شهدت محافظة أسوان فعاليات المؤتمر الخامس عن المسيحية والرهبنة في مصر…وخصصت الندوة العلمية الدولية هذا المؤتمر عن تاريخ منطقة أسوان والنوبة الأثرية,تحت رعاية قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بدير الأنبا هدرا بأسوان الأسبوع الماضي.
حضر المؤتمر اللواء مصطفي السيد محافظ أسوان, والأنبا هدرا مطران أسوان, والأنبا سرابيوم, واللواء ناجي الحص مساعد وزير الداخلية ومدير أمن أسوان, واللواء عبد الجواد النجار مفتش مباحث أمن الدولة بأسوان, والأنبا بيمن, والأنبا مارتيروس, والشيخ محمد عبد العزيز مندوب وكيل وزارة الأوقاف…ونظمته مؤسسة القديس مرقس لدراسات التاريخ القبطي برئاسة الدكتور فوزي أسطفانوس وباستضافة الأنبا هدرا مطران أسوان ودير الأنبا باخوميوس بإدفو.
بانوراما افتتاح المؤتمر
جاء المؤتمر لتوثيق التراث القبطي ونشره عالميا وتعريف المصريين والأجانب بتراث الأجداد الأقباط وحضارتهم,حيث إن الحضارة القبطية تمثل حقبة مهمة من تاريخ الأمة بأكملها,تابعتوطني فعاليات الاحتفال الذي بدأ بالسلام الجمهوري وعرض لبانوراما كبيرة عن تاريخ مصر بداية من الملك مينا موحد القطرين وإلي هذا الوقت…وذلك في شكل تمثيلية لمجموعة من الشباب يرتدون ملابس الفرعون القديم,وبهذا الزي والموسيقي المستوحاة من التراث كان احتفال لبانوراما جميل,جذب أنظار جميع الضيوف ورواد المؤتمر والزائرين.
رحب الأنبا هدرا مطران أسوان بالمحافظ والأساقفة وشيوخ الأزهر وتمني للحضور مؤتمرا ناجحا ورحب بالدكتور فوزي إسطفانوس وأعطاه الكلمة, والذي أشاد بالتجهيزات التي أعدت بالدير وإعداد 40حجرة للإقامة وتشطيب هذه الأماكن خلال72ساعة فقط,وأشاد بهذا العمل الإعجازي وبمن أعد برنامج بانوراما الافتتاح.
رحب اللواء مصطفي السيد محافظ أسوان بالعلماء ورواد المؤتمر, وقال إن من يؤرخ لدور الكنيسة يجد في أسوان بعدا تراثيا وفنيا رائعا,ومن يعيش في أرض مصر لا يعرف التفرقة لتظل العلاقة بالله بعيدة عن التعصب,ويعد الشعب المصري من أكثر الشعوب التي تتمسك بالدين,رغم من يلعب علي هذا الوتر من ضعاف النفوس.
وقام المحافظ بتسليم درع المحافظ للدكتور فوزي إسطفانوس إكراما واحتفالا به.
وتحدث الشيخ محمد عبد العزيز مندوب عن وكيل وزارة الأوقاف وقال:إن هناك صلة بين الرهبنة في المسيحية وبين الصوفية في الإسلام في عهد الرسول,والتي يتفرغ فيها الإنسان لعبادة الله عز وجل,هذه العلاقة بين الإسلام والمسيحية ترجمة واقعية رأيتها في كوارث السيول مؤخرا بأسوان حينما تسابقت الأسر المسيحية لإنقاذ إخوانهم من الأسر الإسلامية.
وعبر جون برونسكي الباحث في القبطيات عن سعادته بوجوده في هذا المحفل خاصة أن أسوان هي ملتقي مصر والنوبة.
من جانبه أوضح الأنبا سرابيوم أسقف لوس أنجلوس بكاليفورنيا الذي حضر خصيصا لهذا المؤتمر -أحد أبناء أسوان في الأصل- أن تاريخ المسيحية في أسوان والنوبة واقع وجزء من تاريخ الأمة,ومتحف النوبة يسجل هذا التاريخ,ويعد هذا المؤتمر إضافة كبيرة لما تقوم به كنيستنا في الاهتمام بالتراث القبطي.
