تكلمنا في المرة السابقة أولا: ما معني القداسة؟
ثانيا: ما أهمية القداسة
ثالثا: كيف يتم تقديسنا؟
يتم من خلال سر الميرون المقدس, وهو السر المكمل للمعمودية المسيحية, المعمودية تغسل, والميرون يخصص ويختم ويقدس.
وهذا ثابت من الكتاب المقدس, حين كان الآباء الرسل يعمدون من يؤمن بالمسيح, ثم يضعون الأيادي عليه, فيقبل عطية الروح القدس, بحسب قول معلمنا بطرس يوم الخمسين لمن حضروا هذا اليوم المجيد, واستمعوا إلي الألسنة العجيبة, ثم عظة معلمنا بطرس التي وبخ فيها اليهود لصلبهم للرب: فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم, وقالوا لبطرس ولسائر الرسل: ماذا نصنع أيها الرجال الإخوة؟. فقال لهم بطرس: توبوا وليعتمد كل واحد منكم علي اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا, فتقبلوا عطية الروح القدس. لأن الموعد هو لكم ولأولادكم ولكل الذين علي بعد, كل من يدعوه الرب إلهنا (أع2:37-39).
وفي هذه الآيات يرسم لنا معلمنا بطرس -بالروح القدس- طريق الخلاص:
1- التوبة: أي ترك أرض وحياة الخطية.
2- المعمودية: للاغتسال والغفران والتطهير من الخطية الجدية والخطايا الفعلية, والتجديد الروحي الميلاد الثاني.
3- عطية الروح القدس: وكانت تعطي بوضع أيدي الآباء الرسل, فلما تكاثر المؤمنون صارت تعطي -من خلال الآباء الكهنة- بالمسحة المقدسة, مسحة الميرون.
رابعا: ضرورة عطية الروح القدس
تظهر ضرورة عطية الروح القدس من خلال ما حدث في سفر الأعمال:
أ- حينما كان أبلوس الإسكندري يكرز بالرب, ولكن بمعمودية يوحنا المعمدان, فلما سمعه أكيلا وبريسكلا أخذاه إليهما, وشرحا له طريق الرب بأكثر تدقيق (أع18:26), أي عرفاه بالمعمودية المسيحية.
ب- وحينما وجد الرسول بولس تلاميذ في أفسس سألهم: هل قبلتم الروح القدس لما أمنتم؟. قالوا له: ولا سمعنا أنه يوجد الروح القدس. فقال لهم فبماذا اعتمدتم؟. فقالوا بمعمودية يوحنا. فقال بولس: إن يوحنا عمد بمعمودية التوبة قائلا للشعب أن يؤمنوا بالذي يأتي بعده, أي بالمسيح يسوع. فلما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع. ولما وضع بولس يديه عليهم حل الروح القدس عليهم فطفقوا يتكلمون ويتنبأون (أع19:2-6).
ج- ولما سمع الرسل الذين في أورشليم أن السامرة قد قبلت كلمة الله أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا, اللذين لما نزلا صليا لأجلهم لكي يقبلوا الروح القدس, لأنه لم يكن قد حل بعد علي أحد منهم, غير أنهم كانوا معتمدين باسم الرب يسوع, حينئذ وضعا الأيادي عليهم فقبلوا الروح القدس (أع8:14-17).
د- وفي حالة كرنيليوس, ولأنه كان من الأمم, سمح الله أن يحل الروح عليه وعلي من معه, حتي يوافق معلمنا بطرس أن يعمدهم علي اسم السيد المسيح قائلا: أري يستطيع أحد أن يمنع الماء حتي لا يعتمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن أيضا؟ (أع10:47). قال هذا بعد أن اندهش المؤمنون الذين من أهل الختان, كل من جاء مع بطرس, لأن موهبة الروح القدس قد انسكبت علي الأمم أيضا. لأنهم كانوا يسمعونهم بتكلمون بألسنة ويعظمون الله (أع10:45-46).
وحينما عاد معلمنا بطرس إلي أورشليم خاصمه بعض من اليهود -الذين كانوا قد آمنوا بالمسيح- كيف يعمد الأمم معمودية مسيحية؟ فشرح لهم قصة كرنيليون, والملاءة المدلاة, والملاك المرشد, وحلول الروح علي الأمم, مما جعله يعمدهم معمودية مسيحية, فلما سمعوا ذلك سكتوا, وكانوا يمجدون الله قائلين: إذا أعطي الله الأمم أيضا التوبة للحياة (أع11:18)..