تكلمنا في المرات السابقة عن أولا: ما معني القداسة؟
ثانيا: ما أهمية القداسة؟
ثالثا: كيف يتم تقديسنا؟
رابعا: ضرورة عطية الروح القدس
خامسا: المسحة المقدسة
سادسا: تلازم المعمودية والميرون
منذ البدء كان الميرون لاحقا للمعمودية ومتلازما معها, وهذا ثابت من الكتاب المقدس, ومن تاريخ الكنيسة, ومن أقوال الآباء. لهذا لا نقبل فكرة تأجيل الميرون إلي سن متأخرة, علي أساس أن ننتظر حتي يفهم قابل السر معني السر, ومنطوق الإيمان المسيحي.
أما نحن فنقول: إذا كنا نعطي سر المعمودية للطفل, علي إيمان والديه, فلماذا لا يأخذ سر الميرون؟ لماذا أحرمه من سكني الروح القدس فيه, بعد أن تجددت طبيعته بالمعمودية؟ وهل كان الطفل يفهم معني المعمودية حينما عمدناه؟!
نحن نعطي الأسرار للطفل بناء علي إيمان والديه, ونسلمه للإشبين ليعلمه أساسيات الإيمان والحياة المسيحية, فتكون له بذلك فرصة التناول من جسد الرب ودمه الأقدسين. لماذا أحرم الطفل من عطايا الميرون والتناول, مع أنني أعطيته تجديد المعمودية؟!
سابعا: أعداء القداسة
إن أعداء القداسة في حياة الإنسان ثلاثة:
1- الجسد.2- العالم.3- الشيطان.
* الجسد: لأنه ##يشتهي ضد الروح## (غل5:17). لذا يوصينا الرسول بولس: ##أقمع جسدي وأستعبده, حتي بعد ما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضا## (1كو9:27). ونشكر الله الذي وعدنا قائلا: ##إن كان المسيح فيكم, فالجسد ميت بسبب الخطية## (رو8:10)… أي أن سكن المسيح في داخلنا, يضبط الجسد وتقدسه ##ولكن الجسد ليس للزنا بل للرب, والرب للجسد## (1كو6:13).
* العالم: فهو الذي يحاربنا بقراراته وإغراءاته المتنوعة, وشهواته المختلفة.. ولكن الرب وعدنا قائلا: ##أنا قد غلبت العالم## (يو16:33). والرسول يعلمنا: ##هذه هي الغلبة التي تغلب العالم: إيماننا## (1يو5:4). والمسيحي يقول: ##قد صلب العالم لي وأنا للعالم## (غل6:14) أي أن هناك قطيعة متبادلة بين المؤمن وشهوات العالم, هو قد مات عنها, وهي صارت ميتة بالنسبة إليه.
* الشيطان: ##الذي كان يشتكي عليهم## (رؤ12:10), ويجول حولنا ##كأسد زائر, يجول ملتمسا من يبتلعه## (1بط5:8). لكن هيهات!! فالرب وعدنا علي لسان رسوله: ##إله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعا## (رو16:20), ومعلمنا يعقوب ينصحنا قائلا: ##قاوموا إبليس فيهرب منكم## (يع4:7).
من هنا تكون الحياة في المسيح, أو حياة المسيح فينا, هي طريق النعمة علي كل أعداء القداسة… ووعد الرب صادق وأكيد: ##أنا الرب مقدسكم## (لا21:8).
ثامنا: طريق القداسة
يتلخص طريق القداسة فيما يلي:
1- الشبع الروحي المستمر: بوسائط النعمة, ##النفس الشبعانة تدوس العسل## (أم27:7). فالصلاة وكلمة الله والقراءات والاجتماعات الروحية والتناول والأصوام والتسبيح والخدمة, كلها وسائط مشبعة لأرواحنا, فلا تجوع إلي عسل الخطية المسموم!!
2- الجهاد الروحي المستمر: أي مقاومة الخطية من خلال التحفظ المستمر في أمرين: الحواس والعلاقات. فالحواس هي منافذ الخطية, والإنسان المؤمن يقول مع المرنم: ##الرب يحفظ مغاليق أبوابك ويبارك بنيك فيك##, كما أن أولاد الله صارت لهم ##الحواس مدربة علي التمييز بين الخير والشر##, كما أن المؤمن يتحفظ في علاقاته وصداقاته واجتماعياته, حتي لا يجعل نفسه لقمة سائغة لإيحاءات العدو, من خلال أصدقاء السوء لأن ##المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة## (1كو15:33). ##ورفيق الجهال يضر## (أم13:20).
3- الاعتراف الأمين والفعال: ففي الاعتراف نأخذ حلا عن الخطايا وحلا للمشكلات, وإرشادات روحية بناءة تسندنا في جهادنا, وتعرفنا علي مزالق الطريق, وحيل العدو, وأساليب التعامل السليم في مواقف الحياة المختلفة. كما أن الاعتراف يريح النفس, وينير الطريق, ويضبط المسار اليومي.
4- روح الرجاء المستمر: فالإنسان المسيحي يجاهد بلا كلل, ولا يحس بالفشل مهما تكرر سقوطه في الخطية, فهو يعرف ##أن الله لم يعطنا روح الفشل, بل روح القوة والمحبة والنصح## (2تي1:7). وهو لذلك يعرف طريق العودة السريع إلي حضن المسيح, كما أنه لا ييأس, فهو – بنعمة الله – لا ينزل إلي نقطة الصفر, وحتي إذا نزل لا يستمر فيها, بل ينتفض قائما, فيحمله الرب إلي نعم ونجاحات وانتصارات, بقوة عمل الله وأمانة الإنسان.
فليعطنا الرب أن نشبع ونجاهد, وننتظم في الاعتراف, ونحيا في روح الرجاء, في مسيحنا المحبوب والمحب, له كل المجد.