ترتب علي مشكلة الزيادة السكانية ونقص الوحدات السكنية والخدمات اللازمة للمواطنين اتجاه عدد كبير من السكان إلي المقابر والمعيشة بها رغم عدم توفر أية خدمات تحفظ للإنسان آدميته وبرغم ظروف المعيشة القاسية لسكانها من تزايد معدلات العنف والجريمة إلا أن الحياة في المقابر أصبحت مستقرة .
حول ظروف المعيشة لسكان القبور وتحذير المسئولين من خطورة الموقف والأمور المترتبة عليه اجتماعيا وثقافيا.أجرت وطنيهذا التحقيق:
أزمة سكان القبور
أشار المهندس فتحي إسماعيل مسئول التخطيط بمحافظة القاهرة إلي أن هناك خطة يتم إعدادها منذ عام 2004 من أجل نقل سكان القبور إلي إحدي المدن الجديدة وتقديم كافة الخدمات اللازمة لهم وبالفعل تم البدء في هذه الخطة منذ نهاية عام 2006 وستنفذ علي ثلاث مراحل لنقل كافة سكان القبور إلي مدينة جديدة بالقرب من القاهرة الجديدة وتم رصد أكثر من 12 مليون جنيه لتوفير كافة الخدمات والمرافق والوحدات السكنية المناسبة للسكان.
قال اللواء هاشم بشير رئيس حي منشية ناصر إن ظاهرة سكان القبور إحدي النتائج السلبية للزيادة السكانية فهناك أكثر من 20 ألف أسرة تقطن المقابر وعلي الرغم من محاولة الحي إعداد دراسات عديدة من أجل تحويل تلك المنطقة إلا أن هذه المشروعات في حاجة إلي تمويل كبير لايتوفر.
إنقاذ ما يمكن انقاذه
طالب المهندس صلاح رمضان رئيس حي مصر الجديدة بتوفير فرص عمل للشباب والأطفال وتكثيف الحملات الأمنية علي تلك المناطق وأكد أنه يعمل علي توفير أماكن بديلة لهم في مدينة 15 مايوحوالي 907 وحدات سكنيةوتم نقل جزء كبير من سكان القبور لها لتكون هذه المرحلة الثانية من مشروع نقل سكان القبور والتي ستنتهي خلال عام 2009 لنقل سكان مقابر باب الوزير وعين الصيرة والتي ستنتهي المرحلة الأخيرة منها خلال 15 عاما قادمة.
جرائم
من جهة أخري قال الدكتور غريب عبد السميع أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان إن أسوأ ما يصيب سكان القبور هو الشعور بالعجز أمام عدم تمتعهم بمستوي معيشي إنساني فالواقع بالنسبة لهم مرير جدا نتيجة لعدم وجود مرافق أو خدمات أو عمل.
بينما أكدت الدكتورة نجوي عبد الحميد. الأستاذة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن هناك الآلاف من السكان الذين يقطنون في المقابر حيث تشير الدراسات إلي تواجد نصف مليون طفل ضمن سكان المقابر وبالتالي مستقبل هؤلاء غامض ولا أحد يعلم بحجم السلبيات والمخاطر التي تنجم عن وجود مجتمع يعاني الكثير من المشاكل ولايجد رعاية كما أن ارتفاع نسبة الأمية بين السكان ساهم في زيادة معدلات العنف والجرائم.
أبرزت الدكتورة زينب شاهين أستاذة علم الاجتماع بجامعة القاهرة وجود نسبة كبيرة من المطلقات والأرامل تقطنن المقابر ولايقتصر الأمر علي الجهل فقط ولكن لانتهاك حرمه الموتي واستخراج الجثث من قبورها.