أسوان….الماضي المجيد
التقت وطني مع الأنبا هدرا مطران أسوان ورئيس دير القديس الأنبا باخوميوس العامر بحاجر إدفو وقال:منظمو المؤتمر حرصوا علي التواجد وسط الحياة البسيطة للرهبنة,خاصة أن أسوان تتميز بثراء آثارها عبر العصور,وتشهد علي عظمة الآثار المصرية القديمة والبطلمية والرومانية المعابد والمقاصير والمقابر الممتدة من الشمال إلي الجنوب من الكام والكوم الأحمر وإدفو وجبل السلسلة وكوم أمبو وجزيرة أسوان,بالإضافة إلي معابد النوبة وكلابشة والسبوع والدر ومعبدي أبوسمبل…ومع اندثار الوثنية وانتشار المسيحية شيد المصريون الكنائس,كما قاموا بإضافة بعض عناصر الكنيسة إلي المعابد الوثنية كحضنيات الهياكل (الشرقيات) والمعموديات وزخرفتها بمناظر مستوحاة من الكتاب المقدس والقديسة العذراء والرسل لتتفق مع رسالة وشعائر وطقوس المسيحية.
كما حولت بعض المعابد القديمة إلي كنائس,غير أن الآثار القبطية تفتقر إلي الضخامة والشموخ والسبب في ذلك أنها لم تحظ في أي عصر من العصور برعاية الملوك والحكام, مما أدي إلي قلة موارد تمويلها,فالآثار القبطية التي تنفرد بانتسابها إلي الشعب وليس إلي الحكام هي أقل آثار مصر قدرة علي مقاومة تقلبات الزمن,ومن ثم فإن ترميم وتسجيل ودراسة ما تبقي منها واجب وطني نحو الحفاظ علي التراث المصري الغالي.
أضاف نيافته:التعريف بالتراث القبطي وإلقاء الضوء عليه يعتبر رسالة قومية تساهم في اعتزاز المصري بحضارته عبر العصور…والمؤتمر اهتم بالتراث وأعطي أهمية للمكان الذي شيد خصيصا من أجله,حيث أقيمت80 قلاية لإقامة الضيوف رواد المؤتمر شطب منهما 40قلاية,بالإضافة إلي القلايات التي تناسب الرهبان,حيث كانت أغلب الإنشاءات السابقة عشوائية وليس لها أساس وشققت وغير لائقة للإقامة,فتم التفكير في هذا الشكل المعماري والإنشاءات اللائقة وتم الانتهاء منها في ستة أشهر فقط والجهات الرسمية أعطت لنا التراخيص المطلوبة.
كما كان هذا المؤتمر فرصة في الحصول علي تراخيص توصيل الكهرباء إليه وتمهيد الطرق كان من قبل ذلك…ولا شك أن هذا الموتمر العالمي يعد نقلة كبيرة لتعمير دير الأنبا هدرا الجديد.
التاريخ…يتواصل مع القدماء
وفي حديث مع الأنبا بيمن أسقف نقادة وقوص قال: إن أسباب الحضور لهذا المؤتمر هو العشق لتاريخ الكنيسة والإحساس بأنه تاريخ متواصل منذ القدماء ونشره علي مستوي المتخصصين وعامة الشعب, ويعد مفخرة لنا جميعا,وأن ما قدم من أوراق بحثية عن الحياة المسيحية والرهبنة خاصة في أسوان والنوبة كشف الكثير من الحقائق التاريخية والروحية,وقد ظهرت العقيدة من خلال الأيقونات والرسومات الجدارية في الكنائس والمخطوطات,والتاريخ في هذه المنطقة يضرب بجذوره في أعماق التاريخ,ولم تكن المسيحية كيانات ضعيفة,بل كانت تجمعات مترابطة قوية لها كيانها استمرت لقرون طويلة, وهذا المجال التاريخي يحتاج إلي دراسات نجدها في مثل هذه المؤتمرات.
