أساسي علي كافة أنواع الملوثات التي تستخدم في انتاج المحاصيل الزراعية,وطالب بضرورة وضع خطط وسياسات زراعية جديدة للوصول إلي زراعة نظيفة.