قرأت منذأسابيع حلقةالانتقام الغبيالتي نشرها باب افتح قلبك وتأثرت بها جدا,وترددت كثيرا قبل أن أكتب إليك لكنني حسمت أمري باللجوء للبوح بما في نفسي بعد أن تاكلت قدرتي علي الكتمان,فأنا يا سيدتي الوجه الآخر لصاحبة الانتقام الغبي التي أوردت في قصتها أنها خانت زوجها عبر الإنترنت بالمشاعر فقط,ونصحتيها بالتحرر من الشعور بالذنب شاكرة الله علي أنها لم تقع فريسة في يد رجل يبتذها لاستكمال علاقة غير مشروعة أو التشهير بها.للأسف أنا الوجه الآخر للمشكلة لأنني وقعت فريسة لذاك الرجل الذي تخشين أفعاله.
أنا سيدة في الأربعين من عمري عانيت من شكوك زوجي في سلوكي سنوات طويلة تماما مثل بطلة قصة الانتقام الغبي ولدي ثلاثة أبناء وابنة,جميعهم أصابتهم عقدة الشك مثل أبيهم كنتيجة طبيعية للجو الذي نشأوا فيه,ووجدتني محاصرة ببشر لا هم لهم إلا الهواجس طوال الوقت,احترقت أعصابي تلاشت في قلبي كل بهجة,قضيت فترة تقرب من شهرين في منزل أبي,كان من المفترض أن أقضيها في دار للصحة النفسية بعد أن أصابني انهيار عصبي, ومرت تلك المرحلة بكل ما فيها من آلام وأحزان,واستعدت لياقتي النفسية مرة أخري,ساعدني في ذلك مساندة زملائي في العمل الذين أحاطوني بالرعاية والسؤال المستمر عني,وكان من بينهم الملاك الذي شعرت أن الله أرسله لي حتي أنجو من أغلال الماضي,ربطتني به عاطفة جياشة أغمضت عيني عن كل المحاذير وتجاهلت نداءات الأمومة والعفة واندفعت منساقة بعواطفي لطريق عاقبته هلاك محقق.وإمعانا في السرية أتفقنا علي الحديث عبر الإنترنت تماما مثل بطلة حلقة الانتقام الغبي,ولكن الأمر معي اختلف فقد انتقمت من نفسي بكل السبل وما عادت المشاعر فقط ترضيني,وبدا الملاك شيطانا يغريني في كل لحظة علي اقتراف ما عفت نفسي عنه في صبايا وشبابي,أفقت ولم أجد إلا الحسرة والندم يعتصراني والاضطرابات النفسية تعصف بكل ذرة في كياني,واجهته وطلبت منه أن يترك لي مهلة حتي أتمكن من كسر تعلقي به فأمهلني أسبوعا,لاحقني فيه أكثر مما كان يلاحقني سابقا,وعندما وجد مني الإصرار كشر عن أنيابه قائلاكل أحاديثنا علي الإنترنت مسجلة ومن السهل إرسال نسخة لزوجك وأخري لأبنائك,حتي يسعدوا بك وأنت الضحية التي انهارت سابقا جراء الشكوك الظالمة.
صفعتني المفاجأة فلم أكن أتوقع مثل هذه الندالة منه,أظلمت الدنيا أمامي فبعد أن كدت أتحرر منه ومن إثمي أجدني مجبرة علي الاستمرار معه,خاصة أنه لا زوجة له ولا أبناء فليس لديه ما يخشي عليه مثلي وأنا الآن محطمة,ولا أعرف ماذا أفعل! فقد تحججت مرارا بالمرض وطلبت إجازة من العمل لمدة شهر حتي يتيقن أني مريضة,ثم تعللت بمرض ابنتي,ولكنني الآن فقدت كل الحجج المنطقية لرفضي الاستمرار ولا أخفيك سرا أنا أخشي أفعاله ولم تعد بداخلي المشاعر الأولي التي كانت له,فماذا أفعل؟
لصاحبة هذه المشكلة أقول:
الآن لايفيد البكاء علي اللبن المسكوب فما حدث حدث,والمهم فيما هو آت فلن أحلل معك,لماذا الخيانة؟لأن المقدمات المتشابهة تؤدي إلي نتائج متشابهة وأنت شرحت الظروف والملابسات التي سبقت علاقتك بهذا الرجل وأحمد الله أنك توصلت دون ضغط إلا من نفسك وفطرتك إلي أنه ملاك ولكن من جهنم,فماذا يتبقي عزيزتي حتي تلقي بأيامه عرض الحائط وتلقي بما تبقي من طهارتك في أحضان شكوك أسرتك التي هي من المؤكد أكثر رحمة ورفقا بك أحيانا يجذبنا بريق الذهب,وعندما نقترب إليه ونمتلكه نجد أنه معدن مثل أي معدن آخر,حتي بريقه يخبو بفعل عوامل الجو,ونفاجأ أننا بينما كنا نبحث عنه كانت معادن أخري بأيدينا ربما تكون أقل قيمة وبريقا لكنها أكثر إخلاصا وحماية.
الأمر بدأ بالنسبة لك باهتمام لايعدو اهتمام زميل بزميلة ثم تحول إلي مشاعر والتي بدورها تحولت إلي خيانة,فمعظم النار من مستصغر الشرر وإليك ما يقوله بنيامين فرانكلينواحد من أهم وأبرز مؤسسي الولايات المتحدة الأمريكية.كان مؤلفا,كما كان شخصية رئيسية في التنويرإنه يقول الأسباب الصغيرة لها غالبا نتائج كبيرة,فقدان المسمار أضاع حدوة الحصان وفقدان الحدوة أضاع الحصان,وفقدان الحصان أضاع الفارس.فماذا تنتظرين بعد أن استبقيت وقائع لن يمحوها الزمن من ذاكرتك طالما حييتي,هل أنت مقتنعة أنه سيشهر بك؟هل مقتنعة أنه سيفضحك أمام أبنائك؟سامحيني أنت تخدعي نفسك وتحاولين البحث عن مبررات لاستمرارك في تلك العلاقة, فهل تفضلين أن تبقي أسيرة له تحت دعوي الخوف من الفضيحة,أو مايجري, وما جري سابقا إلم يكن بفضيحة أم أنك تنظرين إلي الفضيحة علي أنها ليست الخطأ وإنما أعلان الخطأ.
سيدتي هذا الرجل إن كان في نيته فضح أمرك سوف يفعل سواء أنصعت لرغبته أم لم تنصاعي,وكل ما يفعله هو تهديدك حتي يستدرجك للاستمرار في العلاقة,لأنه مازال يري منك ميلا لذلك,لكنك إن أبديت قرار حازما صارما سيبتعد عنك,لأنه سيخشي علي الأقل أنتقام زوجك منه أولا قبل أن يكون منك,لاتظلي أسيرة بدعوي حرصك علي أمن أسرتك وأمنك فمن يتخلي عن حريته خوفا علي أمنه,لا يستحق حرية ولايستحق أمنا.