شواهد القبور…والفكر الديني
وقدم الأنبا مارتيروس أسقف عام شرق السكة الحديد دراسته التي تؤكد علي الشواهد المسيحية عبر التاريخ حيث قدم بحثه علي طبق نوبي في محاولة التعرف علي شخصية الملكجورج والمسجل اسمه علي هذا الطبق وعليه كتابات باللغة اليونانية والنوبية بالحفر,وموجود هذا الطبق حاليا بدير السيدة العذراء السريان بوادي النطرون,حيث جاء علي دائرة الطبق نص ليتورجي مشابه لنصوص الليتورجية القبطية(صلاة خاصة للراقدين),(صلاة التحليل للمعترف) وكتابة التواريخ بتقويم الشهداء الأقباط,فهذا يعكس ارتباط الكنيسة النوبية بالكنيسة القبطية.
كما يوجد نقش أعلي الكتابة داخل الطبق عبارة عن ثلاثة صلبان,وكتابات أخري علي الحافتين الداخلية والخارجية هي آيات من إنجيل معلمنا يوحنا ترجع إلي منتصف القرن الثامن….ويستنتج من ذلك أن النوبيين اعتادوا أن يسجلوا كتابات إنجيلية أو رموزا مسيحية علي أطباق من الحجر أو الرخام.
وأضاف الأنبا مارتيروس:أوشية صلاة الراقدين كانت تقرأ أمام المقابر ويضاء أثناءها سرجة منقوش عليها اسم المتوفي بما يعني أن صيغ شواهد القبور كانت تحمل الفكر الديني المسيحي وطبيعته.
واسم الملكجورج كان ينطقجورجي ومن المعلوم أن الملوك النوبيين ورجال الكنيسة كانوا يغيرون أسماءهم النوبية إلي أسماء يونانية أو قبطية اعتقادا منهم أن حياتهم الأولي تغيرت بالإيمان بالمسيح واختاروا أسماء مثل يوأنس وزكريا,وغيرها وهي أسماء يونانية أو قبطية.
الأبروشيات عبر العصور
وصرح لـوطني الدكتور فوزي إسطفانوس رئيس مؤسسة القديس مرقس لدراسات التاريخ القبطي وقال:بدأت فكرة تأسيس المؤسسة عند إنشاء كنيسة في كليفين في لاهاي بأمريكا واقترحت علي المهندس المتهم بتصوير الأديرة بمصر,وأعلن لي رغبته بضرورة دراسة هذا التاريخ في الأديرة أولا,وفي وجود الدكتور يونان لبيب رزق وإعجابه بهذه الفكرة كما تحمس لها الأديب جمال الغيطاني وفي زيارة مصر تقابل مع الدكتور وليم سليمان قلادة وسليمان نسيم ود.جودت جبرة حيث تم الاتفاق علي بدء عمل المؤسسة لدراسة التاريخ القبطي ورأسها د.جورت وهدي جرس وإليا ثروت باسيلي ومينا عبد الملك.
وأخد موافقة البابا شنودة الثالث وأخذ مقر المؤسسة بمعهد الدراسات العليا وقام المهندس فهيم واصف بالأعمال الإدارية ومساعده مايكل صبحي.
وأضاف د.فوزي: هذا المؤتمر هو الخامس للمؤسسة لدراسة التاريخ القبطي للأسقفيات المنتشرة في أرجاء البلاد علي مر العصور وتقديم الآثار القبطية الكائنة في كل أسقفية مدعمة بالمراجع والرسومات المعمارية والصور الفوتوغرافية لتكون سجلا ومرجعا للباحثين ولتعريف المواطن المصري ببعض من مظاهر التراث الحضاري القبطي.
