يعلن كل يوم عن الموافقة علي تشكيل أحزاب جديدة تطرح رؤي سياسية وفكرية جديدة وتقوم بتنظيم مؤتمرات جماهيرية وتحالفات تصدر بيانات وتصريحات في وسائل الإعلام للانتشار في الساحة الساسية ومحاولة الوصول إلي رجل الشارع لكن المحاولة لا تزال ضعيفة والسؤال: هل يرجع ذلك إلي أن هذه الأحزاب السياسية الآن ليس لديها قدرة علي التواصل مع الشارع والمواطن البسيط, أم لعدم إحساس المواطنين بتأثير الأحزاب وتحقيقها لمصالحهم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وإن كان هناك بعض الأحزاب لديها رصيد في الشارع ولديها القدرة علي مخاطبة المواطن المصري والتغلف بين الناس مثل الأحزاب الدينية الإسلامية علي عكس الأحزاب المدنية التي أغلب خطابها موجه للنخبة..
ضحايا النظام السابق
يقول السعيد كامل أمين عام حزب الجبهة الديموقراطية: الوصول إلي الشارع نلجأ إلي التحالفات لتوحيد القوي المدنية والاستفادة من إمكانات البعض لأن المشكلة الأساسية لدينا هي التمويل نظرا لإمكاناتنا المحدودة للغاية والتي هي عبارة عن اشتراكات الأعضاء, لذا نشكل تحالفا مع بعض الأحزاب لنستعين بإمكاناتها ومقراتها للانتشار ومحاولة استقطاب رجال الأعمال للتمويل حتي نستطيع توصيل أفكارنا ومبادئنا للمواطن.
ولكننا نواجه مشكلة أيضا في المواطن الذي ليس لديه ثقافة العمل التطوعي السياسي بعيدا عن اللجوء إلي الأفكار الأخري من دين ومعتقد والدعوي والجهاد والانتماء, فنحن نشتغل بالسياسة والمواطن العادي عندما يعمل بالسياسة يبحث عن مصالحه الشخصية وعندما لا يجد مصلحته يعزف عن المشاركة السياسية, ولا يجوز استخدام منابر المسجد للحديث عن السياسة خاصة أن هذه المنابر الموجودة مغلقة أمام الأحزاب والنقابات ولا توجد منابر بالشركات أو اتحادات طلبة مما أدي إلي ضعف الأحزاب في الشارع, والحل يكمن في زيادة وعي المواطن بشكل عام بأهمية المشاركة السياسية والسعي للانضمام إلي الأحزاب.
نصف مليون جنيه لكل حزب
يقول حسين عبدالرازق عضو المكتب السياسي لحزب التجمع: التجمع أو الوفد من الأحزاب الموجودة علي الساحة السياسية منذ فترة طويلة بمقراتها وكوادرها في كل المحافظات وسبق أن خاضت الانتخابات النيابية والمجالس المحلية عدة مرات والعديد من كوادرها كونوا جمعيات أهلية. لكن المشكلة تكمن لدي الأحزاب الجديدة لأنها لم تتح لها الفرصة لتكوين فروعها ومقراتها في المحافظات والمدن والقري.
يضيف عبدالرازق: المشكلة الحقيقية في النظام الانتخابي الذي فرضه المجلس العسكري والحكومة الحالية والذي يدمج بين الفردي والقائمة, حيث نجد النظام الفردي لا يعتمد علي الأحزاب أو برامجها السياسية بل يعتمد علي الروابط التقليدية من قبلية والإمكانات المادية, بالتالي نصف مقاعد المجالس مسبقا ستكون مخصصة للأثرياء ومن له روابط أسرية كبيرة ومن تبقي من الحزب الوطني المنحل أو المنتمين للتيار الإسلامي من الأثرياء.
أما نظام القائمة فمشكلته مادية من ضرورة انتخاب 252 علي القوائم وعلي كل فرد ألفين جنيه رسوم, أي المطلوب من كل حزب يريد الفوز بمقاعد القوائم أن يملك أكثر من نصف مليون جنيه لذا سيتم إعادة إنتاج برلمانات ما قبل الثورة ولذلك ترفض الأحزاب والائتلافات والحركات السياسية هذا القانون.
دور مزدوج الأحزاب الجديدة
يقول الدكتور محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي: ظلت المناطق الشعبية تعاني من عدم الاهتمام بالتوعية السياسية السليمة فكان اهتمام الناخب بها يقتصر علي المساعدات المادية دون الاهتمام ببرنامج المرشح أو فكره مما منع مشكلة أمام الأحزاب التي تعتمد علي الثقيف السياسي دون إشباع الاحتياج المادي, لذا قام الحزب بمحاولة لعب الدورين وقمنا بعمل قوافل طبية لعلاج غير القادرين وتوزيع الأدوية المجانية ومحو أمية غير المتعلمين, ونحاول جاهدين مع أننا نحتاج إلي وقت طويل ليكون لنا دور واضح في الشارع مع الأخذ في الاعتبار أن عمر الحزب هو ثلاثة أشهر فقط.
حملات توعية وخدمية
ويؤكد المهندس محمد عيد المتحدث الرسمي لحزب المصريين الأحرار: الحزب له دور فعال في الوصول إلي المناطق الشعبية والعشوائيات من خلال توفير مقرات للتواصل مع الناس. كما يقوم الحزب في الفترة الحالية بحملات توعية سياسية مع الاهتمام بالجانب الخدمي من تنمية بشرية وتعليم كمبيوتر ولغة وتدريب الشباب علي الوظائف التي يحتاجها سوق العمل ومساعدتهم في إيجاد فرص عمل مع الاهتمام بتغيير فكر الناخب من دور المتلقي المادي فقط.
تغيير الخطاب وصدق الوعود
يري الدكتور سامر سليمان أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية من الصعب أن نغير ما تعودت عليه الأغلبية من الشعب من غير القادرين والذي يشكلون 60% ممن يعانون الفقر والبطالة والمرض, فما يحدث قبل الانتخابات هو توزيع للأموال والمساعدات العينية, لذا علي الأحزاب أن تحرص علي تقديم الدور الخدمي, بالإضافة إلي الدور التثقيفي السياسي والعمل علي تغيير بعض الخطاب التثقيفي مع الصدق في الوعود فبدلا من عمل قافلة طبية نقوم بتوعيتهم ووعدهم بخدمة صحية أفضل في المستشفيات من خلال انتخاب مرشح أو حزب معين والاهتمام بالعمال وأوضاعهم.