مقابر الإمام الشافعي
قال سيد محمد سمسار مقابر بمنطقة الإمام الشافعي إن ظاهرة السكان في القبور ظاهرة قديمة وترجع إلي الثلاثينيات حيث سكن الوافدون من الصعيد والأرياف بها أثناء بحثهم عن عمل نتيجة لظروفهم الاقتصادية الصعبة وأسعار المقابر يتحكم فيها المعلم أو العائلة المسئولة عن كل منطقة ويتراوح سعر إيجار الحوش ما بين 70 جنيها للمقبرة الصغيرة أو المتهالكة إلي 300 جنيه للمقبرة الكبيرة شهريا أما عن أسعار البيع فتصل إلي 100 ألف جنيه ويرجع ارتفاع السعر إلي أعمال الرخام والديكور وعدد الغرف وفخامة الفرش داخل المقبرة كما تحولت عدة مقابر إلي محلات لبيع السلع الرخيصة فالمبيعات لاتخضع لأي نوع من الضرائب وتقدم منتجات مستعملة للفقراء بالقبور بجانب تحويل بعض المقابر إلي مقاه لتقديم المشروبات لعمال بناء المقابر أو لأقارب المتوفي أثناء زيارتهم.
اتفق كل من زمزم محمد الساود-ربة منزل ومحمد زكي – مطبعجي والعديد من المواطنين الآخرين المقيمون بمقابر الإمام الشافعي علي أن العديد منهم من سكان الريف المصري انتقلوا إلي القاهرة للعمل ونتيجة لضيق الحال كان مصيرهم في المقابر وقالوا منذ عامين ونحن نسمع عن إمكانية شراء شقة من حي السيدة زينب وفي المحافظة أكدوا لنا أن الأمر غير صحيح ولاتوجد شقق بالسيدة زينب وأنها ليست أكثر من عملية نصب لذا نحتمل بعضنا البعض في كل حوش حيث يضم الحوش ما بين 3-6 عائلات كاملة ونعاني هنا من نقص المياه والكهرباء بجانب وجود العديد من الزواحف والحشرات السامة التي تهدد حياتنا في ظل غياب الخدمات الطبية كما طلبنا من وزارة الأوقاف ترميم الأحواش لنا ولم نسمع إلي الآن أي رد منها ونحن نعيش الآن في خوف من سقوط المأوي الوحيد لنا.
مقابر السيدة عائشة وعرب كفر العلو
قالت صابرين عبد الهادي ربة منزل إن سكان مقابر عرب كفر العلو بحلوان يحتاجون لنظافة المكان حيث تحولت المقابر بالمنطقة إلي تجمع للقمامة يتم حرقها طوال النهار مما يؤدي إلي الاختناق وقد تم إبلاغ البلدية عن ذلك ولكن دون جدوي.
أوضح طارق رشاد بيومي من سكان مقابر السيدة عائشة أن النساء هنا لا يستطيعن مغادرة المكان بعد المغرب نظرا لتجمع تجار المخدرات وتعدد حوادث التحرش والاغتصاب بجانب افتقاد المنطقة للتعليم والمستشفيات.
نقل المقابر القديمة
قال ربيع سعد مساعد تربيبمقابر الليثي الموجودة بمنطقة عين الصيرة إن المنطقة تطورت عما كانت عليه من قبل وقال آن الأوان لنقل هذه المقابر إلي أماكن أخري لأن وضعيتها أصبحت سيئة جدا نتيجة للرطوبة والمياه الجوفية المتسربة التي تسببت في سقوط العديد منها خاصة بعد زلزال 1992 وترجع أسباب المياه المتسربة في المقابر إلي تهالك مواسير الصرف الصحي والمياه التي بدأت تغزو المقابر منذ 15 سنة وحتي الآن لم يتحرك أحد من المسئولين.
أضاف نبيل الطحاوي مساعد تربي أن مصدر المياه الرئيسي بالمنطقة يرجع إلي بحيرة عين الصيرة التي كانت مصب لمياه النيل حتي وقت قريب والقريبة من مقابر الليثي والخيالة ونتيجة لهذا فارتفاع منسوب المياه الجوفية كبير جدا مما أدي لتآكل جدران المقابر وانهيار البعض منها.