ويهتم قداسة البابا شنودة اهتماما بالغا بهذه المؤتمرات ويهتم بترجمة هذه المؤتمرات إلي اللغة العربية لاهتمامه الأكثر أن يكون هناك محاضرات مستمرة في المركز الثقافي القبطي وتكون مقدمة من نفس الباحثين ومفتوحة لعامة الشعب.
ومؤسسة القديس مرقس منضم لها علماء أجانب حريصين علي التواصل الدائم ويحرصون علي حضور هذه المؤتمرات علي نفقتهم الخاصة…والمؤسسة بالمشاركة مع الدكتورة إليزابيس بولمن أستاذة التاريخ القبطي والآثار بجامعة فلاديلفيا بأمريكا وضعت دير الأنبا شنودة بسوهاج ضمن قائمة أهم100أثر في العالم منذ أربع سنوات,وهذا سهل الحصول علي فرصة لتعمير هذا الدير,وشارك المركز الثقافي الأمريكي بميزانية إعادة ترميم دير الأنبا بشاي والأنبا بيجول بأسيوط.
وعن حياة الأم إيريني بدير أبي سيفين بمصر القديمة تم الاتفاق علي كتابة تاريخ الراهبات في مصر والعالم,وتم فعلا نشر أول جزء من تاريخ الراهبات حتي الفتح العربي…واشتركت المؤسسة مع الجامعة الأمريكية في طبع كتب عن القداس الباسيلي يقدم معلومات عن الـ2000 سنة من التاريخ القبطي.
ومن محاسن الصدف والكلام للدكتور فوزي إسطفانوسيتفق امتداد إيبارشية أسوان تماما مع المنطقة الجغرافية في جنوب أسوان التي تمثل محافظة أسوان والإيبارشية الحالية كانت من إيبروشيات (أو أسقفيات) عديدة في العصور القديمة والوسطي مثل إدفو وكوم أمبو وأسوان وفيلة وعدد آخر في بلاد النوبة,وتاريخها مستمد من مصادر أثرية ومخطوطات وشواهد قبور…واهتم المؤتمر بكل هذه الدراسات وقدمها.
تابع الآثار القبطية
المسيحية في النوبة
وفي حديث مع الدكتور جودت جبرة أستاذ الدراسات القبطية بجامعة كليرمونت بكاليفورنيا ومدير المتحف القبطي بمصر سابقا – قال: الآثار القبطية موضع الاهتمام والمنتشرة في أرجاء مصر غنية وزاخرة بكثير من التفاصيل التي يحرص علي دراستها المتخصصون من الباحثين الأجانب والمصريين أيضا, واختيرت أسوان والنوبة لدراسة آثارها في هذا المؤتمر علي اعتبارها من البلاد الزاخرة بالأديرة والكنائس مثل التي في إدفو ودير الأنبا باخوميوس بحاجر إدفو ودير قبة الهواء ودير الأنبا هدرا بغرب أسوان وكنائس جزيرة فيلة وكنيسة عبد الله نرقي والتي لها تصميمات جدارية في متحف الحضارة النوبية بأسوان… وغيرها.
وعرض د.جودت في المؤتمر البحث المقدم من الدكتور سيجفرد ريشنر الأستاذ بألمانيا عن بدايات المسيحية في بلاد النوبة في القرن الخامس الميلادي والتي بدأت في فيلة في عهد الأنبا أثناسيوس الرسولي عام 365 ميلادية حيث توجد بعض دلائل لوجود رهبان بشروا بالمسيحية في النوبة, وأصبحت النوبة في القرن السادس كلها مسيحية. والمسيحية في النوبة لها وضع خاص باعتبارها الكنيسة الوحيدة التي لم يستول عليها العرب وظلت المسيحية مستقلة حتي القرن الرابع عشر وكان يوجد علاقات تجارية بين كنيسة النوبة ومصر في هذا العصر.
نصوص روحانية علي الصخور
من جهة أخري أشار الدكتور أشرف إسكندر أستاذ الآثار المصرية والقبطية بجامعة ليموج بفرنسا وخبير قضائي بمحاكم النقض, إلي أنه من واقع النصوص بالمقابر يظهر التدين الروحي, حيث وجدت علي الصخور نصوص روحانية تتحدث عن محبة الإنسان للإله فنجد مثلا نصوصا تقول أريد أن أري وجهك يا الله وأخري بارك عملي وأسرتي ونصوص تقول إنني صائم ومنقطع بعيدا أي متعبد ناسك في الصلاة لله, وهذه النصوص في النوبة نجدها في أوائل السبعينيات, فكانت هذه النصوص انطلاقة لمحاولة مشاهدة آثار أخري في عصر الدولة الفرعونية الحديثة حيث وجدت نصوص بالهيراطيقية بين الدير البحري والغربي بمدينة الأقصر وأماكن أخري, بل ووجدنا في التنقيب والبحث أن هناك مقصورة (زاوية) في بعض الحفائر للعمال والصناع وهي ركن للصلاة منذ هذا التاريخ.
أضاف د.أشرف أن مثل هذه المؤتمرات تعود بالاستفادة العلمية الغنية للعلماء بل وهناك استفادة سياحية, بل وهناك بعد اجتماعي يعرف فيه المصري أصوله وجذوره أنه لم يكن كافرا بل له جذور دينية روحانية تبحث عن الإله الحقيقي, ومن وجهة نظري أن ما وجدناه لا يقل في أهميته عن إنه شئ من النبوات… كما أن هناك بعدا سياسيا من وراء هذا المؤتمر إذ أن تواجد علماء من عدة دول مختلفة يعد تدعيما لموقف مصر العلمي والثقافي وسط العالم الحديث الآن…
التنشيط السياحي
واتفق في الرأي كل من الدكتورة شيرين صادق الجندي أستاذ الفنون والآثار القبطية بكلية آداب عين شمس قسم الإرشاد السياحي مع الدكتورة شذي جمال أستاذ مساعد كلية السياحة والفنادق وعضو الاتحاد العالمي لعلماء القبطيات… علي أهمية هذا المؤتمر العالمي لتنشيط السياحة في إلقاء الضوء علي مثل هذه المناطق التاريخية والقبطية بالمواقع الأثرية علي الصعيد العالمي باعتباره إنه جزء غير موجود في المناهج الدراسية بالجامعات المصرية.
ومثل هذه المؤتمرات العالمية تجذب السياحة الأجنبية لرؤية هذه الأماكن الأثرية القبطية في أنحاء مصر, بل وهناك تقارب لجنسيات مختلفة ووجهات النظر ما بين الشعب الواحد من القاهرة وأسوان والذي يؤدي إلي تبادل علمي وثقافي.
الآثار تحكي عن القديسين
وقال الدكتور يوحنا نسيم يوسف كبير باحثي مركز الدراسات المسيحية بالجامعة الكاثوليكية الاسترالية بجامعة ملبورن أن آثار القديسين في منطقة النوبة تعد من أهم الآثار المرتبطة بالمنطقة حيث لهم توقير واحترام لدورهم وللعقلية الجماعية لسكان النوبة, فمثلا الملاك ميخائيل دائما له مكانة سامية فاسمه مذكور عشرات المرات علي الآثار باعتباره يحمي الحدود الجنوبية والشمالية للنوبة.
ونجد القديس ساويرس الأنطاكي يعد رمزا من الرموز الأرثوذكسية لغير الخلقدونيين الكاثوليك, أما القديس توما يعد مبشرا لكل بشرة سمراء في هذه المنطقة.
وأشار القديس أنجيلوس النقلوني بدير رئيس الملائكة ميخائيل بنقادة في البحث الذي قدمه أثناء المؤتمر إلي فهرسة أو تصنيف مخطوطات دير القديس الأنبا باخوميوس بإدفو, وتعد مخطوطات قليلة لا تتعدي أصابع اليد الواحدة, ترجع إلي القرن التاسع عشر وبداية العشرين للراهب مكسيموس الباخومي وهي تتحدث عن الطقس الخاص بأسبوع الآلام وشهر كيهك والتسبحة وبعض سير الآباء القديسين.
ورصد القس أنجيلوس بعض القديسين الصعايدة التي لم تذكر حاليا بالإبصالمودية المطبوعة, وأخذت هذه الدراسة حوالي عام ونصف للوصول لهذه النتائج.
وفي حديث مع الأستاذة أنكي بلوباوم الباحثة في الثقافات أنها اكتشفت في الدراسة لهذه الثقافات الموجودة بالقرب من الحاجر بإدفو أنها تحتوي علي أشكال للحياة اليومية ووجدت بعضا ما يؤكد لوجود إيصالات للضرائب والشحن والمأكولات بحيث تروي هذه الأدلة علي الحياة اليومية التي يعيشها النوبي في الحقبة ما بين القرن الـ8-9 الميلادي.
ثغرات بين الثقافات
وفي حديث مع الدكتور عصام عبد الله أستاذ الفلسفة جامعة عين شمس ومدير وحدة دراسات الحضارات المعاصرة قال: هذا المؤتمر يخدم الوعي المصري بعدم تهميش الحقبة القبطية من التاريخ, وإذا كان هذا الموضوع يتحدث عن التراث والماضي لكنه في حقيقته يتكلم عن المستقبل لأن المشكلة القادمة هي مشكلة ثقافية, بمعني أن الصراع بين الثقافات في الفترة القادمة سيكون علي السطح لأنه صراع علي مصادر المياه في الفترة القادمة وإذا كان الكلام علي النوبيين فستظهر مشكلة المياه والأمن القومي المصري, لأن أفريقيا هي سبب ومصدر صراع العالم, والنوبة هي بوابة أفريقيا وهذا سينعكس علي مصر أيضا.
توثيق تاريخ الرهبنة
وتحدثنا مع الأستاذة هدي جرس مدير المؤسسة القائمة علي هذا المؤتمر التي أكدت أنه لا يوجد أية مشكلات أو معوقات أمام الإعداد لهذا المؤتمر لأن هناك فترة عامين للإعداد له وذلك لتوثيق التاريخ من خلال أبحاث العلماء الأجانب والمصريين لحقبة المسيحية والرهبنة في مصر من وادي النطرون إلي أسوان ثم نقادة وأسوان والمحرق لتغطية الأديرة بتاريخها من خلال الحفريات والمنسوجات والسير والدلائل التي توثق هذا التاريخ للحقبة القبطية.
كنيسة عبد الله نرقي
وأشار الدكتور عاطف نجيب حنا وكيل متحف آثار النوبة أن ورقة البحث التي قدمها في المؤتمر تحدثت عن القطع المسيحية والقبطية المعروضة بآثار أسوان ومنها كنيسة عبد الله نرقي التي تقع في قرية علي بعد 4 كيلومترات شمال معبدي أبو سمبل علي الشاطئ الغربي للنيل وتتكون الكنيسة من ثلاثة أروقة ولها مدخلان وثلاث حجرات الوسطي منها تفتح علي صحن الكنيسة ويوجد هيكل بها, وترجع كنيسة عبد الله نرقي إلي الفترة من عام 650 إلي 800 ميلادية وأهم الرسومات الجدارية بالكنيسة الموجودة حاليا بالمتحف القبطي بالقاهرة ومتحف النوبة بأسوان منذ عام 1997, وهدفه من الدراسة الحفاظ علي مثل هذه الآثار المسيحية بألوانها الخاصة وصيانتها بشكل دائم… وبالتالي إن كان متحف النوبة حاليا خطوة نحو طريق الاعتراف بمصرية النوبيين واعتراف العالم بإقامة مؤتمرات خاصة بالنوبة بل إنه تأسست الجمعية الدولية للدراسات النوبية قبل مثيلاتها المصرية والقبطية, فإن مثل هذه المؤتمرات تغذي الوازع الثقافي والاجتماعي.
المخطوطات… والأساقفة
وقدم الدكتور صموئيل قزمان معوض باحث بقسم القبطيات جامعة مونستر بألمانيا قائمة بالأساقفة ونشأة المسيحية بجزيرة فيلة بأسوان عن طريق شخص اسمه مقدونيوس الذي زار الجزيرة وعرف أنها بدون كنيسة, ثم عين للجزيرة أساقفة كثيرين توالت علي فيلة.
كما قدم القمص بيجول السرياني راهب بدير السيدة العذراء بالسريان دلائل لوجود اتصال ما بين النوبة ووادي النطرون وأثبت ذلك من خلال تاريخ الكنيسة والمخطوطات التي تؤكد علي انتشار المسيحية في النوبة من القرن الـ11 إلي القرن الـ.14
بينما تحرص الدكتورة هيلن موسي المهتمة بالبحث بمتحف القديس مرقس بتورنتو بكندا علي حضور مؤتمرات المؤسسة علي مدار العشر سنوات الماضية لاهتمامها بمثل هذه الأبحاث الخاصة بالتاريخ القبطي والرهبنة خاصة وأن هناك جزءا خاصا بالنوبة بمتحف كنذا التي تعمل به فهذه الدراسة تفيد في معرفة المزيد دائما والمزيد من الاتصال بين الداخل والخارج لنشر الثقافة القبطية الموجودة في مصر إلي الخارج.
وقدمت الدكتورة ماري ميساك المدرس المساعد بقسم إرشاد سياحي بكلية السياحة والفنادق جامعة حلوان للمؤتمر إحدي التجويفات الحنيات من دير قبة الهواء بأسوان وهذا الدير يستمد اسمه من التل المرتفع بغرب النيل ويطل عليه في مواجهة مدينة أسوان وهي تصور منظر صعود السيد المسيح, وناشدت المسئولين بصيانة مثل هذه الأماكن السياحية.
ــــ
علي هامش المؤتمر
كانت هناك زيارات ميدانية في مدينة أسوان لجميع المشاركين بالمؤتمر حيث تم زيارة دير قبة الهواء وذلك عن طريق الانتقال من دير الأنبا هدرا بالجمال, التي يرتزق من العمل عليها النوبيون ثم التنزه عبر النيل بالمراكب حتي الوصول إلي دير قبة الهواء غرب النيل وبه مقبرة خونس التي كانت مأوي لواحد أو أكثر من المتوحدين إبان العصر المسيحي وبجانبه عدد من مقابر النبلاء.
وزيارة رمز الصداقة الكائن بأسوان – رمز الصداقة بين مصر والاتحاد الروسي – ثم إلي السد العالي وكاتدرائية رئيس الملائكة ميخائيل بأبروشية أسوان تحت رعاية الأنبا هدرا, ثم زيارة متحف النوبة الذي قام د.عاطف نجيب وكيل متحف أسوان بشرح محتويات المتحف لجميع المشاركين في الزيارة من أعضاء المؤتمر, ثم القيام بجولة ترفيهية للصوت والضوء بمعبد فيلة.
ويوم آخر للزيارات الميدانية للأعضاء والمشاركين في المؤتمر ثم زيارة دير الأنبا هدرا الأثري, وقام د.جودت جبرة أستاذ الدراسات القبطية بكاليفورنيا بشرح محتويات الدير غرب مدينة أسوان, وقامت هيئة تنشيط السياحة بأسوان برصف الطريق المؤدي إليه وهو امتداد للطريق المؤدي إلي ضريح أغاخان, وحاليا تضع هيئة الآثار المصرية يدها علي الدير لقيمته الأثرية, ويتكون الدير من ثلاثة طوابق لم يبق منها إلا طابقان يظهر بالطابق الثاني منه بوضوح بعض قلالي الآباء الرهبان وأسرتهم الطينية الحجرية وبعض الطاقات التي يبدو أنها كانت تستخدم كدواليب حائطية لوضع الكتب المقدسة.
وبالطابق الأول يوجد الهيكل المقدس وبقي منه بعض معالمه الأساسية وقواعد أعمدة وبعض آثار الصور الدينية مع بعض الحجرات الجانبية بها.